Page 43 - مجلة تنوير - العدد الخامس

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬ ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫هـذه الـدول ‪ -‬لـم يتحقـق‪ ،‬بـل تشـير البيانـات الـواردة‬ ‫القومـي والإنسـاني الشـامل (اقتصاديـا‪ ،‬وسياسـيا‪،‬‬
‫فـي التقاريـر الدوريـة لليونيسـكو والبنـك الدولـي إلـى‬ ‫وثقافيـا‪ ،‬واجتماعيا)مرهونـا بمـا تقدمـه الـدول‬
‫أن الفقـر ازد وتكثفـت حدتـه فـي البلـدان الأكثـر فقـ ار‬ ‫الغربيـة‪ ،‬والمؤسسـات الدوليـة‪ ،‬التـي تسـيطر عليهـا‬
‫فـي إفريقيـا‪ ،‬وخاصـة دول جنـوب الصحـ ارء‪ ،‬ودول‬ ‫نفـس هـذه الـدول‪ ،‬مـن دعـم لحمايـة الأمـن القومـي‬

‫جنـوب شـرق آسـيا‪)13(.‬‬ ‫الداخلـي لـدول المنطقـة العربيـة‪.‬‬

‫ثالثــا‪ :‬العولمــة الليب ارليــة‪ :‬متغيــ ارت معاصــرة‬ ‫إن أروقـة المنظمـة الدوليـة للأمـم المتحـدة ‪-‬‬
‫للاختــ ارق الثقافــي إقليميــا ومحليــا‪:‬‬ ‫ووكالاتهـا الدوليـة المتخصصـة فـي اجتماعاتهـا‪،‬‬
‫وإعـداد ب ارمجهـا‪ ،‬وخططهـا‪ ،‬واتخـاذ ق ار ارتهـا‪،‬‬
‫إذا كانـت العولمـة فـي أبسـط تعريفاتهـا تعنـي فتـح‬ ‫وعضويـة اللجـان الأساسـية بها‪...‬إلـخ ‪ -‬تشـهد منـذ‬
‫أسواق دول العالم لانتقال السلع والخدمات والأموال‬ ‫إنشـائها وحتـى اليـوم حالـة التبعيـة‪ ،‬والعلاقـات غيـر‬
‫والمعلومـات‪ ،‬ومـن ثـم الثقافـات والقيـم الاجتماعيـة‬ ‫المتكافئـة بيـن الـدول المتقدمـة والـدول النامية‪،‬ومنهـا‬
‫الأوروبيـة الغربيـة‪ ،‬وعلـى أرسـها القيـم الأمريكيـة‪،‬‬ ‫الـدول العربيـة (وهـو الأمـر الـذي خبرتـه عـن قـرب‬
‫الأمـر الـذي كان يفـرض السـعي التدريجـي لإلغـاء‬ ‫خـال فتـرة عملـي كسـفير مصـر ومندوبهـا الدائـم‬
‫الحواجـز الجمركيـة مـن جهـة‪ ،‬وتقليصنفـوذ الدولـة‬ ‫لـدى منظمـة الأمـم المتحـدة للتربيـة والثقافـة والعلـم‬
‫القوميـة مـن جهـة أخـرى‪ ،‬فـإن ثـورة الاتصـالات‬ ‫«اليونسـكو» فـي الفتـرة بيـن عامـي ‪: 2005‬‬
‫وتكنولوجيـا المعلومـات‪ ،‬ومـن ثـم ظهـور المجتمـع‬ ‫‪ ،)2009‬ومـا صاحبهـا مـن محـاولات للمجموعـة‬
‫المعلوماتـي المعولـم كانـت الآليـة الرئيسـية لتحقيـق‬ ‫العربيـة بقيـادة مصـر بتقديـم مشـاريع قـ ار ارت ثقافيـة‬
‫وتعليميـة لصالـح الـدول العربيـة‪( ،‬كفلسـطين وسـوريا‬
‫أهـداف العولمـة الليب ارليـة تلـك‪.‬‬ ‫والعـ ارق فـي ‪ 2006‬و ‪ ،)2007‬أوبدعـم ترشـح‬
‫إحـدى الـدول العربيـة‪ ،‬التـي يتـم اسـتبعادها مـن‬
‫يـرى المهتمـون بقضايـا العولمـة مـن العلمـاء‬ ‫عضويـة لجـان العملالرئيسـية والفاعلـة فـي المنظمـة‬
‫والكتاب والمثقفين أن التحولات الكبرى التي عايشها‬ ‫(كسـوريا والعـ ارق فـي ‪ 2007‬و ‪ ،)2008‬أولدعـم‬
‫المجتمـع الدولـي بانهيـار الاتحـاد السـوفييتي وتحلـل‬ ‫ترشـح إحـدى الـدول لرئاسـة المنظمة(كمصـر فـي‬
‫الـدول الأوروبيـة الشـرقية فـي بدايـات تسـعينيات‬
‫القـرن العشـرين كان الدعامـة الرئيسـية لتبريـر‬ ‫سـبتمبر ‪.)2009‬‬
‫تشـكيل إطـار جديـد للعلاقـات بيـن دول العالـم تمثـل‬
‫ومـن اللافـت للنظـر أن الهدفيـن الرئيسـيين‬
‫فـي العولمـة‪.‬‬ ‫الإنمائييـن للألفيـة الثالثـة لـدى الأمـم المتحـدة فـي‬

‫وقـد اعتمـد هـذا الإطـار «النيوليب ارليـة»‪ ،‬ذلـك‬ ‫حقبـة العولمـة الليب ارليـة تمثلـت فـي‪:‬‬
‫الـذي يقـدس نظـام السـوق‪ ،‬والبقـاء للأقـوى‬
‫اقتصاديـا‪ ،‬مـع التأكيـد علـى هامشـية البعـد‬ ‫ ‪1-‬القضاء على الفقر‪.‬‬
‫الاجتماعـي والعدالـة الاجتماعيـة‪ ،‬أو بالأحـرى‬ ‫ ‪2-‬تمكين الم أرة‪.‬‬
‫العمـل علـى عـدم عرقلـة أو إبطـاء مسـائل العدالـة‬
‫الاجتماعيـة والسياسـات الاجتماعيـة مـن سـيولة‬ ‫ورغـم تحقيـق إنجـا ازت لا بـأس بهـا للهـدف الثانـي‬
‫(تمكيـن المـ أرة فـي الـدول الناميـة والأكثـر فقـ ار)‪ ،‬فـإن‬
‫ومرونـة تحقيـق العولمـة‪)14(.‬‬ ‫تحقيـق هـدف القضـاء علـى الفقـر ‪ -‬أو دعونـا نقـول‬
‫بصياغة علمية‪ :‬الحد من الفقر وآثاره السـلبية على‬
‫لقـد أثـرت العولمـة النيوليب ارليـة علـى أدوار الدولـة‬
‫الوطنيـة‪ ،‬وحتمـت التخلـي عـن «العقـد الوطنـي‬

‫‪43‬‬