Page 47 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 47

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

   ‫الأكبـر مـن التركيبـة السـكانية المصريـة‪)21(.‬‬            ‫تدخـل الدولـة ‪ -‬وتقليـص أدوارهـا الاقتصاديـة‪:‬‬
                                                            ‫الإنتاجيـة والخدميـة ‪ -‬أصبحـت الهجـرة المشـروعة‬
‫ويعتمـد هـذا الرفـض علـى أن الديـن الإسـامي‬                 ‫وسـيلة أبنـاء الفئـات الاجتماعيـة الوسـطى‪ ،‬لتحسـين‬
‫أنصـف المـ أرة فـي محكـم آيـات القـرآن الكريـم والسـنة‬      ‫فـرص عملهـم ومعيشـتهم‪ ،‬وضمـان فـرص تعليـم‬
‫النبويـة الشـريفة‪ ،‬وأن تحديـد ملامـح وضـع المـ أرة‬          ‫أفضـل لأبنائهـم فـي دول المهجـر الغنيـة‪ ،‬وأصبحـت‬
‫فـي المجتمـع تحكمـه علاقـة الرجـل بالمـ أرة‪ ،‬كمـا‬           ‫موجـات الهجـرة غيـر المشـروعة وسـيلة أبنـاء الفئـات‬
‫نصـت عليـه قوانيـن الأحـوال الشـخصية‪ ،‬المسـتمدة‬             ‫الاجتماعيـة محـدودة الدخـل‪ ،‬لمواجهـة تحديـات‬
‫بالأسـاس مـن الشـريعة الإسـامية‪ .‬مـن ثـم ليسـت‬              ‫العولمة وتهديدها لإمكانات فرص عملهم‪ ،‬وتحسين‬
‫هنـاك وجاهـة للحديـث أو المعالجـات العلميـة أو‬
‫الثقافيـة لمسـألة إحقـاق حقـوق المـ أرة فـي المجتمـع‬                ‫مسـتوياتهم المعيشـية فـي مجتمهـم‪)20(.‬‬
‫المصـري‪ ،‬فهـي ليسـت إلا اخت ارقـات ثقافيـة غربيـة‬
                                                            ‫وتعـد قضايـا حقـوق الإنسـان‪ ،‬وحريـة الـ أري‬
               ‫دخيلـة علـى المجتمـع الإسـامي‪.‬‬               ‫والتعبيـر‪ ،‬والمجتمـع المدنـي‪ ،‬وتمكيـن المـ أرة‪ ،‬أبـرز‬
                                                            ‫القضايـا الاجتماعيـة الثقافيـة التـي أسـفرت عنهـا‬
‫هنـا يجـب علينـا م ارجعـة الكتابـات والنقاشـات‬              ‫المتغيـ ارت الدوليـة الثقافيـة‪ ،‬ووجـدت صـدى واسـعا‬
‫التـي ظهـرت وتناولهـا الإعـام المرئـي والمسـموع‬             ‫لهـا فـي المنطقـة العربيـة‪ ،‬وفـي مصـر تحديـداً منـذ‬
‫والمقـروء منـذ الإعـان عـن القـ ارر الجمهـوري‬               ‫بدايـة الألفيـة الثالثـة‪ ،‬وذلـك فـي ظـل اسـتحكام‬
‫بإنشـاء المجلـس القومـي للمـ أرة عـام ‪ ،2000‬ومـا‬            ‫وطـأة العلاقـات غيـر المتكافئـة بيـن الثقافـة الغربيـة‪/‬‬
‫تبعـه مـن مشـاريع قوانيـن‪ ،‬خاصـة بالمـ أرة والأسـرة‪،‬‬        ‫الأمريكيـة المعولمـة‪ ،‬والثقافـة المحلية‪/‬التقليديـة‬
‫ومنهـا قانـون الأحـوال الشـخصية‪ ،‬والـذي أخـذ مـن‬
‫مجلـس الشـعب العديـد مـن الجلسـات‪ ،‬نظـ اًر لتسـجيل‬                                    ‫للمجتمعـات العربيـة‪.‬‬
‫جميع الأعضاء لطلب الكلمة لمناقشة هذا القانون‪،‬‬
‫والاعتـ ارض علـى بعـض مـواده‪ ،‬وخاصـة مـادة رقـم‬             ‫ولنأخـذ تحديـداً قضيـة حقـوق المـ أرة فـي المجتمـع‬
‫‪ 18‬الخاصـة بالخلـع‪( ،‬وهـو الأمـر النـادر الحـدوث‬            ‫المصـري‪ ،‬وآليـات تمكينهـا منـذ الألفيـة الجديـدة‬
                                                            ‫وحتـى الآن‪ .‬فإحقـاق الحقـوق الإنسـانية أمـر لا‬
                  ‫فـي جلسـات مجلـس الشـعب)‪.‬‬                 ‫يختلـف عليـه البشـر فـي أي مـكان بالعالـم‪ .‬إلا أن‬
                                                            ‫قضيـة حقـوق المـ أرة‪ ،‬ومعالجتهـا بالد ارسـة والتحليـل‬
‫مـا أعنيـه فـي هـذا الإطـار هـو أننـا لا بـد أن نكـون‬       ‫والتفسـير فـي المجتمـع المصـري غالبـا مـا كانـت‬
‫علـى وعـي تـام بـأن عمليـة التغييـر الثقافـي المتعمـدة‬      ‫تواجـه بالانتقـادات‪ ،‬والرفـض المجتمعـي فـي كثيـر‬
‫تعـد أصعـب عمليـات التغييـر التـي يمكـن أن تنجـز‬            ‫مـن الأحيـان‪ .‬الأمـر الـذي يرجـع إلـى سـيطرة الثقافـة‬
‫فـي أي مجتمـع‪ ،‬ومـن ثـم فـإن القـ ار ارت العليـا ‪-‬‬          ‫الذكوريـة وسـطوتها تـارة‪ ،‬تلـك الثقافـة التـي يتبناهـا‬
‫التـي تسـعى لهـذا النـوع مـن التغييـر ‪ -‬يجـب أن‬             ‫الكثيـر مـن أفـ ارد المجتمـع إناثـا وذكـو ار علـى حـد‬
‫تهتـم وتأخـذ فـي اعتبارهـا ردة الفعـل الاجتماعـي‬            ‫سـواء‪ ،‬أو مـن الثقافـة الدينيـة غيـر الصحيحـة‪ ،‬تـارة‬
‫علـى هـذه القـ ار ارت قبـل اتخاذهـا‪ ،‬بـل وأن تسـعى‬          ‫أخـرى‪ .‬تلـك الثقافـة يتمسـك بهـا الكثيـر مـن أفـ ارد‬
‫إلـى تحضيـر المجتمـع بفئاتـه الاجتماعيـة المختلفـة‬          ‫المجتمـع‪ ،‬وخاصـة بيـن أعـداد الأمييـن وأشـباه‬
                                                            ‫الأمييـن فـي الفئـات الاجتماعيـة محـدودة المـوارد‪،‬‬
                ‫لهـذا النـوع مـن التغييـر الثقافـي‪.‬‬         ‫ومـن ثـم محـدودة الثقافـة العامـة والدينيـة‪ ،‬والذيـن‬
                                                            ‫يسـهل بالتالي تشـكيل عقولهم‪ ،‬وهم للأسـف القطاع‬
‫ويتأتـى ذلـك بالاسـتخدام الأمثـل لوسـائل التنشـئة‬
‫الاجتماعيـة‪ ،‬ووسـائط الضبـط الاجتماعـي‪،‬‬

                                                        ‫‪47‬‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52