Page 46 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 46
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
المنتمينلهـذه الفئـة ،بيـن منظومـة القيـم الجديـدة الـدول العربيـة عـن ثقافاتهـا التقليديـة المحليـة،
(ال ُمعولمـة) ،ومنظومـة القيـم التقليديـة (المحليـة) ،وتتبنـى وتدافـع ،بـل وتُسـيد الثقافـة الغربيـة ،كونهـا
التـي أطلـق عليهـا عالـم الاجتمـاع الفرنسـي الشـهير ثقافـة الأقـوى محليـا ودوليـا.
وتؤكـد مقـولات نظريـة التحديـث فـي علـم الاجتماع «إميـل دوركايم»حالـة «الكثافـة الأخلاقيـة» ،الأمـر
السياسـي علـى أهميـة تبنـي الـدول الناميـة للثقافـة الـذي يسـفر فـي النهايـة عـن انح ارفهـم عـن قيـم كل
الغربيـة ،والتـي تعـد مـن وجهـة نظرهـم الآليـة مـن الثقافتيـن ،ومـن ثـم الوصـول إلـى مـا يعـرف
الفاعلـة والمؤكـدة لبلـورة النظـم السياسـية الديمق ارطيـة
الليب ارليـة فـي تلـك االـدول .حيـث يـرى علمـاء هـذه «بحالـة الأنومـي» ،أو «حالـة الـا معياريـة».
النظريـة فـي عمليـة التعـرف علـى الثقافـة الغربية،من
وهنـا يجـب أن نلفـت الانتبـاه إلـى أن هـذه الحالـة
إذا اتسـعت دائرتها في المجتمع سـنكون أمام مشـكلة
اجتماعيـة شـديدة الخطـورة ،خاصـة إذا مـا انتشـرت خـال عمليـة “الاحتـكاك الثقافـي» بالثقافـة
بين الفئات الاجتماعية «المحرومة منالموارد” ،وهي الغربيةبكلأشكالها(المباشـرة وغيـر المباشـرة) ،وهـو
أكثر الفئات ذات الثقل السكاني الأكبر في المجتمع ،الأمـر الـذي يسـهل عمليـة «الانتشـار الثقافـي” لهـا
والأكثـر معانـاة مـن التداعيـات السـلبية للعولمـة فـي فـي دول العالـم غيـر الأوروبيـة ،ومـن ثـم تبنـي
أي مجتمـع ،مـن ارتفـاع لأسـعار السـلع والخدمـات شـعوب هـذه الـدول للثقافـة الغربيـة المعولمـة.
تـرى نظريـة التحديـث أيضـا أن هـذه الخطـوات الأساسية ،وارتفاع لمعدلات البطالة ،وسوء الخدمات
سـتؤدي وبالضـرورة إلـى تخلـي مجتمعـات الـدول التعليمية والصحية والثقافية ( .ارجع:مسببات أحداث
الناميـة عـن ثقافتهـا التقليديـة القائمـة علـى العلاقـات الحـركات الاجتماعيـة ،والهبـات الجماهيريـة ،فـي
القبليـة والعائليـة ،وتتمسـك بـدلا مـن ذلـك بالمنظومـة
ينايـر ،1977وينايـر .)2011
الثقافية الغربية المؤكدة على القيم الفردية ،والتمركز تشهد مجتمعات الدول النامية -في ظل العولمة
حـول الـذات ،والنجـاح الفـردي ،والعقلانيـة والرشـد، الليب ارليـة -ظاهـرة التشـديد علـى دور»القـوى
وأن تبنـي الثقافـة الغربيةمـن قبـل القـوى الاجتماعيـة الناعمـة» ،والمتمثلـة بالأسـاس فينشـر الثقافـة
الغربيـة بـكل آلياتهـا التقليديـة (كالسـينما ،والد ارمـا الفاعلـة فـي المجتمـع (كأعضـاء البرلمـان ،وأعضـاء
الأمريكيـة ،والصحافـة والإعـام المرئـي والمسـموع ،الحكومـة ،ورجـال الأعمـال ،والإعـام ،والكتـاب
تلـك التـي تعـرض بالتفصيـل لنمـط الحيـاة الغربيـة والأكادميين)هـو مـا سـيعمل علـى بـروز الإ اردة
والأمريكية ،ومنظومة القيم والسلوكيات الاجتماعية الداخليـة لشـعوب وحكومـات هـذه المجتمعـات
الحاكمـة لعلاقـة أفـ ارد المجتمـع ببعضهـم البعـض ،فيالقيـام بعمليـة «المحـاكاة الثقافيـة» إ ارديـا)19(.
تعـد موجـات الهجـرة الخارجيـة ،بأشـكالها وعلاقـة الرجـل بالمـ أرة ،وعلاقـة الحاكـم والحكومـة
وأنماطهـا المختلفـة ،أحـد أبـرز الظواهـر الاجتماعيـة بالمحكوميـن ،وعلاقـة أفـ ارد المجتمـع بمؤسسـات
السـلبية التـي حتمتهـا العولمـة الليب ارليـة فـي بعـض الدولـة الخدميـة ،والسياسـية ،وحقـوق وواجبـات
الـدول العربيـة ومنهـا مصـر .حيـث تجـذب البلـدان
الأف ارد...إلـخ).
تلـك الآليـات التـي تعززهـا اليـوم وتكثفهـا وسـائل الغنيـة المهاجريـن ،وخاصـة مـن البلـدان التـي يشـكل
الإعـام الجديـد ،ومنهـا المواقـع والمنصـات فيها الشباب القطاع الأكبر من السكان ،وهو الأمر
الإلكترونيـة ،ومواقـع التواصـل الاجتماعي المختلفة .الـذي تتميـز بـه التركيبـة السـكانية المصريـة .ففـي
ومـع كثافـة التعـرض لهـذه الثقافـة تتخلـى شـعوب ظـل الارتبـاط بمنظومـة العولمـة ،والحـد مـن سـيطرة
46