Page 48 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 48

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫كالمؤسسـات التعليميـة والإعلاميـة والدينيـة علـى مـا تحملـه مـن موروثـات وقيـم وأعـ ارف اجتماعيـة‬

‫المـدى الطويـل‪ ،‬أي بإعـداد أجيـال جديـدة وتنشـئتها حاكمة في ذات الوقت ـ يمكننا أن نستشعر حجم‬

‫الصـ ارع الثقافـي الـذي يمكـن أن يحـدث بيـن داعمـي‬          ‫وفقـا لمبـادئ وقيـم هـذه الثقافـة الجديـدة‪.‬‬

            ‫أما على المسـتوى المتوسـط والقريب فيمكن إعداد الثقافتيـن مـن مواطنـي نفـس الدولـة‪.‬‬
‫أفـ ارد المجتمـع وتهيئتهـم لتقبـل القيـم الاجتماعيـة وقـد تكـون السـجالات الثقافيـة فـي المؤتمـ ارت‬

‫الجديـدة مـن خـال ب ارمـج التوعيـة المكثفـة المباشـرة والنـدوات العلميـة ــ وكـذا فـي الب ارمـج الحواريـة‬

‫فـي أماكـن العمـل‪ ،‬ووسـائل الإعـام‪ ،‬ودور المتلفـزة‪ ،‬ناهيـك عمـا يحـدث بيـن أفـ ارد الأسـرة‬
‫العبادة‪...‬إلـخ‪ ،‬وذلـك قبـل اتخـاذ القـ ار ارت الفوقيـة الواحـدة مـن تناقضـات ثقافيـة ــ أمثلـة واقعيـة لحالـة‬

‫تلـك‪ ،‬حتـى يتـم ضمـان تقبـل الجـزء الأكبـر مـن الصـ ارع الثقافـي‪ ،‬الـذي يرفـض فيهـا كل تيـار آ ارء‬

‫الكتلة السكانية لهذه الق ار ارت‪ ،‬التي هي في الأصل الآخـر وحججـه‪ ،‬الأمـر الـذي يتضـح بجـاء فـي‬
     ‫تصـدر لتحقيـق مصالحهـم‪ ،‬ومصلحـة أسـرهم‪ ،‬ومـن علاقـة جيـل الوالديـن بالأبنـاء اليـوم‪)23(.‬‬

‫ويمكـن القـول ‪ -‬فـي هـذا السـياق ‪ -‬إن ذلـك‬                  ‫ثـم مصلحـة الدولـة بوجـه عـام‪)22(.‬‬

‫	 تعايش المجتمعات العربية في ظل العولمة الصـ ارع الثقافـي قـد عمـق مـن أزمـة الهويـة‪ ،‬وأدى‬

‫الليب ارليـة أزمـة هويـة ثقافيـة‪ .‬أزمـة تتمثـل فـي وجـود فـي ذات الوقـت إلـى إبـ ارز أزمـة الانتمـاء فـي‬

‫ثقافتيـن متناقضتيـن‪ ،‬ثقافـة دينيـة ثابتـة‪ ،‬ذات جـذور المجتمـع المصـري‪ ،‬التـي كشـفت عـن ملامحهـا‬

‫محلية‪/‬إقليميـة‪ ،‬وثقافـة علمانيـة متغيـرة ذات أصـول فـي صـورة الانتمـاء للكنيسـة (للديانـة المسـيحية)‬

‫والانتمـاء للجامـع (للديانـة الإسـامية) أكثـر مـن‬           ‫غربية‪/‬وافـدة‪ .‬وتتكثـف آثـار هـذا المتغيـر الثقافـي‬
‫الانتمـاء للوطـن الواحـد‪ ،‬الأمـر الـذي مـن شـأنه أن‬         ‫تحديـدا فـي المجتمـع المصـري‪ ،‬كـون المجتمـع‬
‫يقـود إلـى التطـرف الدينـي مـن أي مـن الطرفيـن‬              ‫المصـري بلـد الأزهـر الشـريف‪ ،‬ويـدرس قطـاع كبيـر‬

‫مـن طـاب المـدارس والجامعـات بمصـر فـي كليـات تجـاه الآخـر‪)24(.‬‬

‫ارب ًعـا‪ :‬رؤيـة مقترحـة لمواجهـة التأثيـ ارت السـلبية‬       ‫جامعـة الأزهـر‪ ،‬التـي لا تقتصـر علـى تدريـس‬
‫علـى مسـتقبل العلاقـات المصريـة الأمريكيـة فـي‬              ‫الفقـه والشـريعة وأصـول الديـن فقـط‪ ،‬بـل يلتحـق‬
                                                            ‫قطـاع كبيـر مـن الطـاب بالكليـات المدنيـة العلميـة‬
                           ‫المجـال الاجتماعـي‪:‬‬              ‫والنظريـة التـي تشـملها منظومـة التعليـم بجامعـة‬
                                                            ‫الأزهـر‪ .‬هـذا عـاوة علـى مـدارس الأزهـر الممتـدة‬
‫قبـل البـدء فـي تقديـم رؤيـة مقترحـة لمواجهـة‬               ‫بطـول الجمهوريـة‪ ،‬وبـكل المحافظـات ويلتحـق بهـا‬
‫الـتأثي ارت السلبية على العلاقات المصرية الأمريكية‬           ‫القطـاع الأكبـر مـن أبنـاء فئـة محـدودي المـوارد‪.‬‬
‫فـي المجـال الاجتماعـي‪ ،‬أُشـدد علـى مسـألتين‬
                                                            ‫وفـي ظـل الضغـوط الخارجيـة للعولمـة الثقافيـة ــ‬
   ‫تمثـان قاعـدة الانطـاق لتقديـم هـذه الرؤيـة‪:‬‬             ‫المتمثلـة فـي الاختـ ارق الثقافـي الليب ارلـي الأمريكـي‪،‬‬
                                                            ‫تلـك الثقافـة التـي تواجـه الفـرد عبـر وسـائل الإعـام‬
‫الأولـى‪ :‬وتتمثـل فـي الحقيقـة التـي مؤداهـا أن‬              ‫المختلفـة القديـم منهـا والجديـد‪ ،‬فـي كل تعاملاتـه‬
‫العولمـة بـكل أنماطهـا‪ ،‬وآليـات إنفاذهـا مـن قبـل‬           ‫اليوميـة الأسـرية والعامـة‪ ،‬وتواجـه أيضـا الدولـة‬
‫الاقتصـاد الليب ارلـي بقيـادة أمريـكا‪ ،‬وبـكل سـلبياتها‬      ‫ومؤسسـاتها التعليميـة والإعلاميـة والسياسـية‬
‫التـي تواجـه دول العالـم‪ ،‬وخاصـة الناميـة‪ ،‬والعربيـة‬        ‫والثقافيـة‪ ،‬وفـي ظـل انتشـار الثقافـة التقليديـة‪ ،‬بـكل‬
‫منهـا علـى وجـه التحديـد‪ ،‬ليسـت كلهـا سـلبية‪،‬‬
‫فالعولمـة ليسـت تحديـات وسـلبيات علـى كل الـدول‬

                                                        ‫‪48‬‬
   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53