Page 44 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 44
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الاجتماعيةلمجتمعـات دول القـارة العجـوز ،بعـد تفرد الضمنـي» ،ودعـت إلـى الحـد مـن تدخـل الدولـة
الولايـات المتحـدة بالسـيطرة علـى مقـد ارت العالـم فـي فـي الشـئون الاقتصاديـة والاجتماعيـة والثقافيـة
والسياسـية .وممـا لا شـك فيـه أن هـذا التخلـي عـن
حقبـة الحـرب البـاردة).
ولا شك في أن هذه المتغي ارت المصاحبة للعولمة الب ارمـج الوطنيـة للدولـة أثـر سـلبا علـى أوضـاع
الليب ارليـة قـد أثـرت علـى المسـتوى الإقليمـي العربـي، الفئـات الاجتماعيـة محـدودة المـوارد ،وإن لـم يؤثـر
والمحلـي المصري.حيـث أصبحنـا جميعانلاحظاليـوم سـلبا علـى الفئـات الاجتماعيـة القـادرة علـى مواجهـة
مـا حـاق باللغـة العربيـة مـن تشـوهعبر وسـائل العولمـة وتحقيـق إشـباعاتها ومصالحهـا فـي ظلهـا.
التواصـل الاجتماعـي المختلفـة ،جـ ارء تفضيـل
إذا كان الهـدف الرئيسـي للعولمـة النيوليب ارليـة هـو
الهيمنـة الاقتصاديـة ،فمـن المنطقـي أن تهـدف ،اسـتخدام اللغـة الإنجليزية/الأمريكيـة فـي التعامـات
وتسـعى بـكل السـبل إلـى تحقيـق الهيمنـة الثقافيـة اليوميـة سـواء فـي مجـال العمـل ،أو فـي التعامـات
الغربية(الأمريكيـة) علـى السـياقات الثقافيـة للـدول الخاصـة.
وتشـويه اللغـة العربيـة لايتـم فقـط باسـتخدام الناميـة ،بـل ودول العالـم أجمـع ،تلـك الثقافـة التـي
الكلمـات والعبـا ارت الإنجليزيـة فـي الأحاديـث تعمل بشـكل مباشـر علىاخت ارق حياة البشـر ،وتغيير
العامـة ،وذلـك عوضـا عـن مت اردفاتهـا العربيـة، قيمهـم الاجتماعيـة ،ورؤاهـم وأفكارهـم ،بـل ورؤيتهـم
أو باسـتخدام الأسـماء الأجنبيـة للمحـال التجاريـة، للعالم )15(،ومن ثم سلوكياتهم وتفضيلاتهم ،والتي
والـذي انسـحب مؤخـ ار علـى أسـماء الشـركات، فـي ضوئهـا تتحقـق الهيمنـة الاقتصاديـة طواعيـة.
ففـي ظـل الاقتصـاد الليب ارلـي المعاصـر حتمـت ومؤسسـات العمـل ،بـل بالاسـتغناء عـن الحـروف
العولمـة آليـة تسـليع الثقافة،وتشـييئالقيم الاجتماعيـة ،العربية تماما ،واسـتبدالها بالأحرف اللاتينية ،تشـبها
والعلاقـات الاجتماعية،بحيـث يصبـح لـكل ماهـو باللغـات الأجنبيـة .والواقـع يشـير إلـى أن كل مـا
ثقافـي ،أو اجتماعـي قيمتـه السـلعية.من هنـا يتـم تقـدم صاحبـه انحسـارملحوظ لظاهـرة القـ ارءة بشـكل
التحكـم وتوجيـه النظـم الاقتصاديـة والسياسـية لـدول عـام ،وانخفـاض معدلاتهـا فـي الـدول العربيـة.
مـن أبـرز مـا تمخضـت عنـه العولمـة الليب ارليـة العالـم مـن سـلطة ماديـة جديـدة خارجيةغيـر مرئيـة
فـي العقـود الأخيـرة أيضـا كان موجـة اندفـاع لأفـ ارد المجتمـع (وغيـر مدركـة للعامـة) فـي هـذه
الحكومـات العربيـة -ومنهـا مصـر -للتحـول الـدول ،وهـو الأمـر الـذي يسـهل ،ليـس فقـط مـن
للتعليـم الخـاص والأجنبـي باهـظ التكاليففـي م ارحـل إعـادة هيكلـة النظـم الاقتصاديـة ،وإصـاح النظـم
التعليـم الجامعـي وقبلالجامعـي ،والـذي جـاء علـى السياسـية بهـا ،بـل يعبـد الطريـق لمـرور القيـم
حسـاب التعليـم العـام العربـي المحـدد الأسـعار، الثقافيـة الأمريكيـة إلـى الحيـاة اليوميـة لشـعوبها ،بـل
الـذي كان وسـيلة الطبقـة الوسـطى ،وكـذا الدنيـا وقبولهـم وتفضيلهـم واسـتدماجهم لهـا ،لكونهـا ثقافـة
فـي تحقيـق قـدر جيـد مـن “ أرس المـال الثقافـي»،
النظـم الأقـوى والأكثـر تقدمـا.
ومـن ثـم الاجتماعيوالاقتصـادي )16(.وهـو الأمـر (تجـدر الإشـارة هنـا إلـى أن حتـى الـدول الأوروبيـة
الـذي حتمهانحسـار دور الحكومـة ،وتقليـص أدوارهـا ال أرسـمالية الكبـرى ،ألمانيـا وفرنسـا تحديـدا،
الخدميـة والإنتاجيـة فـي ظـل تداعيـات العولمـة. عايشـت هـي ذاتهـا منـذ بدايـات حقبـة الثمانينيـات
مـن القـرن الماضـي حالـة مـن الحـذر ،والخشـية
هـذا عـاوة علـى مـا أسـهمت بـه هـذه السياسـات مـن تغلغـل واختـ ارق الثقافـة الأمريكيـة بقيمهـا
44