Page 125 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 125

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                         ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫يؤكـد ويليامـز أي ًضـا علـى د ارسـة الثقافـة الشـعبية‬              ‫‪CCCS‬مـن خـال القيـام بمجموعـة د ارسـات عـن المـ أرة‬
‫والثقافـة العاديـة‪ ،‬وأوضـح أن ك َّل ثقافـ ٍة يمكـن الهيمنـة‬        ‫داخـل المركـز‪ ،‬والتـى تـم نشـرها م ًعـا بمجلـة «المـ أرة‬
‫عليهـا لفتـرة مـن الزمـن لا يمكـن أن تسـمى ثقافـة شـعبية‪،‬‬
‫ومـن أجـل التفرقـة بيـن الثقافـة العاديـة والشـعبية‪ ،‬أوصـي‬                                      ‫قادمـة» عـام ‪.1978‬‬

               ‫ويليامـز بتحليـل كامـل للثقافـة نفسـها‪.‬‬             ‫كانـت الد ارسـات الثقافيـة البريطانيـة مهتمـة جـًدا‬
                                                                   ‫بأبنيـة السـلطة التـي تنقلهـا الثقافـة الشـعبية عنهـم إليهـم؛‬
‫كمـا نحتـاج إلـى التمييـز بيـن ثلاثـة مسـتويات مـن‬                 ‫لأن الثقافـة الشـعبية المجتمعيـة اتسـمت بأنهـا ذاتيـة‬
‫الثقافـة‪ ،‬حتـى فـي معظـم أشـكال الثقافـة العامـة‪ ،‬هنـاك‬            ‫المنشـأ‪ ،‬أمـا الهيمنـة تنقـل مـرة واحـدة وهـي أنشـئت مـن‬
‫ثقافة عاشت في وقت ومكان معين‪ ،‬ولا يمكن الوصول‬                      ‫خـال الثقافـة الشـعبية؛ لأن الجماهيـر لا تـ ازل غيـر‬
‫إليهـا بالكامـل إلا لأولئـك الذيـن يعيشـون فـي ذلـك الوقـت‬         ‫مدركة لخضوعها‪ ،‬وأشـار ريتشـارد هوجارت ‪Richard‬‬
‫والمـكان‪ ،‬فهنـاك نـوع يسـمى الثقافـة المسـجلة بدايـ ًة مـن‬         ‫‪ Hoggar‬فـي كتابـه «اسـتخدامات الثقافـة (‪،)1990‬‬
‫الفـن إلـى معظـم الحقائـق اليوميـة وثقافـة الفتـرة‪ ،‬وهنـاك‬         ‫شـرح خلالـه طبيعـة هـذه التبعيـة علـى النحـو التالـي‪:‬‬
‫عامـل يربـط بيـن الثقافـة الحيـة وثقافـات الفتـرة وثقافـة‬
                                                                   ‫ضمـان منـع «تدهـور» الجماهيـر اقتصادًّيـا والتجـارة‬
                                 ‫التقليـد الاختيـاري‪.‬‬              ‫التنافسـية؛ لـذا يصبـح شـكلاً جديـًدا وأقـوى فـي الخضـوع؛‬
                                                                   ‫هـذا الخضـوع أقـوى مـن الشـكل القديـم لأن سلاسـل‬
‫إن تعريـف الثقافـة الشـعبية المسـيء والخاطـئ فـى‬                   ‫التبعيـة الثقافيـة يسـهل ارتداؤهـا لصعوبـة ضربهـا للتبعيـة‬
‫(الصحـف التجاريـة والمجـات ووسـائل الترفيـه ومـا إلـى‬
                                                                                                         ‫الاقتصاديـة‪.‬‬
                 ‫ذلـك) مـع «ثقافـة الطبقـة العاملـة»‪:‬‬
                                                                   ‫وكان الموضـوع المهيمـن فـي مدرسـة برمنجهـام هـو‬
‫فـي الواقـع‪ ،‬يكمـن المصـدر الرئيسـي «للثقافـة‬                      ‫نظريـة الهيمنـة؛ لأن لهـا أهميـة فـي الد ارسـات الثقافيـة‪،‬‬
‫الشعبية» خارج الطبقة العاملة تما ًما؛ لأنه يتم تأسيسها‬             ‫قـد لاحـظ أن الثقافـة الشـعبية ​تعبـر مـرة آخـرى عـن‬
‫مـن خـال تمويـل وتشـغيل البرجوازيـة التجاريـة‪ ،‬وتهتـم‬              ‫الهيمنـة فـي الإطـار الثقافـي الـذي كان سـائًدا فـي‬
‫عـادة ال أرسـمالية بأسـاليبها الإنتاجيـة والتوزيعيـة‪ ،‬وربمـا‬       ‫الأوسـاط الأكاديميـة‪ ،‬وهـذا الإطـار يحـدد سـيادة بنـاء‬
‫يشـكلون هـؤلاء النـاس مـن الطبقـة العاملـة غالبيـة‬                 ‫القـوة المهيمنـة‪ ،‬وماهيـة القوانيـن التـي يجـب اتباعهـا‪،‬‬
‫المسـتهلكين لهذه المواد في الواقع‪ ،‬ومع ذلك لا يفسـرها‬              ‫وماهيـة السـلوك المتعمـد‪ ،‬إلـخ‪ ،‬ووفًقـا لريمـون وليـام‬
                                                                   ‫‪ ،Raymond Williams‬فـإن تحليـل القواعـد العامـة‬
                             ‫هـذا التعريـف البسـيط‪.‬‬
                                                                               ‫فـي المجتمـع تشـرح حقيقتهـا الجوهريـة‪.‬‬
‫كمـا تظهـر الهيمنـة الثقافيـة بشـكل غيـر مباشـر لـدى‬
‫جميـع ناقلـي الثقافـة الشـعبية‪ :‬مـن خـال الأدب والأفـام‬            ‫واهتمـت أي ًضـا بالتركيـز علـى د ارسـة معـا ٍن وقيـم‬
‫والأغانـي والأوبـ ار والعـروض الد ارميـة ومعـارض اللعـب‬            ‫معينـة‪ ،‬وهـي لا تسـعى لوضـع مقيـاس عنـد مقارنتهـا‬
‫واللوحـات الإعلانيـة والصحـف والإعلانـات التجاريـة‪،‬‬                ‫كوسـيلة‪ ،‬ولكـن مـن خـال د ارسـة طـرق التغييـر الخاصـة‬
‫إلـخ؛ لذلـك حتـى مـن دون معرفـة ذلـك‪ ،‬نحـن نبرمـج‬                  ‫بهـم لاكتشـاف بعـض القوانيـن العامـة أو «الاتجاهـات»‪،‬‬
‫باسـتم ارر مـع القواعـد والحقائـق التـي يسـتفيد منهـا‬              ‫والتـي يمكـن مـن خلالهـا فهـم التنميـة الاجتماعيـة‬

             ‫الوضـع ال ارهـن‪ ،‬يقـول ريمونـد ويليامـز‪:‬‬                                    ‫والثقافيـة ككل بشـكل أفضـل‪.‬‬

                                                              ‫‪125‬‬
   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129