Page 122 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 122

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                       ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫الماركسـي الإيطالـي أنطونيـو ج ارمشـي مـن الأمـور‬                ‫‪ /‬العمـل الإثنوج ارفـي‪ ،‬كانـت الجلسـات الأسـبوعية عـادة‬
‫المهمـة بينهمـا؛ حيـث يعـد ج ارمشـي زعي ًمـا فـي الحـزب‬          ‫تتنـاوب بيـن اسـتطلاع النـص الرئيسـي والعـروض‬
‫الشـيوعي لإيطاليـا‪ ،‬وُسـجن مـن قبـل النظـام الفاشـي‬              ‫الفرديـة للعمـل قيـد التنفيـذ‪ ،‬والبعـض كان يضـع فـي‬
‫بينيتـو موسـوليني ‪ ،Benito Mussolini‬وكتـب فـي‬                    ‫وقـت لاحـق العمـل فـي الأو ارق بهـدف تبـادل القضايـا‬
‫السـجن كتـاب «دفاتـر السـجون» عـام ‪ ،1948‬وكان‬                    ‫والمشـاكل كمـا كانـت تعـرض فـي المشـروعات‪ ،‬هـذه‬
‫هدفـه مـن خـال هـذا العمـل هـو فهـم كيـف تكافـح النخبـة‬          ‫الجماعـات كانـت ولا تـ ازل الدعامـة الأساسـية للعمـل‬
‫مـن أجـل الحفـاظ علـى السـيطرة علـى المجتمـع مـن‬
‫خـال المؤسسـات الثقافيـة‪ ،‬بنـاء علـى أعمـال كل مـن‬                                                     ‫فـي الوحـدة‪.‬‬
‫ماركـس ولينيـن‪ ،‬وادعـى أن النخـب الحاكمـة تميـل إلـى‬
‫صياغـة صـورة مـن صـور الهيمنـة مـن خـال الأفـكار‬                  ‫مدرسة بيرمنجهام للد ارسات الثقافية‪ :‬نظرة عامة‬

       ‫الثقافيـة التـي تحفـز علـى موافقـة المحكوميـن‪.‬‬            ‫أدركـت مدرسـة برمنجهـام أهميـة الثقافـة مـن أجـل‬
                                                                 ‫الحفـاظ علـى النظـام السياسـي فـي المجتمـع الحديـث؛‬
‫هـذا الانفصـال بيـن الجماهيـر العريضـة مـن المثقفيـن‬             ‫حيث استعاروا هذه الفكرة من كتاب «الثقافة والفوضى»‬
‫والطبقـة الحاكمـة الـذي حـدث فـي عهـد الإمب ارطوريـة‬             ‫عـام (‪ )1869‬مـن قبـل ماثيـو أرنولـد ‪Matthew‬‬
‫الرومانية‪ ،‬وهو ليس مجرد انفصال اجتماعي بل قومي‬                   ‫‪ ،Arnol‬وأفـكار الصورييـن مثـل ‪ F-R Leavis‬التـي‬
‫وعرقـي‪ ،‬قـد حـدث مـرة أخـرى بعـد سـقوطها‪ ،‬وتشـابكت‬               ‫أثـرت أي ًضـا فـي المدرسـة‪ ،‬وحـاول ريمـون وليامـز‬
‫هـذه الظاهـرة وتداخلـت مـع ميـاد وتطـور الكاثوليكيـة‬             ‫‪ Raymond Williams’s‬تحديـد موقـع لفهـم الثقافـة‬
‫‪ Catholicism‬والتنظيم الكنسـي‪ ،‬الذي اسـتحوذ لقرون‬                 ‫والمجتمـع عـام (‪ )1958‬معار ًضـا ‪ Leavis‬وجماعـة‬
‫عديـدة علـى الأنشـطة الفكريـة‪ ،‬ومـارس احتـكار توجيـه‬             ‫«عـدم الانحيـاز» للباحثيـن المسـتقلين‪ ،‬والتـي ارتبطـت‬
‫الثقافـة‪ ،‬وتوقيـع العقوبـات الجنائيـة علـى كل مـن يحـاول‬         ‫بشـكل فضفـاض (كمـا فـي حالـة اليسـار الجديـد)‬
                                                                 ‫بــالجماعات السياسـية والثقافيـة التـي تعمـل بشـكل عـام‬
          ‫معارضـة هـذا الاحتـكار أو التحايـل عليـه»‪.‬‬             ‫مـن خـال الصـور التعليميـة‪ ،‬وعلـى الرغـم مـن عـدم‬
                                                                 ‫وجودهـا دائ ًمـا بـأي شـكل مـن الأشـكال‪ ،‬لكـن كان للدولـة‬
‫الأهم من ذلك‪ ،‬أن قاعدة الهيمنة هذه كانت مفتوحة‬                   ‫تأثيـٌر غيـر مباشـر علـى المدرسـة‪ .‬بالإضافـة إلـى ذلـك‪،‬‬
‫دائ ًما وتتنازع عليها قوى تتصدي للهيمنة؛ ونتيجة لذلك‬             ‫يمكـن العثـور علـى جماعـة كبيـرة مـن «الاسـتقصاء»‬
‫حدث ص ارع مستمر على الأفكار والمؤسسات الثقافية‪،‬‬                  ‫الثقافـي فـي الممارسـة العمليـة للتجمعـات السياسـية‪،‬‬
‫وأصبـح هـذا التعقيـد فـي الأفـكار فيمـا بعـد مبنًّيـا علـى‬       ‫والفـرق التـي تتعامـل مـع حـالات ومشـكلات معينـة‪،‬‬
‫خدمـات الد ارسـات الثقافيـة علـى نطـاق واسـع‪ ،‬وتحـول‬             ‫وكتـب ريمـون ويليامـز الثقافـة والمجتمـع عـام (‪)1958‬‬
‫علمـاء الخدمـات نحـو وسـائل الإعـام الشـعبية الثقافيـة‬
                                                                      ‫والتـي تناولـت تعقـد الثقافـة البريطانيـة الحديثـة‪.‬‬
             ‫كمواقـع مهمـة لد ارسـة الهيمنـة والمقاومـة‪.‬‬

‫تولى سـتيوارت هول ‪ Stuart Hall‬في عام ‪1968‬‬                        ‫تأثـرت الد ارسـات الثقافيـة البريطانيـة فـي المقـام الأول‬
‫منصب المدير العام لمركز الخدمات ‪ ،CCCS‬وكانت‬                      ‫بالعديـد مـن المفكريـن العظمـاء‪ ،‬منهـم المنظـر الفرنسـي‬
‫الإدارة تحـت رئاسـته‪ ،‬وطبـق لويـس التوسـير علـى‬                  ‫لويس ألتوسير عندما كانت البنيوية الماركسية وكتابات‬

                                                            ‫‪122‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127