Page 118 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 118

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫والعمـل علـى نشـرها وتدعيمهـا داخـل التنظيـم‪ ..‬وفـي تنفيـذ بعـض الأنشـطة العنيفـة‪ .‬وبهـذه الطريقـة‪ ،‬تصبـح‬

‫هـذا السـياق‪ ،‬تحتـاج جميـع المنظمـات الاجتماعيـة الأيديولوجيـة والقـد ارت التنظيميـة القسـرية ممزوجـة‬

‫القسـرية إلـى دعـم شـبكات التفاعـل داخلهـا بروابـط تشـبه بمشـاعر الالتـ ازم العاطفـي والأخلاقـي تجـاه التنظيـم‬

‫روابـط الصداقـة والق اربـة‪ ،‬وهـذا ملحـوظ فـي مجموعـة وأعضائـه‪.‬‬

‫متنوعـة مـن الشـبكات الإرهابيـة‪ .‬علـى سـبيل المثـال‪ :‬الخلاصة‬
             ‫تشـير الجماعـات الإرهابيـة ذات التوجـه القومـي‪ ،‬مثـل‪:‬‬

‫توِّفـر المقاربـات الثقافيـة والأنثروبولوجيـة إسـهامات‬         ‫«نمـور التاميـل» و«حـزب العمـال الكردسـتاني»‪،‬‬

‫بشـكل متكـرر‪ ،‬إلـى «القضيـة المقدسـة للوطـن»‪ ،‬مفيـدة جـًّدا لفهـم الإرهـاب ود ارسـته؛ حيـث يـكاد يكـون‬

‫أو «إخواننـا وأخواتنـا التاميـل‪ /‬الأكـ ارد»‪ .‬وتنشـر مـن الصعـب تصـُّور الإرهـاب مـن دون الأطـر الثقافيـة‪،‬‬

‫الجماعـات الإرهابيـة الدينيـة اسـتعا ارت مماثلـة‪ ،‬مثـل‪ :‬والسـرديات المرتبطـة بالخيـر والشـر‪ ،‬والم ازعـم المعياريـة‬

‫(الأيديولوجيـة والدينيـة) التـي تبـرر الأفعـال العنيفـة؛‬       ‫«إخواننـا المسـلمين»‪« ،‬أخواتنـا وإخواننـا فـي الإسـام»‬
‫ونظًار لأن جميع المنظمات الإرهابية ترِّكز على إرسال‬            ‫(‪ .)Smith 2015; Griffin 2012‬وتجمـع بعـض المنظمـات‬
‫رسائل سياسية معينة‪ ،‬فإنها لا تستطيع العمل من دون‬               ‫العنيفـة بنجـاح بيـن الاسـتعا ارت القوميـة والدينيـة؛ لذلـك‬

‫تسـتخدم الجماعـات الإسـامية والانفصاليـة فـي القوقـاز الأسـس الثقافيـة والسـرديات المعياريـة‪ .‬عـاوة علـى ذلـك‬

‫مفاهيـم الق اربـة والصداقـة لتعبئـة قواعدهـا ودعمهـا‪« :‬إن فـإن التمثـل الثقافـي والتفاعـل الرمـزي والتواصـل‪ ..‬كلهـا‬

‫إقليـم (ك ارسـنودار) هـو فـي الحقيقـة أرض إخواننـا‪ ،‬وهـم عناصـر لا غنـى عنهـا للحيـاة الاجتماعيـة‪ ..‬وفـي هـذا‬

‫مـن أفضـل الإخـوان المسـلمين فـي العالـم» (‪ Griffin‬السـياق‪ ،‬تسـاعدنا المقاربـات الثقافيـة علـى فهـم كيـف‬

‫يسـتخدم الإرهـاب بعـض المعانـي والمعاييـر والرمـوز‬                                    ‫‪.)2012,42‬‬

‫الثقافيـة لإضفـاء معنـى معيـن علـى أفعالـه العنيفـة‬            ‫ومـع ذلـك‪ ،‬لا يمكـن أن يكـون للتضامـن علـى‬
‫وتبريرهـا‪ .‬وعلـى الرغـم مـن ذلـك‪ ،‬تعانـي المقاربـات‬            ‫المسـتويات الصغـرى تأثيـر طويـل المـدى‪ ،‬إلا مـن‬
‫الثقافيـة والأنثروبولوجيـة نقـاط ضعـف ملحوظـة‪،‬‬                 ‫خـال تجذيـره فـي البنـى التنظيميـة والأيديولوجيـة‪.‬‬
‫منهـا‪ :‬هيمنـة الوصـف علـى التفسـير‪ ،‬وإهمـال التحليـل‬           ‫ويتضـح هـذا بشـكل خـاص فـي اسـت ارتيجيات التجنيـد‬
‫السوسـيولوجي للمسـتويات الصغـرى (الميكـرو) عنـد‬                ‫التـي تتبعهـا الشـبكات الإرهابيـة‪ ،‬التـي تكـون فيهـا‬
‫د ارسة الإرهاب‪ ،‬وأخيًار‪ :‬سيطرة المثالية الأبستمولوجية‪.‬‬         ‫ديناميكيـات التضامـن علـى المسـتويات الصغـرى‬
‫ويمكـن التغُّلـب علـى نقـاط الضعـف هـذه مـن خـال‬               ‫مركزيـة‪ .‬كمـا يبرهـن «إتـ ارن» ‪ )2010( Atran‬و«حسـن»‬
‫التركيـز علـى التحليـل الاجتماعـي والتاريخـي طويـل‬             ‫‪ )2011( Hassan‬و«سـاجيمان» ‪ )2011( Sageman‬علـى‬
‫المـدى‪ ،‬وفحـص البنـى التنظيميـة القسـرية والتغلغـل‬             ‫أن الغالبيـة العظمـى مـن المجنديـن والأعضـاء الجـدد‬
‫الأيديولوجـي‪ ،‬ومسـتويات التضامـن والتفاعـل الصغـرى‪،‬‬            ‫داخـل التنظيمـات الإرهابيـة لا ينضمـون كأفـ ارد فقـط‪،‬‬
‫وعلـى هـذا تصبـح الخطـوة التاليـة هـي الاختبـار العلمـي‬        ‫بـل ينضمـون أحياًنـا مـع أصدقائهـم أو بعـض أقاربهـم‪.‬‬
                                                               ‫كمـا يتعاونـون مـع أصدقائهـم وبعـض أفـ ارد أسـرهم فـي‬
           ‫لهـذا النمـوذج النظـري علـى نطـاق واسـع‪.‬‬

                                                          ‫‪118‬‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123