Page 114 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 114
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
ووفًقـا لمـا سـبق ،يرتبـط انتشـار الإرهـاب ارتبا ًطـا أن هـذه العمليـات التاريخيـة الثـاث مت اربطـة بدرجـة
كبيـرة ،وهـذا واضـح فـي سـياق الإرهـاب ،الـذي يتشـَّكل وثيًقـا بهـذا التطـور التاريخـي لسـلطة الدولـة ،والتوسـع
تاريخًّيـا مـن خـال الديناميـات التنظيميـة والأيديولوجيـة المقابـل فـي التنظيمـات غيـر الحكوميـة .ولا تختلـف
المنظمات الإرهابية عن الدولة في حاجتها إلى مواكبة والاجتماعيـة الصغـرى ،التـي ترتبـط بسـلطة الدولـة وعدد
مـن الاتحـادات والمؤسسـات غيـر الحكوميـة.
هـذه التطـو ارت التنظيميـة التـي تحتـاج إليهـا ،بمـا فـي
القدرة التنظيمية القسرية
ذلـك تقسـيم العمـل بشـكل أكثـر فاعليـة ،والبنيـة الهرميـة
مـن السـمات المميـزة لجميـع النظـم السياسـية :قدرتهـا
الواضحـة ،واسـتخدام العلـوم والتكنولوجيـا الأكثـر تقد ًمـا، التنظيميـة القسـرية (.)coercive organizational capacity
واعتمـاد نظـم للاتصـالات الموثـوق بهـا ...إلـى آخـر وتتضمـن هـذه القـد ارت التنظيميـة :قـدرة الدولـة علـى
حمايـة وإدارة أ ارضـي وحـدود إقليمهـا ،وتعبئـة المـوارد
ذلـك .وتُفضـي المقارنـة بيـن الجماعـات الإرهابيـة فـي الماديـة والماليـة والاجتماعيـة مـن أجـل تحقيـق سياسـاتها
القرن التاسع عشر (مثل :جماعة الإخوان الجمهوريين وأهدافها ،وتوجيه التنمية الاقتصادية ،وتأسيس الشرعية
الرمزية ،واحتكار الاسـتخدام المشـروع للعنف ،والتشـريع
الأيرلندية ،ومنظمة الإ اردة الشـعبية الروسـية «نارودنايا ( .)Mann 2013, Skocpol 1992ومع ذلك ،يحتاج التحليل
التقليـدي لقـد ارت الدولـة إلـى الم ارجعـة؛ لأن هنـاك عـدًدا
فوليـا»)( )1والجماعـات الإرهابيـة فـي أوائـل القـرن مـن المنظمـات الاجتماعيـة يمتلـك بدرجـة مـا بعـض
الحـادي والعشـرين (مثـل :تنظيـم القاعـدة ،ونمـور قـد ارت الدولـة ،مثـل :الشـركات التجاريـة ،والمؤسسـات
التاميـل) ،إلـى تفـوق التنظيمـات الحاليـة وتطورها الدينيـة ،وبعـض المنظمـات غيـر الحكوميـة ،إضافـة إلـى
عـن تنظيمـات القـرن التاسـع عشـر ،وتشـبه المنظمـات الإرهابيـة .عـاوة علـى ذلـك ،شـهدت القـد ارت
الجماعـات الإرهابيـة المعاصـرة الدولـة الحديثـة التنظيميـة -تاريخًّيـا -تطـوًار تصاعدًّيـا ،ويعتمـد هـذا
فـي هياكلهـا المعقـدة ،وآليـات عملهـا المتطـورة، التطـور التصاعـدي علـى القـدرة القسـرية للدولـة ..ونظـًار
وبنيتهـا الهرميـة المنظمـة للسـلطة فيهـا ،وقواعدها لأن كثيًار من الجهات الفاعلة من غير الدول لا تتحكم
الج ازئيـة ،وإسـت ارتيجيتها وأسـاليب تخطيطهـا فـي أقاليـم معينـة ،فـإن قدرتهـا تكمـن فـي السـيطرة علـى
بعيـدة المـدى ،وأنظمـة الكفـاءة والترقـي ،ومـا إلـى
ذلـك .وتطمـح الشـبكات الإرهابيـة الفاعلـة إلـى
تأسـيس نمـاذج «فيبريـة»( )2للنظـام البيروق ارطـي
الخـاص بهـا؛ حيـث إنهـا تعمـل علـى تعزيـز الاحت ارفيـة
والتخصصيـة ،وتأسـيس نظـام لتقسـيم العمـل ،والأخـذ
ببنيـة محـددة للجـدارة والكفـاءة ،وتدعيـم نظـم الـولاء لهـا.
بيئتهـا الداخليـة والتحُّكـم فيهـا وفـق نظـام هرمـي قـوي ،وعلـى الرغـم مـن أن التصـُّور الشـائع حـول الجماعـات
بمـا فـي ذلـك أعضاؤهـا والمنتمـون إليهـا .تاريخًّيـا ،كانـت الإسـامية أنهـا قائمـة علـى التع ُّصـب غيـر العقلانـي
هـذه القـد ارت ت اركميـة وتطوريـة فـي معظـم الأحـوال )1( ،منظمـة «نارودنايـا فوليـا» ( ،)Nerdoneya Volyaمنظمـة
و ازدت واتسـعت بشـكل خـاص مـع ظهـور الحداثـة ،الإرادة الشـعبية ،يه منظمـة روسـية سياسـية ثوريـة ،تشـكلت
والتوُّسـع فـي أنمـاط التنظيمـات البيروق ارطيـة فـي جميـع العـاقيـم 6ر 7أ8ل1كمس،ـنودلارقـالثـتا ن ي�هـ.ذاهل املتم�نجـظمم.ـة شـهرة كبـ يرة بعـد اغتيالهـا
ا(ل2ن)ظانمسابلبةي إ�لوىقراعال يمط.الاالمج تت�ماجعم«.ماكس في ب�» ،الذي ق َّدم نظرية
أنحـاء العالـم (.)Malešević 2017, 2013, 2010
114