Page 111 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 111

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                      ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫«الآلاف مـن الأمثلـة علـى هـذا التعميـم والتفسـير‪،‬‬                           ‫أولاً‪ :‬هيمنة الوصف على التفسير‪.‬‬
‫يمكـن ملاحظتهـا وجمعهـا مـن خـال وسـائل التواصـل‬
‫فـي الأيـام والأسـابيع والشـهور التـي تلـت أحـداث ‪11‬‬            ‫ثانًيـا‪ :‬إهمـال علـم اجتمـاع الوحـدات الصغـرى فيمـا‬
‫سـبتمبر» (‪ .)2004b, 100‬ليسـت القضيـة هنـا هـي‬                                            ‫يتصـل بـدرس الإرهـاب‪.‬‬
‫وجـود أو غيـاب تصويـر وسـائل الإعـام الجماهيريـة‬
‫لـ«التضامـن الوطنـي» فـي أعقـاب حادثـة إرهابيـة معينـة‪،‬‬         ‫ثالًثــا‪ :‬ســيطرة المثاليــة المعرفيــة مقابــل تجاهــل‬
‫وليـس هنـاك شـك فـي أن مثـل هـذه التصـو ارت موجـودة‬             ‫جســامة العنــف الناتــج عــن الأفعــال الإرهابيــة‪.‬‬
‫(علـى الرغـم مـن أنـه يجـب علـى الباحـث الـدؤوب تحديـد‬
‫تواتـر وتوقيـت انتشـارها بـدلاً مـن مجـرد افتـ ارض أنهـا‬        ‫ولا شـك فـي أن المقاربـات الثقافيـة توِّفـر تحليـات‬
‫موجـودة)‪ .‬القضيـة الكبـرى هـي أخـذ هـذه العـروض‬                 ‫دقيقـة للرمـوز والصـور والتمثـات التـي تصاحـب‬
‫الإعلاميـة كأمـر مفـروغ منـه بـدلاً مـن تقديـم تحليـل‬           ‫الإرهـاب‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬فـإن كثيـًار مـن التحليـات الثقافيـة‬
‫متع ِّمـق لتأثيرهـا الشـعبي‪ .‬لا يختبـر «ألكسـندر» وغيـره‬        ‫تشـدد علـى الوصـف أكثـر مـن التفسـير‪ ،‬وتعتمـد علـى‬
‫مـن الدوركايمييـن الجـدد‪ ،‬وكذلـك كثيـر مـن علمـاء مـا‬           ‫أدلـة وب ارهيـن ضئيلـة للغايـة‪ .‬ويقـدم بعـض علمـاء‬
‫بعـد البنيويـة‪ ،‬افت ارضاتهـم مـن خـال الجماهيـر‪ ،‬ونـادًار‬       ‫الأنثروبولوجيـا مثـل‪« :‬سـلوكا» (‪،)2009( )Sluka‬‬
‫مـا يقدمـون أدلـة علـى صـدق تحليلاتهـم حـول الإرهـاب‬            ‫و«أتـ ارن» (‪ )2010( )Atran‬تحليـات عاليـة الجـودة‬
‫ومكافحتـه‪ .‬وبالنسـبة لكثيـر مـن أصحـاب المقاربـات‬               ‫تعتمـد علـى العمـل الإثنوج ارفـي المف َّصـل الـذي يتض َّمـن‬
‫الثقافيـة‪ ،‬تقـدر الاسـتعارة الجيـدة مـن خـال الأدلـة‬            ‫د ارسـات حالـة محـددة‪ ،‬مثـل‪« :‬أيرلنـدا الشـمالية» فـي‬
‫التجريبيـة‪ .‬علـى سـبيل المثـال‪ :‬يصـر «فيليـب سـميث»‬             ‫د ارسـة «سـوكا»‪ ،‬أو شـبكات الإرهـاب الإسـامية فـي‬
‫(‪ ،)2005, 36( )Philip Smith‬علـى أنـه «يمكـن التعامـل‬            ‫د ارسـة «أتـ ارن»‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬فـإن كثيـًار مـن الد ارسـات‬
‫مـع الحيـاة الاجتماعيـة كنـص»‪ ،‬وكذلـك العنـف المنظـم‪،‬‬           ‫الثقافية المؤثرة حول الإرهاب تعتمد على أدلة قصصية‪.‬‬
‫بمـا فـي ذلـك الحـروب والإرهـاب‪« :‬لا يتعلـق الأمـر‬              ‫وهنـاك افتـ ارض أساسـي لـدى الدوركايمييـن الجـدد‪ ،‬فحواه‬
‫ببعـض جوانـب الثقافـة‪ ،‬لكنـه يتعلـق بالثقافـة ككل»‪.‬‬             ‫أن وجـود خطابـات وسـرديات محـددة ُيعـُّد فـي حـد ذاتـه‬
‫ومـع ذلـك‪ ،‬هنـاك كثيـر فـي الحيـاة الاجتماعيـة أكثـر مـن‬        ‫مؤشـًار علـى صداهـا الشـعبي‪ .‬إن عمـل «ألكسـندر»‬
‫السـرديات والخطـاب‪ .‬وإذا كان البشـر كائنـات محكومـة‬             ‫ملـيء بهـذه الافت ارضـات المفرطـة فـي التعميـم‪ ،‬التـي‬
‫بالثقافـة ومدفوعـة بهـا فقـط‪ ،‬فلـن يكـون هنـاك مـكان‬            ‫تفتقـر إلـى الدعـم التجريبـي القـوي‪ ،‬والتـي تعتمـد بشـكل‬
‫للسياسـة والاقتصـاد والبيولوجيـا والإكـ اره وكثيـر مـن‬          ‫مفـرط علـى أوصـاف واسـعة حـول التفسـي ارت السـببية‬
‫الأبعـاد والجوانـب الأخـرى للحيـاة الاجتماعيـة‪ ..‬ولشـرح‬         ‫أو التأويليـة‪ .‬ويقـول «ألكسـندر» فـي هـذا السـياق‪« :‬بعـد‬
‫الإرهـاب بشـكل كامـل‪ ،‬يتعَّيـن علـى الباحـث أن يتعامـل‬          ‫أحـداث الحـادي عشـر مـن سـبتمبر‪ ،‬عـاش المجتمـع‬
‫مـع كل هـذه العناصـر التـي تشـكل الطبيعـة الإنسـانية‬            ‫القومـي الأمريكـي علـى فكـرة أنـه متحـد الشـعور‪ ،‬وأنـه‬
‫والاجتماعيـة ولا يقتصـر الأمـر فقـط علـى النصـوص‬                ‫سـيطرت علـى غالبيتـه روح المـودة واللطـف‪ ،‬كمـا‬
‫والسـرديات المسـيطرة؛ لأن هـذا ليـس هـو نفسـه التحليـل‬          ‫تج َّسـدت صـور الكياسـة والـود‪ ،‬حتـى بيـن أولئـك الذيـن‬
                                                                ‫كانـوا غربـاء عـن بعضهـم» (‪.)Alexander 2004b,100‬‬
                        ‫الاجتماعـي للفعـل العنيـف‪.‬‬              ‫ولدعـم هـذا الافتـ ارض‪ ،‬يذكـر «ألكسـندر» أن هنـاك‬

                                                           ‫‪111‬‬
   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116