Page 113 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 113
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الأسئلة العملية :لماذا يصبح الشخص إرهابًّيا؟ وكيف؟ لمـا بعـد البنيويـة التـي اهتمـت بد ارسـة الإرهـاب ،كمـا هـو
وهـل الإرهـاب مدفـوع بأسـباب أيديولوجيـة أو اقتصاديـة الحـال بالنسـبة للدوركايميـة الجديـدة والتفاعليـة الرمزيـة.
أو سياسـية؟ ومـا أنـواع الأفـ ارد والجماعـات التـي مـن كل هـذه الاتجاهـات النظريـة تـرى أن القيـم الثقافيـة
المرَّجـح أن تشـارك فـي الأفعـال الإرهابيـة؟ علـى الرغـم والخطابـات والمعاييـر والأفـكار والرمـوز والـدلالات هـي
مـن أن هـذه الأسـئلة ذات صلـة بالإرهـاب ،فإنهـا تميـل بمثابـة الدوافـع الرئيسـية للفعـل الجمعـي .لا لبـس فـي
إلـى التركيـز علـى الفاعـل ،وعلـى فتـ ارت زمنيـة قصيـرة هـذا الأمـر لـدى الدوركايمييـن الجـدد ،مثـل« :ألكسـندر»
للغايـة .ومـع ذلـك ،مـن الأهميـة بمـكان لفهـم الديناميـات و«سـميث» ،بحجـة أن البشـر يتشـكلون بطريقـة حاسـمة
الاجتماعيـة للإرهـاب الانتبـاه للسـياقات التاريخيـة مـن خـال المعاييـر العامـة التـي ينشـؤون عليهـا
الأوسـع والمسـا ارت البنائيـة طويلـة الأجـل ،التـي تجعـل ويعيشـون فـي ظلهـا .وهـذه المثاليـة حضورهـا قـوي أي ًضـا
العمـل الإرهابـي ممكًنـا .وفـي حيـن أن تحليـل السـرديات لـدى التفاعلييـن ،الذيـن يفسـرون الفعـل الاجتماعـي مـن
الثقافيـة ُيسـهم بالتأكيـد فـي فهـم الإرهـاب ،فـإن مثـل خـال منظـور المعانـي المشـتركة وتعريفـات الموقـف
هـذه التحليـات يمكـن أن تخبرنـا بكثيـر عـن الديناميـات المتنافسـة .وعلـى الرغـم مـن أن علمـاء مـا بعـد البنيويـة
السـببية طويلـة الأجـل لهـذه الظاهـرة .وعلـى الرغـم مـن يشـيرون إلـى عوامـل ماديـة ،فإنهـم يرِّكـزون إلـى حـٍّد
أن التفسـي ارت الثقافيـة ترِّكـز علـى دور الأفـكار والقيـم كبيـر علـى الوقائـع الثقافيـة :السـرديات ،والرمـوز،
والأعـ ارف والمعاييـر ،فإنـه لفهـم كيـف ومتـى ولمـاذا والنصـوص ،والخطابـات .ولا يمكـن تجاهـل أو إنـكار
تعـزز القيـم والأفـكار والمعاييـر (وكذلـك المصلحـة أهميـة الأفـكار والقيـم والرمـوز الثقافيـة؛ لأنهـا بالتأكيـد
الذاتيـة) الإرهـاب وتدعمـه ،يجـب علـى الباحـث أن يحـدد تضفـي معانـي علـى أفعـال العنـف ،وتؤِّسـس للتواصـل
بيـن الإرهابييـن ،لكـن الإرهـاب لا يمكـن أن يوجـد دون
دورهـا وتأثيرهـا تاريخًّيـا. العوامـل الماديـة الأخـرى :المنظمـات والمؤسسـات،
والمصالـح الاقتصاديـة والسياسـية ،وغيـر ذلـك .وبينمـا
أنـا أزعـم أن جميـع أشـكال العنـف المن َّظـم ،بمـا فـي تتطلـب جميـع الأفعـال الإرهابيـة ترميـًاز ثقافًّيـا وتعبيـًار
ذلـك الإرهـاب ،تتطلـب تحليـاً تاريخًّيـا واجتماعًّيـا يغطـي أيديولوجًّيـا ،فإنهـا قبـل هـذا كلـه هـي أفعـال ماديـة تنطـوي
فتـ ارت طويلـة مـن الزمـن .ليـس ذلـك فحسـب ،بـل إن علـى القتـل والمـوت والتخريـب ،وكثيـر مـن الاسـتجابات
معظـم أشـكال العنـف الجمعـي لهـا مسـار تتبعـه ،وتظهـر والأفعـال الماديـة الأخـرى .لقـد ترَّكـز اهتمامنـا ومتابعتنـا
أي ًضـا بعـض السـمات البنائيـة المتشـابهة جـًّدا .ومـن لحصار مدرسـة «بيسـان» (عام 2004م) ،أو أحداث
أجـل م ارعـاة هـذه الديناميكيـة التاريخيـة ،مـن الضـروري 11سـبتمبر ،ليـس لأنهـا مجـرد سـرديات ثقافيـة ،ولكـن
تجـاُوز التفسـي ارت التـي تترَّكـز حـول الوقـت ال ارهـن، لأن هـذه الأحـداث تضمنـت خسـائر فادحـة فـي الأرواح
وتطويـر تحليـات وتفسـي ارت ترِّكـز علـى العمليـات
التاريخيـة الثـاث التـي لعبـت دوًار – ومـا ازلـت – فـي البش ـرية.
تشـكيل الإرهـاب وغيـره مـن أشـكال العنـف المنظـم،
العمليـة الأولـى :القـدرة التنظيميـة القسـرية .والثانيـة: ما و ارء الثقافة
الاختـ ارق الأيديولوجـي .والثالثـة :مسـتويات التضامـن
الصغـرى ( .)Malešević 2017,2013, 2010وأعتقـد تـدور كثيـٌر مـن د ارسـات الإرهـاب حـول عـدٍد مـن
113