Page 112 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 112
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مـن علمـاء الدوركايميـة الجديـدة ومـا بعـد البنيويـة وجـ ُه الضعـف الثانـي فـي المقاربـات الثقافيـة
إجابـات مقنعـة وتفسـي ارت مقبولـة عـن مثـل هـذه هـو :إهمالهـا مسـتويات التحليـل الصغـرى .ويرِّكـز
الأسـئلة والممارسـات .علـى سـبيل المثـال :عندمـا الدوركايميـون الجـدد علـى القيـم الثقافيـة المشـتركة ،لكـن
مثـل هـذه التفسـي ارت لا يمكـن أن تفِّسـر بشـكل كا ٍف
يتعامـل «سملسـر» ( )2007, 95مـع التحليـل علـى التنـوع الهائـل للفعـل الإنسـاني .علـى سـبيل المثـال،
المسـتويات الصغـرى ،فإنـه يقـدم تفسـي ارت مشـكوًكا فيهـا إذا كانـت التنشـئة الاجتماعيـة مصـدًار قوًّيـا للتماثـل أو
للغايـة ،تفيـد بـأن الإرهابييـن هـم «أفـ ارد مضطربـون التشـابه الثقافـي ،فليـس مـن الواضـح لمـاذا يسـير الأفـ ارد
ولهـم تاريـخ مـع سـمات الشـخصية الفوضويـة ،ويكونـون
الذيـن نشـؤوا فـي البيئـات والتقاليـد الثقافيـة نفسـها فـي علـى اسـتعداد لقبـول إغـ ارءات المكافـآت التـي تقدمهـا
لهـم الجماعـات المتطرفـة» ومـع ذلـك ،فـإن أحـدث مـا مسـا ارت أيديولوجيـة مختلفـة؛ حيـث قـد يصبـح بعضهـم
توصلـت إليـه بعـض المـدارس العلميـة ،يكشـف بوضـوح إرهابييـن ،أمـا البعـض الآخـر فـا يف ِّكـر فـي هـذا الخيـار
عـن أن معظـم الأفـ ارد الذيـن يشـرعون فـي الانضمـام أبـًدا .وبالمثـل لا يوجـد أي تفسـير مقنـع حـول لمـاذا
للجماعـات الإرهابيـة ليسـوا سـليمين عقلًّيـا فحسـب ،بـل ومتـى يكـون لبعـض النصـوص الثقافيـة صـدى كبيـر
ينتمـون أي ًضـا إلـى أسـر مسـتقرة (;Sageman 2004
.)McCauley 2007ويشـتبك التفاعليـون الرمزيـون لـدى الجماهيـر وعلـى نطـاق واسـع ،بينمـا نصـوص
أخـرى لهـا تأثيـر ضئيـل أو معـدوم .هـذا مهـم بشـكل
خـاص فـي سـياق تفاعـات الوجـه للوجـه .إن تأطيـر بشـكل أكبـر مـع ديناميـات الإرهـاب علـى المسـتويات
حـدث إرهابـي مـن حيـث الحضـارة مقابـل الهمجيـة ،أو الصغرى ،لكن تركيزهم يقتصر على «تعريفات الموقف
الخيـر مقابـل الشـر ،لـن يصـل بالضـرورة إلـى الجمهـور المتغيـرة» ،وعلـى «سلسـلة الطقـوس التفاعليـة» ،ولا
المسـتهَدف ،مـا لـم ُي َصـ ْغ فـي سـياق الخطابـات المتداَولـة يطـول تركيزهـم البنـى الكليـة الأوسـع .بينمـا يمكـن للمـرء
عبـر المسـتويات الصغـرى للتضامـن فـي الحيـاة اليومية .أن يتفـق مـع «كولينـز» فـي أن الأفعـال الإرهابيـة ليسـت
علـى سـبيل المثـال :كانـت المحاولـة البريطانيـة لتجريـم سـهلة ،وأن تنفيذهـا يتطلـب دع ًمـا اجتماعًّيـا ،فإنـه ليـس
أفعـال سـجناء «الجيـش الجمهـوري الأيرلنـدي» فـي مـن الواضـح كيـف تعمـل هـذه المجموعـات الصغيـرة
أثنـاء إض اربهـم عـن الطعـام عـام 1981م ،قـد جـاءت داخـل العالـم الأكبـر للمنظمـات الإرهابيـة.
وتتعلـق النقطـة الأخيـرة بالمثاليـة المعرفيـة بنتائـج عكسـية إلـى حـد كبيـر؛ لأنهـا كانـت منفصلـة
( )epistemological idealismالتـي تدعـم جميـع عـن المسـتويات الصغـرى للعالـم أو تفاصيـل الحيـاة
التفسـي ارت الثقافيـة للإرهـاب .وعلـى الرغـم مـن أن اليوميـة وتفاعـات هـؤلاء السـجناء الذيـن أضربـوا عـن
«فوكـو» و«بودريـاد» وغيرهمـا مـن علمـاء مـا بعـد الطعـام .ونتيجـة لذلـك غضـب السـكان القوميـون فـي
البنيويـة الكلاسـيكيين كانـوا يصـرون علـى أن مقاربتهـم أيرلنـدا الشـمالية -الذيـن لـم يدعمـوا الجيـش الأيرلنـدي
ماديـة معرفيـة فـي تركيزهـم علـى المؤسسـات ومصالـح – مـن هـذه الممارسـات والتمثيـات الإعلاميـة
الجماعـات المختلفـة ،فـإن كثيـًار مـن علمـاء مـا بعـد وتوظيفـات هـذه الممارسـات ،مـا جعلهـم يتضامنـون
البنيويـة المعاصريـن مثاليـون بشـكل واضـح فـي نظريتهـم مـع السـجناء ،ونتيجـة لذلـك انتخبـوا كثيـًار مـن هـؤلاء
المعرفيـة .وينطبـق هـذا علـى كثيـر مـن المـدارس الفكريـة السـجناء نواًبـا فـي البرلمـان .والحقيقـة :لا يقـدم ك ٌّل
112