Page 107 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 107

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                       ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫وجـود ديناميـات اجتماعيـة وعاطفيـة فريـدة مـن نوعهـا‪.‬‬            ‫‪ )14‬الإرهـاب باعتبـاره «نم ًطـا مـن القـوة والخضـوع وفًقـا‬
‫وفـي أريـه لا يجـب الربـط بيـن البشـر والعنـف؛ لأنهـم‬            ‫لمـا تعنيـه طقـوس الضحيـة»‪ .‬وبشـكل أكثـر تحديـًدا‪،‬‬
‫غيـر مؤهليـن للعنـف إلـى حـٍّد كبيـر‪ ..‬عـاوة علـى ذلـك‪،‬‬          ‫يفتـرض أن الإرهـاب يسـتلزم وجـود أنظمـة رمزيـة تنتـج‬
‫عـادةً مـا تنتـج أعمـال العنـف صـوًار مـن التوتـر العاطفـي‬
‫والقلـق‪ .‬وبالتالـي‪ ،‬فـإن التحايـل علـى هـذه المنغصـات‬                                ‫معانـي معينـة‪ ،‬وتحافـظ عليهـا‪:‬‬
‫العاطفيـة قـد يدفـع نحـو الانخـ ارط فـي عمـل جماعـي‬
‫مـن شـأنه أن يعـِّزز تحويـل الخـوف والتوُتّـر إلـى طاقـة‬         ‫«فـي سـياق المنافسـة علـى الـدلالات المت اربطـة‪،‬‬
‫عاطفيـة‪ .‬ومـن خـال كلماتـه الخاصـة يقـول‪« :‬العنـف‬                ‫وإنتـاج المعانـي والتفسـي ارت‪ ،‬تُعـد الأنظمـة الرمزيـة‬
‫الناجـح يتصاعـد حسـب متصـل التوتـر ‪ -‬الخـوف مـن‬                  ‫حـاً سـح ًرّيا؛ لأنهـا تتيـح للجهـات الفاعلـة اسـتخدامها‬
‫جانـب أحـد الطرفيـن باعتبـاره الطـرف المسـيطر لإصابـة‬            ‫وتوظيفهـا للتأثيـر علـى الآخريـن وتحريضهـم ودفعهـم‬
‫الطـرف الآخـر‪ ،‬الضحيـة‪ ،‬بنـوع مـن التوتـر العاطفـي»‬              ‫إلـى المشـاركة فـي العمـل الجمعـي‪ .‬علـى سـبيل‬
‫(‪ .)Collins 2008, 19‬وعلـى هـذا فـإن اسـتخدام‬                     ‫المثال‪ :‬يمكن للربط المستمر بين الإسلام والإرهاب‬
‫العنـف يـؤدي إلـى تغيـر ديناميكـي فـي الجماعـة‪ .‬ونظـًار‬          ‫مـن ِقَبـل شـخصية قويـة مثـل الرئيـس الأمريكـي‪،‬‬
‫لأن الأفـ ارد لا يجيـدون العنـف‪ ،‬فإنهـم يحتاجـون إلـى‬            ‫أن يدفـع بعـض المسـتمعين إلـى الانخـ ارط فـي هـذا‬
‫وجـود أشـخاص آخريـن يقومـون جمي ًعـا بتجميـع طاقاتهـم‬            ‫الأمـر ودعـم الجهـات التـي تصـف هـؤلاء الفاعليـن‬
‫العاطفيـة الفرديـة فـي طقـوس التفاعـل الجماعـي –‬
‫شـيء مـا يصفـه «كولينـز» (‪ )2004‬بمصطلـح «سلسـلة‬                                      ‫بأنهـم إرهابيـون إسـاميون»‪.‬‬
‫الطقـوس التفاعليـة» (‪the interactional ritual‬‬
‫‪ .)chain‬وفـي سـياق الإرهـاب‪ ،‬يعنـي هـذا أنـه لا‬                  ‫وبطريقـة مماثلـة‪ ،‬يحلـل «كونسـتان از» ‪Constanza‬‬
‫يمكـن لأي شـخص أن يكـون إرهابًّيـا‪ .‬وبـدلاً مـن ذلـك‬             ‫و«كيلبـورن» ‪ )2005( Kilburn‬اسـتخدام المـوارد‬
‫فـإن الانخـ ارط فـي العنـف الإرهابـي يتطلـب أن يجـد‬              ‫الثقافيـة مثـل «الذعـر الأخلاقـي» ‪moral panic‬‬
‫الشـخص طريقـة لتجـاوز التوتـر ‪ -‬الخـوف وصياغـة‬                   ‫و«الأمـن الرمـزي» ‪ symbolic security‬كأطـر ُيعـاد‬
‫طقـوس تفاعليـة جديـدة لتبريـر تـورط الفـرد والجماعـة فـي‬         ‫مـن خلالهـا تعريـف الواقـع الاجتماعـي‪ .‬ويشـيرون إلـى‬
                                                                 ‫أن التصـو ارت الجماعيـة تتفـَّوق بانتظـام علـى الحقائـق‬
                                ‫التفاعـات العنيفـة‪.‬‬              ‫الماديـة؛ حيـث إن السياسـات الأمنيـة تتشـَّكل بدرجـة أقـل‬
                                                                 ‫مـن خـال التهديـدات الإرهابيـة الفعليـة‪ ،‬وبدرجـة أكبـر‬
‫ومـن وجهـة نظـر «كولينـز»‪ ،‬يحتـاج الإرهـاب إلـى‬                  ‫بكثيـر مـن خـال التصـو ارت الجماعيـة لمـا يمكـن أن‬
‫منظمـات ف َّعالـة‪ ،‬لكـن الأمـر الأكثـر أهميـة هـو تطويـر‬
‫ديناميـات تفاعليـة متميـزة‪ .‬ويمِّيـز «كولينـز»‪ ،‬فـي هـذا‬                                ‫يشـكل تهديـًدا أمنًّيـا محتمـاً‪.‬‬
‫السـياق‪ ،‬بيـن النوعيـن الرئيسـيين للنشـاط الإرهابـي‪:‬‬
‫«الفـرد‪ ،‬الذئـب المنفـرد»‪ ،‬و«الإرهابييـن ومؤسسـة العنف‬           ‫وطـور « ارنـدال كولينـز» ‪Randall Collins‬‬
‫الجماعـي» الأكثـر شـيو ًعا‪ .‬والقضيـة الأساسـية بالنسـبة‬          ‫(‪ )2008, 2004‬النمـوذج الأكثـر تفاعليـة للإرهـاب‪.‬‬
‫للأفعال الإرهابية الفردية هي كيفية التنُّقل عبر مسا ارت‬          ‫بنـاء علـى نظريتـه الاجتماعيـة الصغـرى (الميكـرو)‬
                                                                 ‫حـول العنـف‪ ،‬التـي تستكشـف المواقـف العنيفـة‬
                                                                 ‫باعتبارهـا «مجموعـة مـن المسـا ارت حـول التوُتّـر‬
                                                                 ‫والخـوف»‪ ،‬ويفتـرض «كولينـز» أن الإرهـاب يسـتلزم‬

                                                            ‫‪107‬‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112