Page 106 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 106

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                        ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫واجتماعـي‪ .‬وفـي المقابـل‪ ،‬وصـف قـادة تنظيـم العالـم الأفضـل‪ ،‬والمسـتقبل‪ ،‬وتوفـر مبـر ارت لاسـتخدام‬

‫القاعـدة الحكومـات الأمريكيـة والأوروبيـة بأنهـا العنـف للوصـول إلـى هـذه الـرؤى المتطرفـة‪ .‬وبالمثـل‬

‫يؤكـد «سملسـر» (‪ ،)8–2007, 87‬تما ًمـا كمـا هـو‬                    ‫أنانيـة ونفعيـة ومسـتبدة‪ ،‬وأنهـا حكومـات منافقـة‬
‫الحـال مـع «ألكسـندر»‪ ،‬الثنائيـات الثقافيـة المتباَدلـة‬           ‫تنتهـك باسـتم ارر المعاييـر الأخلاقيـة التـي تدعـو‬
‫التـي تدعـم تفسـي ارت الإرهابـي للواقـع الاجتماعـي الـذي‬          ‫إليهـا‪ ،‬ومـن خـال ذلـك تحمـي الظلـم والاسـتبداد‬
‫ينطـوي علـى «الاسـتقطاب بيـن أنظمـة الخيـر والشـر‪،‬‬                ‫وعدم المسـاواة في الشـرق الأوسـط والعالم برَّمته‪.‬‬
‫والتأليـه والشـيطنة‪ ..‬هـذه الحزمـة مـن المعتقـدات هـي‬
‫التـي تقـود وتبـرر الانخـ ارط الأخلاقـي للإرهابييـن فـي‬           ‫وحسـب وجهـة نظـر «ألكسـندر»‪ ،‬فـإن‬
                                                                  ‫الروايتيـن الأدائيتيـن المتعارضتيـن كانتـا فعالتيـن‬
                                   ‫هـذه القضيـة»‪.‬‬                 ‫فـي إنتـاج التماسـك الاجتماعـي داخـل جماعـة‬
                                                                  ‫كل فريـق مـن أصحـاب الروايتيـن؛ حيـث تميـل‬
                              ‫التفاعلية الرمزية‬

‫علـى العكـس مـن تفسـي ارت الدوركايميـة الجديـدة‬                   ‫الروايـات النبوئيـة التـي تظهـر فـي أعقـاب‬
‫التـي تـرى الثقافـة إطـاًار تفسـي ّرًيا رئي ًسـا‪ ،‬يفِّسـر‬         ‫الهجمـات الإرهابيـة إلـى إنتـاج مـا أطلـق عليـه‬
‫التفاعليـون الرمزيـون الثقافـة مـن خـال تغيـر إد اركات‬            ‫«ألكسـندر» «التطهـر بعـد التلـوث»‪ .‬وبالتالـي‪،‬‬
                                                                  ‫فبـدلاً مـن إضعـاف الروابـط الجماعيـة علـى‬
‫الواقـع الاجتماعـي وتعريفاتـه‪ .‬ببسـاطة‪ ،‬فـي حيـن‬                  ‫نطـاق المجتمـع‪ ،‬فـإن الأحـداث الإرهابيـة تعـِّزز‬
‫يؤِّكـد الدوركايميـون الجـدد الاختلافـات بيـن أنظمـة‬              ‫التماسـك الاجتماعـي الأكبـر‪« :‬بعـد خبـرة الحادي‬
‫القيـم والمعتقـدات‪ ،‬يقـف التفاعليـون الرمزيـون علـى‬               ‫عشـر مـن سـبتمبر‪ ،‬نظـر المجتمـع الأمريكـي إلـى‬
                                                                  ‫نفسـه علـى أنـه مو َّحـد الشـعور‪ ،‬وسـيطرت عليـه‬
‫الموقـف المتمثـل فـي أن الأفـ ارد يخلقـون ويضفـون‬                 ‫روح اللطـف والمحبـة التـي أظهرهـا الأشـخاص‬
                                                                  ‫الذيـن كانـوا ذات يـوم مجـرد أصدقـاء بعيديـن‪،‬‬
‫المعانـي خـال التواصـل والتفاعـل مـع الآخريـن‪ .‬وعلـى‬              ‫وتجسـدت معانـي الـود والاهتمـام بيـن أولئـك‬
‫هـذا‪ ،‬بينمـا يرِّكـز الدوركايميـون الجـدد علـى المعاييـر‬          ‫الذيـن كانـوا مجـرد غربـاء» (‪Alexander‬‬
‫المشـتركة‪ ،‬يرِّكـز التفاعليـون علـى الوحـدات الصغـرى‬
‫(الميكـرو) للتفاعـات اليوميـة وعلـى تغُّيـر «تعريفـات‬             ‫‪ .)2004b, 100‬ويشير «نيل سملسر» (‪ )2007‬إلى‬
                                                                  ‫نقطـة مماثلـة‪ ،‬لكنـه يرِّكـز أكثـر علـى مرتكبـي أعمـال‬
‫الموقـف»‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬فـإن التفاعلييـن الرمزييـن هـم‬               ‫العنـف‪ .‬ويتمَّيـز الإرهـاب‪ ،‬فـي أريـه‪ ،‬بالرؤيـة ال ارديكاليـة‬

‫أي ًضـا ثقافيـون‪ ،‬بمعنـى أن تفسـي ارتهم تقلـل مـن أهميـة‬          ‫للحاضـر والمسـتقبل‪ .‬ويفتـرض أن السـرديات الإرهابيـة‬
‫العوامل الاقتصادية والسياسية والعسكرية لصالح أهمية‬
                                                                  ‫التـي يـرِّوج لهـا الإرهابيـون يجـب أن تؤخـذ علـى محمـل‬
‫الأفـكار والرمـوز والقيـم‪ .‬وهكـذا‪ ،‬وبالنسـبة للتفاعلييـن‬          ‫الجـد؛ لأنهـا تقـِّدم أحكا ًمـا علـى الوضـع الحالـي للعالـم‪،‬‬
                                                                  ‫وتحديـد مصـادر الظلـم‪ ،‬وحصـر تلـك المصـادر التـي‬
‫الرمزييـن‪ ،‬فـإن الإرهـاب دائ ًمـا مـا يكـون ثقافًّيـا أكثـر‬
‫منـه ظاهـرة سياسـية أو اقتصاديـة‪ .‬ومـع إد اركهـم الأبعـاد‬         ‫يـرون أنهـا مسـؤولة عـن عـدم المسـاواة القائمـة‪ ..‬عـاوة‬

‫الاسـت ارتيجية للنشـاط الإرهابـي‪ ،‬فإنهـم يركـزون علـى‬             ‫علـى ذلـك‪ ،‬تقـدم هـذه الـرؤى ال ارديكاليـة تصـو ارت حـول‬

‫التفسـي ارت الجماعيـة المتغيـرة للواقـع‪ .‬وفـي هـذا السـياق‬

‫يفهـم «مايـكل بليـن» ‪–2009,13( Michael Blain‬‬

                                                             ‫‪106‬‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111