Page 52 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 52
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
فـي الواقـع الافت ارضـي لا يتحكـم فيهـا مركـز واحـد ،الآخـر النظـام الاجتماعـي الـذي يتكـون مـن أفـ ارد أم
ولكـن تتبـادل فيهـا الم اركـز ،وذلـك وفًقـا لمقتضيـات النظـام المعلوماتـي الآلـي الـذي يتكـون مـن أشـياء؟ أم
الاهتمامـات ودائـرة التفاعـل ,فهـي مواطنـة بـا وطـن .أنـه يصعـب الفصـل بيـن حدودهمـا؟ وإذا كان كل منهـا
يحاكـي الآخـر ،فثمـة تسـاؤل يبـرز هنـا أي ًضـا مـؤداه مـا -4المواطنـة الرقميـة تتحـرك علـى مرجعيـات فرديـة
العلاقـة بيـن الفرديـة والاجتماعيـة فـي المحيـط الإنسـاني مفككـة :يرتبـط بسـمة تعـدد الم اركـز سـمة أخـرى وهـي
كثيـر التمـزق؟ هـل يمكـن للفرديـة الحاضـرة الغائبـة أن سـمة الفرديـة ،فمـن متناقضـات المواطنـة فـي المجتمـع
تحـل محـل الفرديـة الحاضـرة الغائبـة التـي تتمثـل فـي الافت ارضـي أنهـا تسـتند إلـى ثقافـة الفرديـة مـن ناحيـة
كونهـا ترتبـط بفاعـل واحـد علـى المسـتوى الواقعـي
الواقـع الافت ارضـي وأوسـاط الإنترنـت؟(.)9
يشـارك آخريـن مـن خـال شـبكة الإنترنـت ،وفـي الوقـت وهكذا تتأثر المواطنة في السـياق الافت ارضي بملامح
نفسـه هنـاك تأكيـد علـى فكـرة المجمـوع فـي التفاعـات تعـدد الم اركـز والفرديـة ،ولا يجـب النظـر إلـى هـذا
التـي تتـم علـى خلفيـة السـياقات الافت ارضيـة .ويـدور الجانـب بنظـرة تشـاؤمية ,ولكـن يمكـن تفسـير ذلـك علـى
الحديـث بيـن المفكريـن فـي الآونـة ال ارهنـة حـول غيـاب اعتبـار أن هـذه السـمة فـي المواطنـة الافت ارضيـة تتيـح
التفسـي ارت التوحيديـة للعلـم الاجتماعـي وبـزوغ التبعثـر فر ًصـا أمـام التحـرر مـن سـلطات المركزيـة والهيمنـة فـي
والفوضـى وحلـول الفرديـات محـل الكليـات وظهـور فـرض مقتضيـات المواطنـة وحقوقهـا.
-5المواطنـة الرقميـة متعـددة الأبعـاد :تتضمـن مـا ُيسـمى بالنرجسـية الفرديـة ,حيـث لـم يعـد الفاعـل
المواطنـة علـى الصعيـد الرقمـي مجموعـة مـن الأبعـاد، الاجتماعـي قـادًار علـى التأثيـر فـي محيطـه الاجتماعـي,
حيـث تشـتمل علـى ُبعـد سياسـي تتحـرك علـى خلفيتـه، ممـا يدفـع ذلـك الأفـ ارد إلـى التمركـز حـول الـذات ,ويعـد
كمـا أن لهـا بعـًدا اجتماعًيـا يحـوي أنمـاط التفاعـات ذلـك نتا ًجـا عـن الفوضـى فـي صفـوف المجتمعـات
الاجتماعيـة علـى المسـتوى الرقمـي ،سـواء الفرديـة أو والتـي بـرزت بوصفهـا نتا ًجـا للفوضـى وحـركات التمـزق
الجماعيـة ،كمـا تمـت الإشـارة فـي موضـع سـابق .كمـا المسـتمرة للُبنـى الاجتماعيـة التـي ظهـرت فـي ظـل
تتحـرك علـى بعـد ثقافـي ،فهـي مواطنـة تتحـرك علـى الأزمـات المتتاليـة للمواطنـة القوميـة ،والتـي تدعـو إلـى
اسـتقلالية النظـم الفرعيـة عـن بعضهـا وعـدم ت اربطهـا مرجعيـة الثقافـة السـيب ارنية ،وقـد تقتـرب مـن ثقافـة
فـي كل نظامـي مرجعـي مشـترك ,ممـا يجعـل كل الدولـة ،وقـد تبتعـد ،فهـي تتحـرك علـى متصـل طرفـه
نظـام جزئـي يتمحـور كمـا يتمحـور الأفـ ارد حـول أولويـة المحليـة والآخـر العالميـة .والمـ ارد فـي هـذا الصـدد القـول
اشـتغاله بالـذات ،ولـم تعـد تسـري بينهـم علاقـات مباشـرة إن هـذا النمـط مـن المواطنـة متعـدد الأبعـاد.
باسـتم ارر ،وخاصـة لـدى الأفـ ارد الذيـن يتعاملـون مـع
التكنولوجيـا الحديثـة ،فالاتصـال المعلوماتـي هـو الـذي ثالًثا :الذات المواطنية في المجتمع الرقمي
إذا سـألت معظـم النـاس :هـل تعـد نفسـك مواطًنـا رقمًيـا؟ يسـود بيـن الأفـ ارد(.)8
سـيجيب المعظـم ..بالضـرورة لا .وعندمـا نتأمـل واقـع
تعامـل معظـم النـاس مـع الإنترنـت تجـد لـه مشـاركات إن التعامـل مـع التكنولوجيـا الحديثـة ،والتـي مـن أبـرز
عديدة يومية في العالم الرقمي ,سـواء من خلال قضاء معالمهـا الشـبكة الدوليـة للمعلومـات ،قـد خلـق عال ًمـا
الوقـت عبـر الإنترنـت ،أو الاتصـال بالأقـ ارن مـن خـال جديـًدا مـن التفاعـات التـي تسـود فيهـا سـمة الفرديـة
علـى المسـتوى الواقعـي ،وذلـك مـا طـرح مجموعـة مـن
التسـاؤلات تخـص هـذا العنصـر أبرزهـا أيهمـا يتبـع
52