Page 57 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 57
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
كمـا شـهد الريـف اهتما ًمـا بالتنميـة مـع الاحتـال ثانًيا :الثقافة فريضة غائبة في التنمية الريفية:
البريطانـي لمصـر عـام 1882م؛ حيـث اهتمـت سـلطة رؤية تاريخية
الاحتلال بالز ارعة لتوفير المادة الخام اللازمة للمصانع
عانـى الريـف المصـري علـى مـدى تاريخـه الضـارب الانجليزيـة ،وعنيـت بتحسـين نظـام الـري والصـرف،
فـي القـدم مـن الإهمـال والتجاهـل ،وجـاء التفكيـر فـي واسـتكمال شـق القنـوات ،وفـي هـذه الحقبـة الزمنيـة
اتخـاذ سياسـة لتنميـة الإنتـاج الز ارعـي مـع الحملـة تـم إصـاح القناطـر الخيريـة وإنشـاء خـ ازن أسـوان،
وأقيمـت عـدة قناطـر علـى النيـل فـي أسـيوط وإسـنا الفرنسـية؛ حيـث قـام علمـاء الحملـة بد ارسـة مجـرى نهـر
وزفتـى ،وصاحـب كل ذلـك زيـادة الإنتـاج الز ارعـي ،كمـا النيـل وفحـص القنـوات والجسـور ،وتخصيـص جـزء مـن
ازدت الز ارعـات الصيفيـة وخاصـة القطـن علـى حسـاب الأرض الز ارعيـة لإنتـاج الحاصـات التـي تحتاجهـا
الز ارعـات الشـتوية وبخاصـة الحبـوب ،ممـا سـاهم فـي فرنسـا ،وأجريـت تجربـه لز ارعـة البـن وقصـب السـكر،
عجـز مصـر عـن سـد حاجـة الاسـتهلاك المحلـي مـن وأنشـئت حديقـة لز ارعـة النباتـات المجلوبـة مـن فرنسـا
المـواد الغذائيـة ،وبـدأت الاسـتثما ارت الأجنبيـة تدخـل مثـل الخـوخ والمشـمش والكمثـري والتفـاح ،كمـا اهتمـوا
مجـال الز ارعـة ،وتكونـت شـركات لشـ ارء الأ ارضـي بز ارعـة الأرز والقمـح والـذرة وغيرهـا مـن الز ارعـات
واسـتصلاحها ثـم بيعهـا للأهالـي بالتقسـيط بفوائـد مركبـة، التقليديـة الموجـودة بالفعـل ،وقـد اهتـم مينـو بالمنتجيـن
الز ارعييـن؛ حيـث تضمـن مشـروعه بنـوًدا لتحريـر الفـاح
ممـا أدى إلـى ارتبـاك حالـة الفـاح المصـري. مـن القيـود الماليـة ،واعتـرف أن الفلاحيـن هـم مـاك
الأرض وأن جميع ملاك الأرض لهم مطلق الحرية في
وشـهد الريـف المصـري تنميـة للإنتـاج الز ارعـي ز ارعـة مـا يشـاؤون ،وفـي هـذا السـياق تجـدر الإشـارة إلـى
بشـكل غيـر مقصـود أثنـاء الحـرب العالميـة الثانيـة؛ إذ أن هـذه الجهـود لـم تسـتمر طويـاً ،إذ سـرعان مـا خـرج
وضعـت الحكومـة خطـه لتوجيـه الإنتـاج الز ارعـي لسـد
النقـص فـي معظـم الـوارد مـن الحاصـات الز ارعيـة التـي الفرنسـيون مـن مصـر.
تأثـرت بظـروف الحـرب ،وصـدرت التشـريعات لزيـادة وخضـع الريـف المصـري لخطـة تنميـة مرسـومة فـي
المسـاحات المنزرعـة مـن القمـح والشـعير والـذرة والأرز عهـد محمـد علـي ( ،)1849 -1805صـاغ سياسـة
ز ارعيـة تتضمـن اتبـاع أسـاليب ز ارعيـة جديـدة مـن
وفـي المقابـل نقصـت مسـاحة القطـن.
ومـع قيـام ثـورة يوليـو 1952م تبنـت حكومـة شـأنها زيـادة الإنتـاج وتقليـل الجهـد ،والاهتمـام بالتعليـم
الز ارعي ،وتحسـين طرق الري ،وإدخال أنواع جديدة من الثـورة منهـج التنميـة الشـاملة ،بهـدف تطويـر الإنتـاج
الز ارعات ،وإل ازم الفلاحين بز ارعة ما تقرره الحكومة من الز ارعـي ،ورعايـة الفلاحيـن قـوة العمـل الإنتاجـي ،وفـق
الحاصـات الز ارعيـة ،وتزويدهـم بمسـتلزمات الإنتـاج خطـط تنمويـة موضوعـة ،وفـي هـذه الفتـرة صـدر قانـون
مـن بـذور وأدوات يخصـم ثمنهـا عينًّيـا مـن المحصـول الإصـاح الز ارعـي ،وبـدأت تجربـة إنشـاء جمعيـات
عنـد تسـليمه ،وتركـت رعايـة الفلاحيـن أنفسـهم للقـدر تعاونيـة ز ارعيـة ،وصـدر قانـون الحكـم المحلـي عـام
والظـروف؛ حيـث يعشـون علـى مـا كانـوا عليـه الإ 1960م الـذي نـص علـى نشـر الصناعـات الريفيـة،
مـن أخـذ أولادهـم للتجنيـد والتحـاق بعضهـم بالتعليـم أو واسـتغلال الخامـات المتوفـرة فـي القـرى ،وإجـ ارء
بالحـرف الصناعيـة.
57