Page 56 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 56

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                        ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫بهـا عنـد اسـتخدام التكنولوجيـا المطـورة‪ ،‬وعنـد اسـتغلال‬          ‫أي وقـت؛ حيـث تعمـل كموجهـات لسـلوك النـاس عنـد‬
‫الإمكانيـات البيئيـة للمـوارد المتجـددة وغيـر المتجـددة‪،‬‬          ‫الحاجـة” وهنـاك مـن يعرفهـا علـى أنهـا “مجموعـة مـن‬
‫والحـرص علـى الحفـاظ علـى هـذه الإمكانيـات المحـددة‬               ‫العناصـر الإد اركيـة والمعرفيـة والوجدانيـة التـي تؤثـر فـي‬
                                                                  ‫توجيـه سـلوك الفـرد‪ ،‬وتعـد ضاب ًطـا لتفاعلـه مـع الجماعـة‬
  ‫لتلبيـة احتياجـات الجيـل الحالـي والأجيـال المقبلـة‪.‬‬            ‫التـي ينتمـي إليهـا” وعرفهـا آخـرون بأنهـا “مجموعـة القيـم‬
                                                                  ‫والعادات والتقاليد والأفكار التي تشكل نسًقا رم ّزًيا يوجه‬
‫تؤكـد التنميـة المسـتدامة علـى ضـرورة الحفـاظ علـى‬
‫البيئـة مـن أجـل الأجيـال القادمـة‪ ،‬والاسـتخدام الرشـيد‬             ‫التفاعـل الاجتماعـي فـي مختلـف مجـالات الحيـاة”‪.‬‬
‫والعقلانـي ليـس فقـط فـي مجـال اسـتخدام المـوارد‬
‫والتكنولوجيـا بـل وفـي مجـال الاسـتهلاك دون تدميـر‬                ‫بشـكل عـام يمكـن القـول بـأن التعريفـات السـابقة‬
‫للبيئة والموارد‪ ،‬التي ترتكز على فكرة التوازن بين النمو‬               ‫اتفقـت علـى عـدة عناصـر رئيسـة تميـز الثقافـة‪.‬‬
‫الاقتصـادي والبيئـة واتبـاع نمـط تنمـوي ملائـم بيئًّيـا فـي‬
‫ضـوء الاحتياجـات الاقتصاديـة والاجتماعيـة‪ ،‬ويتطلـب‬                ‫	•ركـزت بشـكل أساسـي علـي العنصـر المجتمعـي‪،‬‬
‫ذلـك العمـل فـي إطـار شـروط ثلاثـة هـي أولاً‪ :‬ترشـيد‬                               ‫فـا يوجـد ثقافـة بـدون مجتمـع‪.‬‬
‫اسـتخدام المـوارد غيـر المتجـددة‪ ،‬ثانًيـا‪ :‬عـدم تجـاوز قـدرة‬
‫المـوارد المتجـددة – نباتيـة وحيوانيـة وأرضيـة ومائيـة ‪-‬‬          ‫	•تنتقـل الثقافـة مـن جيـل إلـى آخـر بالتقليـد‬
‫علـى تجديـد نفسـها حتـى لا تندثـر‪ ،‬ثالثًـا‪ :‬عـدم تجـاوز‬           ‫الاجتماعـي‪ ،‬هـذا إلـى جانـب قابليتهـا للتعلـم‪.‬‬
‫قدرة النظام البيئي على هضم المخلفات حتى لا تتلوث‬
‫تلوثًـا يضـر بالإنسـان‪ .‬إن الإخـال بـأي شـرط مـن هـذه‬             ‫	•للثقافـة القـدرة علـى تحديـد وتنظيـم أنمـاط الحيـاة‬
‫الشـروط تعنـي أن التنميـة المسـتهدفة مـن النشـاط الـذي‬                         ‫الاجتماعيـة والتحكـم فـي مسـارها‪.‬‬

         ‫أدى إلـى هـذا الإخـال لـن تكـون مسـتدامة‪.‬‬                ‫	•قابليـة الثقافـة للتغيـر حسـب مـا يمـر بـه أفـ ارد‬
                                                                                ‫المجتمـع مـن خبـ ارت ومواقـف‪.‬‬
‫يتضمـن التخطيـط للتنميـة المسـتدامة م ارعـاة ثلاثـة‬
‫أبعـاد رئيسـية تميزهـا عـن أنمـاط التنميـة التقليديـة‪،‬‬                                     ‫‪ -2‬التنمية المستدامة‬
‫يأتـي البعـد الزمنـي أول هـذه الأبعـاد فهـي تنميـه طويلـة‬
‫المـدى تعتمـد علـى تقديـر إمكانيـات الحاضـر‪ ،‬ويتـم‬                ‫بـرز هـذا المفهـوم كأحـد المفاهيـم الأساسـية فـي‬
‫التخطيـط لهـا لأطـول فتـره زمنيـة‪ ،‬فهـي ت ارعـي حـق‬               ‫أدبيـات التنميـة فـي الثمانينيـات مـن القـرن العشـرين‪،‬‬
‫الأجيـال القادمـة فـي المـوارد الطبيعيـة‪ ،‬ويركـز البعـد‬           ‫وبـدأ يـزداد شـيو ًعا عندمـا نشـر تقريـر ب ارنـد تلانـد عـن‬
‫الثانـي علـي صيانـة البيئـة الطبيعيـة وعـدم اسـتن ازف‬             ‫مسـتقبلنا المشـترك ‪ our common future‬سـنة‬
‫قاعـدة المـوارد فـي المحيـط الحيـوي أو تلويثهـا‪ ،‬ويتمثـل‬          ‫‪1987‬م‪ ،‬والـذي عـرق التنميـة المسـتدامة بأنهـا التنميـة‬
‫البعـد الثالـث فـي تلبيـة الاحتياجـات الأساسـية للبشـر‬            ‫التـي ُتلبـي احتياجـات الحاضـر دون المسـاومة علـى‬
‫– الغـذاء والسـكن والملبـس‪ ...‬إلـخ‪ ،‬وكل مـا يتصـل‬                 ‫قـدرة الأجيـال المقبلـة فـي تلبيـة احتياجاتهـم‪ ،‬يركـز‬
                                                                  ‫التعريـف علـى المفهـوم الحاجـات ‪ needs‬وخاصـة‬
       ‫بتحسـين نوعيـة الحيـاة الماديـة والاجتماعيـة‪.‬‬              ‫المتعلقـة بالفقـ ارء‪ ،‬والتـي ينبغـي أن تُعطـى الأولويـة‬
                                                                  ‫المطلقـة‪ ،‬ومفهـوم المحـددات ‪ limits‬التـي يجـب الالتـ ازم‬

                                                              ‫‪56‬‬
   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61