Page 6 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 6
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
وُيلاحظ هنا أن الاتجاَه السكوني يستند إلى المبادئ لعقـول البشـر ،وتنامـي ظاهـرة تسـليع الفكـر وترويـج
التقليدية المعتادة لوظائف الأسرة بهدف المحافظة على
الأبنـاء مـن خـال عمليـة التطبيـع الاجتماعـي التربـوي، ثقافـة كونيـة ،تُضعـف مـن السـيادة القوميـة والانتمـاء
الوطنـي والـولاء للخصوصيـة المجتمعيـة.
المنـوط بهـا نشـر وترسـيخ نمـط مـن الثقافـة التربويـة فـي ضـوء كثافـة تلـك المتغيـ ارت تبـرز إشـكاليات
العامـة التـي توارثتهـا الأجيـال «الأبويـة» مسـتخدمة كبـرى تتمحـور حـول توصيـف الـدور السياسـي للأسـرة،
أسـاليب تربويـة تعكـس ملامـح القيـم المجتمعيـة والبيئـة وقضايا التنشـئة السياسـية ،وطبيعتها التقليدية ،وإلى أي
المحيطـة بثقافتهـا الماديـة والمعنويـة ،ليسـتدميها الأبنـاء مـدي تُعـد التنشـئة – فـي أبعادهـا السياسـية والثقافيـة –
داخـل أسـرهم لتسـاعدهم فـي مواجهـة المواقـف الحياتيـة مـن الوظائـف المحتفظـة بهـا الأسـرة العربيـة فـي عالمنـا
المعاصـر؟ وهنـا يبـرز السـؤال المختصـر مـاذا حـدث مـن
التـي يتعرضـون لهـا. تغيـر فـي أدوار ووظائـف الأسـرة العربيـة خاصـة تلـك
وينطلـق آخـرون مـن منظـور مجتمعـي وطنـي
الوظيفة التي تتعلق بعملية التنشـئة السياسـية؛ لذا سـوف تفاعلـي ،معتبريـن أن تشـكي َل الشـخصية الذاتيـة
نركـز علـى إشـكالية «الثابـت والمتحـول فـي المـوروث والمجتمعيـة للمواطـن بملامحهـا السياسـية هـي ليسـت
فقـط مسـئولية الدولـة الموجهـة لتشـكيل «الـذات الثقافـي المرتبـط بقيـم الـذات السياسـية الوطنيـة».
السياسـية» ،Political-Selfبـل تُعـد رؤيـة الطـرف أولاً :التنشئة السياسية المعني والدلالة:
المسـتقبل لتلـك السياسـة مـن الأمـور المهمـة والمكملـة
تعـددت التعريفـات ،وتشـكلت اتجاهـات متباينـة
لتكويـن نمـط متطـور مـن التربيـة السياسـية التشـاركية، للمفهوم العلمي للتنشـ�ئة السياسـ�ي ة �Political Social
،izationفهنـاك «الاتجـاه السـكوني» الـذي َينطلـق مـن
فالتنشـئة السياسـية تُمثـل عمليـة تختـص بـ «الـذات رؤية نظرية محافظة ،تشير إلى تلك العملية المتواصلة
السياسـية الوطنيـة»؛ حيـث تُعـد الوسـيلة الأساسـية التـي يتـم مـن خلالهـا تلقيـن الأفـ ارد منظومـة قيميـة تشـكل
التـي يحـاول بهـا النظـام نقـ َل خبـ ارت التـ ارث الخـاص أرس المـال الثقافـي والرمـزي ،مـن خـال مفـردات لغويـة
بـه مـن جيـل إلـى آخـر ،متوق ًعـا ردود أفعـال نقديـة ،قـد وقيميـة ومعاييـر وتقاليـد وأعـ ارف تتمفصـل مـع النظـام
تحمـل قبـولاً أو رؤيـة مخالفـة تحتـاج إلـى العمـل مـن الاجتماعـي العـام وتحتـوي بداخلهـا علـى مفـردات مـن
أجـل التغييـر يقدمهـا البعـض مـن المتلقيـن لهـذه الثقافـة التثقيـف السياسـي ،ونظـام الحكـم وطبيعـة العلاقـة بيـن
السـلطة والمواطـن ،وفـي هـذا الإطـار تتشـكل مكونـات
السياسـية ،فـإذا كان هـدف المجتمـع تكويـن شـخصية اسـتقبال واكتسـاب تلـك الثقافـة لـدي الأفـ ارد بصـورة
تدريجيـة خـال م ارحـل التنشـئة الاجتماعيـة التـي تبـدأ
بملامـح سياسـية معينـة ،يقدمهـا مـن خـال منظومـة مـن داخـل حيـز الوحـدة الاجتماعيـة الأولـى (الأسـرة)
منـذ مرحلـة الطفولـة وتتطـور مـع م ارحـل النمـو خـارج
قيميـة تتفـق مـع خصوصيـة المجتمـع وأهدافـه ،فـإن نطاق الأسرة حين يتم التعامل مع المؤسسات التعليمية
اسـتقبال المواطنيـن لهـا ،خـال تعاملهـم مـع الهيئـات وقطاعـات الدولـة ومؤسسـاتها المختلفـة فيمـا بعـد.
ومؤسسـات المجتمـع ،تسـتدعي المشـاركة النشـطة أو
الفاعلـة مـن قبـل المواطنيـن ،وبنـاء عليـة يـري أنصـار
هـذا الاتجـاه أن ترسـي َخ ثقافـة المجتمـع المرتكـزة علـى
الـذات السياسـية والهويـة المجتمعيـة Social Identity
تشـكل طبيعـة تشـكيل المواطـن التشـاركي الـذي يأخـذ
6