Page 10 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 10
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
تبرز الإشـكالية الرئيسـية في تسـاؤلات نوجز أهمها فيما ارب ًعـا :الأسـرة العربيـة مـن روابـط وجدانيـة صلبـة
يلـي :مـاذا حـدث للعائلـة العربيـة؟ ولمـاذا وكيـف تخلـت إلـى علاقـات هامشـية مفككـة..
تتبايـن العلاقـات الاجتماعيـة بيـن الجماعـات عـن وظائفهـا التربويـة وت ارجعهـا عـن احتضـان أبنائهـا؟
الإنسـانية وفًقـا لطبيعـة الثقافـة المجتمعيـة المعبـرة عـن وهـل كان التغييـر ناتـج عـن طبيعـة العصـر والرغبـة فـي
المجـال الاجتماعـي القائـم ،ومـا يحملـه مـن قيـم وعـادات تنامـي المحـاكاة الثقافيـة بفعـل آليـات العولمة وتكنولوجيا
وتقاليـد وأعـ ارف وزخـم مت اركـم مـن مـوروث حضـاري الاتصـال الرقمـي أم نتـاج لتحديـات بنائيـة لـم تسـتطع
ترسـخ بفعـل التاريـخ فـي ذهـن المنتميـن إليـه ،وينعكـس مواجهتهـا؟ وإلـى أي مـدى هنـاك اتجاهـات مؤيـدة وأخـرى
كل ذلـك فـي مظاهـر وأفعـال وسـلوكيات وتصرفـات معارضـة لعمليـات التغييـر التـي انتابـت وظائـف الأسـرة؟
ورمـوز ولغـة للحـوار ،وكذلـك مـا يبـدو مـن حـركات ومـا خصائـص أو مبـر ارت أصحـاب الاتجاهـات المؤيـدة
الجسـد (لغـة الجسـد) ،Body Languageويتضـح للتغيـر والمعارضـة لـه؟ ومـا انعكاسـات متغيـ ارت العالـم
علـى بنيـة الأسـرة اجتماعًّيـا وسياسـًّيا؟ وإلـى أي مـدى – عـادة – خـال تعامـل الأفـ ارد فـي المواقـف الحياتيـة
توثـر سـلًبا علـى الشـخصية الوطنيـة؟ ومـا مسـتقبل المختلفـة؛ حيـث تتجمـع خيـوط تلـك الثقافـة المترسـخة
أجيـال الشـباب فـي ظـل انبهـاره بتكنولوجيـا الاتصـالات علـى هيئـة عقـل جمعـي ( )group mindيعكـس
الرقميـة والـذكاء الاصطناعـي القـادم؟ ومـا تصـو ارت للأخريـن سـلوكيات متوقـع حدوثهـا ،تعكـس نظـام ت ارتبـي
ُيحـدد شـكل العلاقـات الاجتماعيـة ،وطبيعـة ردود أفعـال جيـل الشـباب لتحديـات مجتمـع المخاطـر؟
الأط ارف الأخرى بالقبول أو الرفض ،وهنا تكتسـب تلك وللإجابـة علـى تلـك التسـاؤلات المثـارة نسـتعرض
أوضاع الأسرة العربية ،آخذين في الاعتبار أن التغيير
الثقافـة أسـس ثباتهـا وإمكانيـة الالتـ ازم بهـا ،فتصبـح هدًفـا
تسـعى إليـه الأسـرة باعتبارهـا الخليـة الاجتماعيـة الأولـى
كونـي وليـس محلًّيـا ،فقـد شـهد العالـم ،مـع الاعـان عـن المنوطـة بتربيـة الأبنـاء والقيـام بتنشـئتهم اجتماعًّيـا بمـا
تأسـيس مـا ُيسـمي بـ القريـة الكونيـة والتـي مـا تـ ازل يتناسـب مـع قيـم المجتمـع وموروثـة الثقافـي.
وتشـير الشـواهد الواقعيـة إلـى أن الأسـرة العربيـة افت ارضيـة ( )Village Global Virtualبعيـدة عـن
تأثـرت – شـأنها شـأن كافـة المؤسسـات والنظـم التطبيـق الواقعـي المتكافـئ ،شـهد متغيـ ارت كونيـة كبـرى
الاجتماعيـة فـي دول العالـم – بطبيعـة ووزن التحـولات
والمخاطـر العالميـة التـي تواجههـا ،فلـم تعـد هـي العائلـة وبالتالـي فـأي تحليـل للقضايـا المطروحـة يهمـش النسـق
التقليديـة القديمـة التـي كانـت تتمتـع بإمكانـات – ماديـة
أو روحانية – تسـهم في احتضان ورعاية أبنائها بسـبب العالمي ،لن ُيجدي نف ًعا لفهم وتفسـير ما أصاب الأسـرة
التغيـر فـي الوظيفـة الاقتصاديـة للأسـرة ،ولـم تعـد كذلـك مـن وهـن وظيفـي أدى إلـى تخليهـا مجبـرة عـن تمسـكها
هـي الحاضنـة للـذات السياسـية أو الهويـة الوطنيـة،
بوظائفهـا الأساسـية ،وخصو ًصـا فيمـا يتعلـق بعمليـة
التنشـئة السياسـية .فالأسـرة – وهـي تتخلـي عـن تنشـئة
أطفالهـا – تظـل غيـر ارضيـة؛ حيـث إنهـا لا تنظـر
إلـى ذاتهـا علـى أنهـا أداة لنقـل المـروت الثقافـي والقيـم منـذ أن فقـدت دورهـا الوطنـي بسـبب اختفـاء ملامـح
المجتمعيـة لأبنائهـا فقـط ،بـل تعمـل علـى احتضانهـم النضـال السياسـي التـي مـرت بهـا تلـك الـدول فـي فتـ ارت
حمايـة لهـم مـن تيـا ارت وافـدة عليهـم تهـدد مسـتقبلهم.
10