Page 15 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 15

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                      ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫هنـاك كتابـات كثيـرة تناولـت مفهـوم المواطنـة مـن القانـون‪ ،‬كمـا أنـه لا يشـترط أن تكـون الحقـوق موحـدة‬

‫زوايـا متعـددة ومختلفـة‪ ،‬ممـا يؤكـد أنـه لا يـ ازل مفهوًمـا بيـن المواطنيـن‪ .2‬ثانًيـا‪ :‬كوضـع سياسـي‪ ،‬يعتبـر‬
‫تختلـف حولـه التحليـات الفلسـفية‪ ،‬وتتعـارض فـي شـأنه المواطنيـن علـى وجـه التحديـد عمـاء سياسـيين‪،‬‬

‫النظريـات الاجتماعيـة‪ ،‬ولـم تنتـه النظريـة السياسـية إلـى ويشـاركون بنشـاط فـي المؤسسـات السياسـية للمجتمـع‪.3‬‬

‫ثالثًـا‪ :‬المواطنـة كهويـة‪ ،‬ويعـد ُبعـد الهويـة هـو الأقـل‬       ‫أري أخيـر يوضـح ماهيتـه‪ ،‬وبالتالـي لا تـ ازل تتبايـن‬
‫وضو ًحـا فـي الأبعـاد الثلاثـة؛ لأن هـذا البعـد يتضمـن‬          ‫فـي تحديـد معالمـه ومضمونـه الأنظمـة السياسـية عبـر‬
‫العديـد مـن العناصـر المختلفـة المتعلقـة بالهويـة الفرديـة‬
                                                                           ‫العالـم‪ ،‬بـل عبـر أحـ ازب الدولـة الواحـدة‪.1‬‬

‫والجماعيـة والاجتماعيـة‪ ،‬ويتعلـق بالثقافـة وباللغـة‬             ‫وموضوعـي هـو “المواطنـة متعـددة الثقافـات”‪،‬‬
                                                                ‫أو مواطنـة التعدديـة الثقافيـة ‪Multicultural‬‬
‫بالديـن وغيرهـا مـن العوامـل الأخـرى‪ ،‬وأهـم عنصـر مـن‬           ‫‪ ،citizenship‬والعديـد مـن المصطلحـات تتداخـل‬
                                                                ‫فيمـا بينهـا‪ :‬التعدديـة الثقافيـة ‪،Multiculturalism‬‬
‫عناصـر الهويـة هـو مـا يتعلـق بإحسـاس المواطنيـن‬                ‫الخصوصيـة الثقافيـة ‪،cultural particularity‬‬
                                                                ‫الاختلافـات الثقافيـة ‪،Cultural differences‬‬
‫الشـخصي بالانتمـاء‪ ،‬الـذي يطلـق عليـه أحياًنـا البعـد‬           ‫الثقافـات المختلفـة ‪ ،Different cultures‬التمّيـز‬
‫«النفسـي» للمواطنـة الـذي يؤثـر بـدوره علـى قـوة الهويـة‬
‫الجماعيـة للمجتمـع السياسـي‪ .‬فـإذا أظهـر عـدد كا ٍف‬                      ‫الثقافـي ‪.cultural distinctiveness‬‬

‫مـن المواطنيـن إحسا ًسـا قوًّيـا بالانتمـاء إلـى نفـس‬           ‫سـيكون تركيـزي علـى مـا يلـي‪ :‬أولاً‪ :‬قضيـة التعدديـة‬
‫المجتمـع السياسـي هنـا يتعـزز التماسـك الاجتماعـي؛‬

‫لذلـك يجـب اعتبـار التكامـل الاجتماعـي هدًفـا مه ًّمـا مـن‬
‫الأهـداف التـي تهـدف المواطنـة إلـى تحقيقهـا‪ ،‬بـل أحـد‬

‫الثقافيـة ‪ ،Multiculturalism‬ثانًيـا ‪ :‬تداعيـات نشـأة الاختبـا ارت الحاسـمة لأي تصـور للمواطنـة هـو مـا إذا‬
‫فكـرة المواطنـة متعـددة الثقافـات فـي المجتمـع الأمريكـي‪ ،‬كان يمكـن القـول بأنهـا تسـهم فـي الاندمـاج الاجتماعـي‬

‫ثالثًـا‪ :‬هـل مجتمعاتنـا مجتمعـات متعـددة الثقافـات أم لا‪ .4‬تتركـز الاختلافـات بيـن مفاهيـم المواطنـة حـول‬

‫بالمعنـى الموجـود فـي السـياقات الغربيـة؟ وهـل تصلـح أربعـة خلافـات‪ :‬حـول التعريـف الدقيـق لـكل عنصـر‬

‫(قانونـي وسياسـي وهويـة)؛ علـى أهميتهـا النسـبية؛‬               ‫الفكـرة الغربيـة للتطبيـق فـي مجتمعاتنـا العربيـة؟‬

‫علـى العلاقـات السـببية و ‪ /‬أو المفاهيميـة بينهـا؛ علـى‬         ‫ممـا لا شـك فيـه أن المواطنـة ذات أبعـاد رئيسـية‬
                     ‫المعاييـر المعياريـة المناسـبة‪.5‬‬           ‫أساسـية لا يمكـن إنكارهـا أو اسـتبعادها بـل ينبغـي‬

‫وعندمـا يتحـدث الفيلسـوف الغربـي عـن المواطنـة‪،‬‬                 ‫إق اررهـا و فهمهـا‪ ،‬أولاً‪ :‬المواطنـة كوضـع قانونـي‪،‬‬

‫تحـدده الحقـوق المدنيـة والسياسـية والاجتماعيـة‪ .‬هنـا‪ ،‬بأبعادهـا المتعـددة؛ فإنـه يبـدأ معالجتـه تاريخًّيـا فيـرد‬

‫‪(1) Citizenship in https//plato.stanford.edu/info.‬‬              ‫المواطـن هـو الشـخص الاعتبـاري الحـر فـي التصـرف‬
‫‪Copyright © 2017 by Dominique Leydet <leydet.‬‬                   ‫وفًقـا للقانـون ولـه الحـق فـي المطالبـة بحمايـة القانـون‪،‬‬
‫‪dominique@uqam.ca‬‬                                               ‫لا يعنـي بالضـرورة أن المواطـن يشـارك فـي صياغـة‬
‫‪(3) Ibid.‬‬
‫‪(4)Ibid.‬‬                                                        ‫(‪ )1‬محمـد عثمـان الخشـت‪ ،‬فلسـفة المواطنـة وأسـس بنـاء الدولـة‬
‫‪(5)https//plato.stanford.edu/info.htmI#c‬‬                        ‫الحديثـة‪ ،‬و ازرة الثقافـة‪ ،‬الهيئـة العامـة لقصـور الثقافـة‪ ،‬سلسـلة‬

                                                                                                 ‫الفلسـفة ‪ ،7‬مقدمـة ص‪.7‬‬

                                                            ‫‪15‬‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20