Page 16 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 16

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                      ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫الأفـكار دائ ًمـا إلـى جذورهـا الغربيـة باحثًـا عـن نشـأة مـن منصـب سياسـي‪ .‬وهـو ُبعـد “يشـير إلـى العضويـة‬
‫الفكـرة لـدى اليونـان أو الرومـان‪ ،‬فنجـده يتحـرك فـي فـي مجتمـع مـن القانـون المشـترك أو العـام‪ .‬إن التقليـد‬

‫نطـاق النموذجيـن المعروفيـن فـي الغـرب وهمـا‪ :‬النمـوذج الليب ارلـي‪ ،‬الـذي تطـور منـذ القـرن السـابع عشـر ومـا‬

‫الجمهـوري؛ الـذي يشـدد علـى البعـد السياسـي للمواطنـة‪ ،‬بعـده‪ ،‬يفهـم المواطنـة فـي المقـام الأول كوضـع قانونـي‪:‬‬

‫الحرية السياسـية مهمة كوسـيلة لحماية الحريات الفردية‬            ‫والنموذج الليب ارلي؛ الذي ُيشدد على البعد القانوني فيرد‬
‫مـن تدخـل الأفـ ارد الآخريـن أو السـلطات نفسـها‪ .‬لكـ ّن‬         ‫أصولـه إلـى الامب ارطوريـة الرومانيـة والقانـون الرومانـي‪،‬‬
‫المواطنيـن يمارسـون هـذه الحريـات فـي المقـام الأول فـي‬         ‫أي أنـه يجعـل النموذجيـن‪ :‬الجمهـوري أو الليب ارلـي‬

        ‫نقطـة مرجعيـة للمناقشـات حـول المواطنـة‪ ،‬وعـادة مـا المجتمـع وليـس فـي المجـال السياسـي‪.1‬‬

‫يقـدم النموذجـان مجموعـة مـن البدائـل‪ :‬المواطنـة‬                ‫يجـد مصـادر النمـوذج الجمهـوري فـي كتابـات‪ :‬أرسـطو‬
‫كوضـع سياسـي أو كوضـع قانونـي؛ يظهـر المواطـن‬                   ‫وتاسـيتوس وشيشـرو وماكيافيلـي وهارينجتـون وروسـو‪،‬‬
‫إمـا بصفتـه الوكيـل السياسـي‪ ،‬أو كفـرد لا تتـرك أنشـطته‬         ‫وفـي تجـارب تاريخيـة مـن الديمق ارطيـة الأثينيـة ورومـا‬
‫الخاصـة سـوى القليـل مـن الوقـت أو الرغبـة فـي الانخـ ارط‬       ‫الجمهوريـة إلـى المـدن الإيطاليـة والمجالـس العماليـة‬
‫بنشـاط فـي السياسـة‪ ،‬أو تكليـف رجـال الأعمـال بسـن‬              ‫الإيطاليـة‪ .‬والمبـدأ الأساسـي للنمـوذج الجمهـوري هـو‬
‫القوانين‪ .‬إذا كان النموذج الليب ارلي للمواطنة يهيمن على‬         ‫الحكـم الذاتـي المدنـي‪ ،‬الـذي يتجسـد فـي المؤسسـات‬
‫الديمق ارطيـات الدسـتورية المعاصـرة‪ ،‬فـإن النقـد الجمهـوري‬      ‫والممارسـات الكلاسـيكية مثـل تنـاوب المناصـب‪ ،‬ممـا‬
‫لسـلبية المواطـن الخـاص وعـدم أهميتـه لا يـ ازلان‬               ‫يدعـم وصـف أرسـطو للمواطـن بأنـه قـادر علـى الحكـم‬
‫موجـودان‪ .2‬لكـن هنـاك مـن يـرى بـدلاً مـن معارضـة‬               ‫ويحكـم بـدوره‪ .‬فالمواطنـون هـم‪« ،‬أولئـك الذيـن يشـاركون‬
‫النموذجيـن‪ ،‬يمكـن اعتبارهمـا مكمليـن بعضهمـا البعض‪.3‬‬            ‫فـي شـغل المنصـب» (أرسـطو السياسـة ‪.)1275a8 ،‬‬
                                                                ‫ويقـع الحكـم الذاتـي المدنـي أي ًضـا فـي قلـب مشـروع‬
‫أي ًضـا يرتبـط بموضـوع المواطنـة مـا ُيعـرف بالمواطنـة‬          ‫روسـو فـي العقـد الاجتماعـي ‪،Contract Social‬‬
‫العالميـة‪ ، WORLD CITIZENSHIP‬والحكومـة‬                          ‫يشـدد النمـوذج الجمهـوري أسا ًسـا علـى البعـد الثانـي‬
‫العالميـة ‪ World Government‬وهـو موضـوع أي ًضـا‬                  ‫للمواطنـة‪ ،‬وهـو البعـد السياسـي‪ .‬كمـا يعـود الفيلسـوف‬
‫ليـس جديـًدا كمـا يقـول ديريـك هيتـر ‪Derek Heater‬‬               ‫الغربـي بأصـول النمـوذج الليب ارلـي إلـى الإمب ارطوريـة‬
‫الـذي يطـرح سـؤالاً‪ ،‬عنـد حديثـه عـن الدولـة فيقـول‪ :‬هـل‬        ‫الرومانيـة وكذلـك انعكاسـات العصـر الحديـث علـى‬

‫القانـون الرومانـي‪ .‬كمـا أدى توسـع الإمب ارطوريـة مـن المرغـوب – وهـل مـن الممكـن – أن تكـون الدولـة‬

‫الرومانيـة إلـى توسـيع حقـوق المواطنـة لتشـمل الشـعوب مت اربطـة مـع الكوكـب بأسـره‪ ،‬وأن تشـمل المواطنـة‬

‫التـي تـم غزوهـا‪ ،‬ممـا أدى إلـى تحـول عميـق فـي معنـى جميـع سـكان الكوكـب؟‪ 4‬ثـم ُيصـرح بـأن العديـَد مـن‬

‫المفهـوم‪ .‬المواطنـة تعنـي الحمايـة بموجـب القانـون بـدلاً ‪(1) Citizenship in https//plato.stanford.edu/info.‬‬
‫‪htmI#c‬‬
                                                                ‫مـن المشـاركة فـي صياغتـه أو تنفيـذه‪ .‬وهنـا أصبحـت‬

‫‪(2) Citizenship in https//plato.stanford.edu/info.‬‬              ‫“الهويـة مهمـة ولكنهـا عرضيـة‪ ،‬وهـي وضـع قانونـي‬
‫‪htmI#c‬‬                                                          ‫وليـس حقيقـة فـي الحيـاة اليوميـة”‪ .‬فالتركيـز هنـا علـى‬
‫‪3) Ibid.‬‬                                                        ‫فهـم المواطنـة فـي المقـام الأول كوضـع قانونـي بـدلاً‬
‫‪(4) Derek Heater :World Citizenship and‬‬

                                                            ‫‪16‬‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21