Page 19 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 19

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                             ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫وفي كتاب كيمليكا المترجم إلى اللغة العربية‪“ :‬أوديسا فـي مدخـل الكتـاب بذكـر مـا أسـماه «ثـورة حقيقيـة فـي‬

‫التعدديـة الثقافيـة‪ ،‬سـبر السياسـات الدوليـة الجديـدة فـي جميـع أنحـاء العالـم فـي العلاقـات بيـن الـدول والأقليـات‬

‫العرقيـة‪ ،‬فلقـد بـدأت تختفـي النمـاذج القديمـة للدولـة‬                 ‫التنـوع”‪ ،1‬يتنـاول موضـوع التعدديـة الثقافيـة‪ ،‬الـذي ُيعـّده‬
‫القوميـة ذات النسـيج المتماثـل المنسـجم‪ ،‬كمـا ازدادت‬                   ‫المترجـم موضو ًعـا جديـًدا فـي الفلسـفة السياسـية‪ ،‬يقـول‬
‫المنازعـات حولهـا و ارحـت تحـل محلهـا نمـاذج مـن‬                       ‫إمـام عبـد الفتـاح إمـام‪ :‬فلـم يكـن عمالقـة الفكـر السياسـي‬

‫التعدديـة الثقافيـة للدولـة والمواطنـة‪ ،‬وقـد انعكـس ذلـك‪،‬‬              ‫قدي ًمـا ووسـي ًطا وحديثًـا يهتمـون بشـيء اسـمه «التعدديـة‬
‫علـى سـبيل المثـال‪ ،‬فـي التبنـي واسـع الانتشـار للتكيـف‬                ‫الثقافيـة»‪ ... 2‬الكتـاب يعـرض علينـا موضو ًعـا جديـًدا‬
‫الثقافـي والدينـي عنـد الجماعـات المهاجـرة‪ ،‬وقبـول حـق‬
                                                                            ‫كل الجـدة لـم تعرفـه الفلسـفة السياسـية مـن قبـل!‪.3‬‬

‫اسـتقلال الأ ارضـي واللغـة للأقليـات القوميـة‪ ،‬والاعتـ ارف‬             ‫وإنـي أتسـاءل‪ :‬مـن أي ازويـة يعـد هـذا الموضـوع‬
‫بمطالـب البـاد وحقهـا فـي الحكـم الذاتـي بالنسـبة إلـى‬
                                                                       ‫جديـًدا كل الجـدة فـي الفلسـفة السياسـية؛ والد ارسـات‬
                              ‫الشـعوب الأصليـة»‪.4‬‬                      ‫الغربيـة تـرد جـذوره إلـى اليونـان والرومـان؟ كمـا أن‬

‫لكننـي أتسـاءل‪ :‬أيـن نجـد هـذا الـذي أشـار إليـه‬                       ‫ثقافتنـا العربيـة الإسـامية تحتفـي بالتعدديـة الثقافيـة‬

‫فـكان هنـاك – علـى زمـن الرسـول صلـى الله عليـه وسـلم كيمليـكا؟ هـل هـذا ينطبـق علـى بلادنـا العربيـة؟ هـل‬

‫– بـال الحبشـي وصهيـب الرومـي وسـلمان الفارسـي التعدديـة الثقافيـة جـاءت نتيجـة لاختفـاء النمـاذج‬

‫وغيرهـم ُكثـر‪ ،‬فضـاً عـن اليهـود والنصـارى والمجـوس القديمـة للدولـة القوميـة ذات النسـيج المتماثـل المنسـجم؟‬
‫وعبـدة الأصنـام وعبـدة النـار وغيرهـم مـن الذيـن كانـوا وقبـول حـق اسـتقلال الأ ارضـي واللغـة للأقليـات‬

‫القوميـة والاعتـ ارف بمطالـب البـاد وحقهـا فـي الحكـم‬                  ‫يعيشـون فـي مجتمـع الجزيـرة العربيـة‪..‬‬

‫الذاتـي بالنسـبة إلـى الشـعوب الأصليـة؟ أليـس الشـعب‬                   ‫مـن أي ازويـة هـو جديـد؟ هـل مـن ازويـة الاهتمـام‬
‫الفلسـطيني لـه الحـ ُّق فـي تقريـر مصيـره وفـي الحكـم‬                  ‫الغربـي بحقـوق الأقليـات؟ أم مـن ازويـة طغيـان الثقافـة‬
‫الذاتـي علـى أ ارضيـه باعتبارهـم شـعوًبا أصليـة فـي بلدهـم‬
‫فلسطين؟ ماذا يقصد كيمليكا بـ «النماذج القديمة للدولة‬                   ‫الواحـدة بتأثيـر العولمـة الثقافيـة والسـماوات المفتوحـة‪...‬‬
‫القوميـة ذات النسـيج المتماثـل المنسـجم؟»‪ ،‬هـل يرفـض‬
‫كيمليـكا انسـجام الدولـة القوميـة ووحدتهـا؟ بالطبـع ليـس‬               ‫إلـخ؟ إن كيمليـكا يسـتخدم مصطلـح الثقافـة بوصفـه كياًنـا‬
‫بالضـرورة أن الانسـجام يقتضـي الاسـتبعاد والإقصـاء‬                     ‫مركًبـا ينتقـل اجتماعًّيـا مـن جيـل إلـى جيـل‪ ،‬ويتكـون مـن‬
‫لفئـات مـن المجتمـع‪ .‬وهـل المواطنـة متعـددة الثقافـات‬                  ‫المعرفـة واللغـة والمعتقـدات الدينيـة والفنـون والأخـاق‬
‫تقتضـي انفـ ارط عقـد الدولـة القوميـة وتقسـيم أ ارضيهـا؟‬               ‫والعادات والعرف والتقاليد والقانون‪ ...‬إلخ‪ .‬ويركز على‬
‫هـل أصبـح التماثـل والتجانـس داخـل الدولـة الواحـدة مـن‬                ‫«حقـوق الأقليـات»‪ ،‬بـل يجعـل عنـوان البـاب الأول مـن‬

                                                                       ‫كتابـه‪« :‬إعـادة تدويـل علاقـة الدولـة بالأقليـات»‪ ،‬يبـدأ‬

‫النظـم القديمـة؟ هـل يعتبرنـا كيمليـكا مـن مخلفـات العهـد‬              ‫‪ )1‬ترجمـة‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬إمـام عبـد الفتـاح إمـام‪ ،‬عالـم المعرفـة‪،‬‬
‫البائـد حيـن ندعـو إلـى دولـة قوميـة قـام المسـتعمر بتقسـيم‬            ‫الكويـت‪ ،‬الجـزء الأول‪ ،‬عـدد (‪ )377‬يونيـو‪ ،2011 ،‬والجـزء‬

‫‪ 4‬ويـل كيمليـكا‪ ،‬أوديسـا التعدديـة الثقافيـة ‪ ..‬ترجمـة إمـام عبـد‬                                ‫الثانـي‪ ،)378(،‬يوليـو ‪.2011‬‬
‫الفتـاح إمـام‪ ،‬عالـم المعرفـة (‪ ،)377‬يونيـو ‪ ،2011‬ج‪،1‬‬                               ‫‪ 2‬المرجع السابق‪ ،‬من مقدمة المترجم‪ ،‬ص‪.11‬‬
                                                                                    ‫‪ 3‬المرجع السابق‪ ،‬من مقدمة المترجم‪ ،‬ص‪.12‬‬
                                                 ‫ص ‪.17‬‬

                                                                   ‫‪19‬‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24