Page 22 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 22

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                       ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫بالطبـع مـن المفتـرض أن التعدديـة الثقافيـة تعنـي والاحتـال الأمريكـي للعـ ارق والتـي تمثـل بدايـة المسلسـل‬

‫ضمًنـا الدفـاع عـن الخصوصيـة الثقافيـة والهويـة وليسـت آخـره‪ ،‬وأن هنـاك توابـع كثيـرة لهـذا الزلـ ازل الـذي‬
‫الخاصـة؛ لذلـك يعتبـر كيمليـكا أن هـذا النقـد أسـاء فهـم وصـل بنـا الآن لأن تحتـل تركيـا الأ ارضـي الليبيـة‪ ،‬بعـد‬

‫كل دوافـع المنظمـات الدوليـة للاهتمـام بالتنـوع الثقافـي‪ ،‬أن شـاركت فـي تدميـر سـوريا واحتـال أجـ ازء مـن‬

‫أ ارضيهـا مـع دخـول قـوات أجنبيـة مـن كل لـون وجنـس‪.4‬‬            ‫كمـا أسـاء فهـم حقـوق الأقليـات‪ ،‬موض ًحـا أن الخطابـات‬
                                                                 ‫والقواعـد الدوليـة المنبثقـة عـن ذلـك كلـه هـي أسا ًسـا‬
‫إن كيمليـكا يدافـع بشـدة عـن المثـل الأعلـى للتعدديـة‬            ‫ليب ارليـة الطابـع تتسـق مـع نظريـات “التعدديـة الثقافيـة‬
‫الثقافيـة فـي العديـد مـن كتبـه ومنهـا كتابـه‪“ :‬مواطنـة‬
‫متعـددة الثقافـات‪ :‬نظريـة ليب ارليـة عـن حقـوق الأقليـات”‪5‬‬       ‫الليب ارليـة” التـي طورتهـا النظريـات السياسـية الغربيـة‬
‫وقـد ركـز فـي كتابـه المذكـور هـذا علـى المفارقـات‬
‫المحليـة داخـل الديمق ارطيـات الغربيـة‪ ،‬كمـا يصـرح‬               ‫الحديثـة؛ حيـث تُفهـم التعدديـة الثقافيـة علـى أنهـا مفهـوم‬
‫بنفسـه‪ .6‬كمـا يجعـل عنـوان البـاب الثالـث مـن كتابـه‬             ‫يرشـده ويضبطـه فـي آن م ًعـا الالتـ ازم السياسـي بمبـادئ‬

                                                                                         ‫الحريـة الفرديـة والمسـاواة‪.1‬‬

‫لكـن هـل الديمق ارطيـات الغربيـة تلتـزم بالفعـل بمبـادئ “أوديسـا التعدديـة الثقافيـة” “مفارقـات فـي الانتشـار‬

‫العـدل والحريـة والمسـاواة لـكل إنسـان كائًنـا مـا كان العالمـي للتعدديـة الثقافيـة الليب ارليـة”‪ ،7‬وبالتالـي فقـد‬
‫جنسـه أو لونـه أو دينـه داخـل مجتمعاتهـا وخارجهـا؟ ارتبطـت أفـكار التعدديـة الثقافيـة بالليب ارليـة فـي الغـرب؛‬

‫لذلـك فالمواطنـة متعـددة الثقافـات داخـل الـدول متعـددة‬          ‫مـاذا عـن الحـركات المناهضـة للتنـوع الثقافـي‬
‫العرقيـات هدفهـا تدعيـم التعدديـة الثقافيـة الليب ارليـة‪،‬‬        ‫وللأقليـات المسـلمة فـي الغـرب والمهاجريـن؟ مـاذا عـن‬
‫ولمـا ُطلـب مـن كيمليـكا أن يناقـش العلاقـة بيـن هـذه‬            ‫حركة “اسـتعادة اسـت ارليا”‪ Reclaim Australia2‬مثلاً‬
‫الأفـكار مـن أجـل صياغـة معاييـر دوليـة لحقـوق‬                   ‫وغيرها من المواقف المناهضة للمسـلمين في كل مكان‬
‫الأقليـات والانتشـار العالمـي لنمـاذج التعدديـة الثقافيـة‬        ‫فـي العالـم؟‪ 3‬مـاذا عـن المؤامـ ارت التـي تتعـرض لهـا‬
‫وأفضـل (ممارسـتها؛ اشـترك فـي العديـد مـن النـدوات‬               ‫المنطقـة العربيـة ابتـدا ًء مـن غـزو الكويـت وحـرب الخليـج‬
‫وقـام بم ارقبـة الجماعـات فـي هـذه الموضوعـات فيمـا‬

‫يقـرب مـن اثنتـي عشـرة دولـة‪ ،‬مـن أثيوبيـا إلـى أسـتونيا‬         ‫(‪ )1‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.22‬‬

‫ومـن سـوريا إلـى سـريلانكا ومـن المكسـيك إلـى مولدوفـا‪،‬‬          ‫(‪ )2‬هـي مجموعـة مـن جماعـات الاحتجـاج القوميـة اليمينيـة‬
‫ونتيجـة لذلـك فقـد تابـع عـن كثـب العمليـات التـي يتـم مـن‬       ‫المتطرفـة والتـي ترتبـط بمجموعـات الك ارهيـة القوميـة والنازيـة‬
‫خلالهـا تـداول مجموعـة مـن المفاهيـم والخطابـات فـي‬              ‫الجديـدة‪ ،‬تشـكلت المجموعـة فـي عـام ‪ ،2015‬وعقـدت مسـي ارت‬
                                                                 ‫في شـوارع ومدن جميع أنحاء أسـت ارليا للاحتجاج على الإسـام‪،‬‬
‫‪ )4‬فـاروق جويـدة‪ :‬مقـال‪« :‬العالـم العربـي والمصيـر الغامـض»‬      ‫وكان المتحدثـون فـي مسـي ارت ‪ Reclaim Australia‬يعبـرون‬
‫المنشـور فـي جريـدة الأهـ ارم‪ ،‬عـدد الجمعـة ‪ 10‬ينايـر ‪.2020‬‬      ‫عـن وجهـات نظـر متطرفـة‪ ،‬فقـد حـذر أحـد المتحدثيـن فـي جنـوب‬
                                                                 ‫أسـت ارليا من مخاطر «الوحشـية الإسـامية» وتشـجيع الحاضرين‬
                                     ‫هوامـش حـرة‪ ،‬ص‪.13‬‬           ‫علـى إهانـة الإسـام والمسـلمين (‪https://en.wikipedia.‬‬
‫‪(5)Will Kymlicka,1995)) Multicultural Citizenship:‬‬
‫‪A Liberal Theory of Minority Rights. Oxford‬‬                                            ‫‪.)org/wiki/Reclaim_Australia‬‬
‫‪University Press.‬‬                                                ‫‪ Rachel‬ي ارجـع فـي ذلـك‪ :‬الفصـل الخامـس مـن كتـاب‪(3) :‬‬
                                                                 ‫‪Busbridge: Multicultural Politics Of Recognition‬‬
    ‫(‪ )6‬ويل كيمليكا‪ ،‬أوديسا التعددية الثقافية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.23‬‬          ‫‪and Postcolonial Citizenship, Rethinking‬‬
                  ‫(‪ )7‬أوديسا التعددية الثقافية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.7‬‬          ‫‪the Nation, by Routledge,2018 Rachel‬‬
                                                                 ‫‪Busbridge,pp.107-132.‬‬

                                                             ‫‪22‬‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27