Page 26 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 26

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                           ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫إلى القول‪ :‬إن الهدف طويل الأمد لتنمية ونشـر نموذج العالميـة تبنـت العديـد مـن الاسـت ارتيجيات الأساسـية‬

‫ديمق ارطـي ليب ارلـي مميـز للتعدديـة الثقافيـة للأقليـات نفسـها التـي تبنتهـا المنظمـات الأوروبيـة لنشـر التعدديـة‬

‫القوميـة قـد تـم التخلـي عنـه اسـتجابة لضـرو ارت قصيـرة الثقافيـة الليب ارليـة‪ ،‬ومـرت بالمعضـات نفسـها‪.3‬‬

‫أعـود إلـى التسـاؤل الـذي طرحتـه فـي البدايـة وهـو‪:‬‬                  ‫المـدى للمحافظـة علـى الاسـتق ارر فـي عمليـة الانتقـال‬
‫هـل ينبغـي أن ندعـو لمواطنـة متعـددة الثقافـات‪ ،‬بالمعنـى‬             ‫الديمق ارطـي فـي بلـدان مـا بعـد الشـيوعية؛ لذلـك يـرى‬
‫نفسـه الـذي نجـده فـي الغـرب؟ هـل نحـن مجتمعـات‬                      ‫كيمليـكا أن هـذا يعـد ت ارج ًعـا عـن الحـق فـي الحكـم‬
‫متعـددة الثقافـات بالمعنـى الموجـود فـي الغـرب تنظيـًار‬              ‫الذاتـي‪ ،‬وإن كان يـ اره مفهوًمـا فـي ظـل الظـروف‪ ،‬بـل‬
‫وواقعًّيـا؟ هـل نرفـض مفهـوم المواطنـة متعـددة الثقافـات؟‬            ‫ومـن المحتمـل أي ًضـا أن يكـون محتوًمـا‪ ،‬ومـع ذلـك فقـد‬
                                                                     ‫نتـج عنـه عـدد مـن المعضـات؛ منهـا أن إطـار العمـل‬
‫إن إجابـة هـذه التسـاؤلات تعتمـد علـى معرفـة كيـف‬                    ‫الحالـي لمعاييـر حقـوق الأقليـات فـي أوروبـا غيـر فعـال‬
‫صعـدت فكـرة التعدديـة الثقافيـة فـي الفكـر الغربـي؟ أو‬               ‫سياسـًّيا‪ ،‬وغيـر ثابـت مفاهيمًّيـا‪ ،‬فالمعاييـر الموجـودة‬
‫بالأحـرى المواطنـة متعـددة الثقافـات فـي عصرنـا ال ارهـن؟‬            ‫حالًيـا غيـر فعالـة لأنهـا لا تحـ ّل المشـكلات التـي كانـت‬
                                                                     ‫تنـوي مواجهتهـا‪ ،‬مـع أن الهـدف الأصلـي لتطويـر هـذه‬
                      ‫وصـورة المنطقـة العربيـة الآن؟‬                 ‫المعاييـر كان التعامـل مـع المنازعـات العرقيـة العنيفـة‬
                                                                     ‫فـي أوروبـا مـا بعـد الشـيوعية‪ ،‬مثـل كوسـوفو والبوسـنة‬
‫الحضـارة الغربيـة فـي حقبتهـا الأمريكيـة‪ ،‬مـن الحـرب‬
           ‫العالميـة الأولـى إلـى نهايـة الحـرب البـاردة‪.‬‬

‫يتحـدث جيمـس كـورث عـن قـوة الولايـات المتحـدة‬                       ‫ومقدونيـا وجورجيـا ومولدوفيـا والشيشـان‪ ،1‬لقـد تبنـت‬

‫المنظمـات الأوربيـة أسـاليب عديـدة لتسـاعدها فـي إعـادة الأمريكيـة الصاعـدة مـع بدايـة القـرن العشـرين‪ ،‬وكيـف‬

‫تشـكيل العلاقـات بيـن الدولـة والأقليـات فـي أوروبـا مـا بـدأت تعكـس نفوذهـا الاقتصـادي علـى أوروبـا‪ ،‬وكيـف‬

‫بعـد الشـيوعية‪ ،‬مسـتلهمة الرغبـة فـي تنميـة نمـوذج نجـح الأمريكيـون فـي إضفـاء معنـى جديـد علـى عبـارة‬

‫أكثـر ليب ارليـة وديمق ارطيـة للتعدديـة ومنـع النـ ازع العرقـي الحضـارة الغربيـة لـدى تعاملهـم مـع المهاجريـن الأوربيين‬

‫الضـار والمزعـزع للاسـتق ارر‪ ،‬لقـد بحـث كيمليـكا ثلاثـة إلـى أمريـكا أولاً وعنـد تعاملهـم مـع الـدول الأوربيـة نفسـها‬
‫أنـواع مـن الأسـاليب وهـي‪ :‬تعميـم أفضـل الممارسـات‪ ،‬بعـد ذلـك‪ ،‬ففـي العقـود الأولـى مـن القـرن العشـرين كانـت‬

‫وتشـكيل المعاييـر القانونيـة‪ ،‬والتدخـات فـي حـالات الحضـارة الغربيـة تعنـي بالنسـبة إلـى الأمريكييـن أفـكار‪:‬‬

‫خاصـة‪ ،‬وانتهـى إلـى أن النتائـج العامـة لهـذه الجهـود النزعـة الفرديـة والليب ارليـة والنزعـة الدسـتورية وحقـوق‬

‫مربكـة‪ ،‬وتُحـدث فـي الأغلـب انفصا ًمـا فـي الشـخصية‪ ،2‬الإنسـان والمسـاواة والحريـة وحكـم القانـون والديمق ارطيـة‬
‫كمـا يوضـح الالتباسـات الغامضـة التـي تكتنـف هـذه والأسـواق الحـرة وفصـل الكنيسـة عـن الدولـة‪ ،‬وهـو مـا‬

‫الأسـاليب والتي ليسـت حكًار على الأوروبيين‪ ،‬بل تميز كان ُيعـرف باسـم «العقيـدة الأمريكيـة»‪.4‬‬
‫المناقشـات العالميـة الأكثـر عموميـة حـول التعدديـة (‪ )3‬ارجـع المرجـع السـابق‪ ،‬ج‪ ،2‬فصـل التحـدي العالمـي‪ ،‬مـن‬
‫الثقافيـة الليب ارليـة أي ًضـا‪ ،‬موض ًحـا كيـف أن المنظمـات ص‪.154 - 99‬‬
‫(‪ )4‬جيمـس كـورث‪ ،‬الولايـات المتحـدة بوصفهـا قائـًدا حضا ًرّيـا‪،‬‬
‫ضمـن كتـاب الحضـا ارت فـي السياسـة العالميـة‪ :‬وجهـات نظـر‬            ‫(‪ )1‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.61-60‬‬
‫جمعيـة وتعدديـة‪ ،‬تحريـر‪ :‬بيتـر جـي كاتزنشـتاين‪ ،‬ترجمـة‪ :‬فاضـل‬
‫جتكـر‪ ،‬عالـم المعرفـة‪ ،‬العـدد (‪ )385‬فب اريـر ‪ ،2012‬الفصـل‬            ‫(‪ )2‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.95‬‬

                                                                 ‫‪26‬‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31