Page 31 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 31
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
تُطـرح قضايـا أقليـات أرض الوطـن المطالبـة بتعدديـة تصبـح أفـكار الحكـم الذاتـي للأقليـة موضو ًعـا يحـرم
الدولـة قبـل تماسـك مؤسسـات الدولـة التـي تعمـل جيـًدا، الحديـث فيـه فـي كثيـر مـن الـدول ،وفـي بعـض الـدول
وقبـل ظهـور الثقافـة السياسـية الديمق ارطيـة ،وذلـك يزيـد هنـاك قوانيـن تمنـع مجـرد التصريـح بهـذه المطالـب.1
بشـكل كبيـر مـن المخاطـر المصاحبـة لتبنـي الحكـم
ويتسـاءل كيمليـكا :لمـاذا واجهـت التعدديـة الثقافيـة
الذاتـي الإقليمـي.4 الليب ارلية مثل هذه المقاومة في دول ما بعد الاستعمار؟2
يرجع ذلك – في نظر بعض المحللين – إلى الانتشـار
أي ًضـا مـن الصعوبـات التـي أشـار إليهـا كيمليـكا المزعـوم لأشـكال مـا قبـل الحداثـة القَبليـة والقوميـة
مـا أسـماه “الـا أمـان الإقليمـي” ،وهـو يتعلـق بالأمـن العرقيـة ،وغيـاب فهـم أكثـر حداثـة للمدنيـة والتسـامح،
الجغ ارفـي السياسـي؛ حيـث إن معظـم دول مـا بعـد وهنـاك مـن يـرى أن القيـم الحضاريـة تختلـف فـي الغـرب
الاسـتعمار لديهـا عـدو أو أكثـر علـى حدودهـا ،5وكمـا عنهـا فـي الحضـا ارت الأخـرى ،فالتعدديـة الثقافيـة تمثـل
يقـول :لا بـد أن هـؤلاء الجيـ ارن الأعـداء يميلـون إلـى تصـوًار غربًّيـا للعلاقـة بيـن الفـرد وثقافتـه ،أو بيـن الأفـ ارد
زعزعـة اسـتق ارر الدولـة ،وأحـد الأسـاليب المعروفـة للقيـام ومجتمعهـم بشـكل أكثـر عموميـة ،أمـا الحضـا ارت
بذلـك هـو تجنيـد الأقليـات داخـل الدولـة ،وتشـجيعها علـى الأخـرى فلهـا قيـم أخـرى ،ومـن ثـم طـرق أخـرى للتعامـل
القيـام باحتجاجـات تسـهم فـي زعزعـة الاسـتق ارر ،بـل مـع قضايـا الأقليـات ،سـواء فـي المجتمعـات الآسـيوية
ربمـا القيـام بالتمـرد المسـلح ،وفـي مثـل هـذا السـياق مـن أو الإسـامية ،لكـن كيمليـكا يـرى أنـه حتـى مـع وجـود
الـا أمـان الإقليمـيُ ،ينظـر إلـى الأقليـات علـى أنهـا تمييـز بيـن منظـور “فـردي” غربـي ،ومنظـور اشـت اركي
طابـور خامـس محتمـل ،أو علـى أنهـا متواطئـة مـع أو مجتمعـي آسيوي/إسـامي ،وهـو أمـر مشـكوك فيـه،
الجيـ ارن الأعـداء ،كمـا ينظـر إلـى الحكـم الذاتـي لمثـل فمطالـب الحكـم الذاتـي للأقليـة كثيـًار مـا يجـري الدفـاع
عنهـا بالتحديـد تحـت اسـم حمايـة المجتمعـات ،وذلـك
هـذه الأقليـات علـى أنـه تهديـد للأمـن القومـي.6 لتمكيـن أعضـاء الجماعـة مـن المحافظـة علـى لغتهـم
وتقاليدهـم الثقافيـة ،وعبـادة آلهتهـم ،واحتـ ارم الكبـار
لكـن أليـس هـذا صحي ًحـا فـي بلادنـا العربيـة؟ ألـم تكـن والأجداد...إلـخ ،لكنـه يـرى أن محاولـة دول مـا بعـد
هـذه أي ًضـا ديناميـة الغـرب مـن قبـل حينمـا كانـت كل الاسـتعمار لفـرض سياسـات متمركـزة أو متجانسـة لبنـاء
دولـة تلعـب دورهـا فـي لعبـة السياسـة لصالحهـا الذاتـي، الأمـة علـى سـكانها المتنوعيـن والمختلفيـن علـى نحـو
فـإذا مـا أدت دورهـا بإتقـان فسـرعان مـا تجـد نفسـها يوًمـا عرقـي وثقافـي هـو أمـر يتناقـض مـع أي تصـور مقبـول
وقـد تحالـف ضدهـا الآخـرون ،ففـي أوربـا القـرن التاسـع عـن المجتمعيـة ،كمـا يتعـارض مـع التعدديـة الثقافيـة
عشـر ،مورسـت فيه اللعبة السياسـية دون توقف ،كانت الليب ارليـة3؛ لذلـك يـرى أنـه فـي عالـم مـا بعـد الاسـتعمار،
القاعـدة دائ ًمـا هـي فمـا إن تبـدو دولـة قويـة ولـو ظاهـًار كمـا هـي الحـال فـي دول مـا بعـد الشـيوعية ،كثيـًار مـا
حتـى يتكاتـف جي ارنهـا الآخـرون مجتمعيـن فـي الكفـة
المواجهـة لتعـود إلـى رشـدها وتعقلهـا وحكمـة تقديرهـا
كحالـة فرنسـا فـي عصـر ف ارنسـوا الأول (-1519
( )4المرجع السابق ،ص.108 ( )1المرجع السابق ،ص ص.102-101
( )5المرجع السابق ،ص.109 ( )2المرجع السابق ،ص.106
( )6المرجع السابق ،ص.110
( )3المرجع السابق ،ص ص.107-106
31