Page 32 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 32

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                       ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫‪ ،1)1522‬بالطبـع إننـا فـي وطننـا العربـي نواجـه لعبـة كشـمير (والأقليـة المسـلمة بصـورة عامـة أكثـر)‪ ،‬وفـي‬

‫سياسـية مـن أخطـر مـا يمكـن‪ ،‬لقـد أصبـح الغـرب يمارس سـيريلانكا فيمـا يتعلـق بالأقليـة التاميليـة ‪ ،Tamil‬وفـي‬

‫أفغانسـتان بالنسـبة إلـى الأقليـة الأوزبكيـة‪ ،‬وفـي كمبوديـا‬                                      ‫هـذه الديناميـة خـارج أوطانـه‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالأقلية الفيتنامية‪ ،‬وفي باكستان وبنغلاديش‬            ‫وهذه الدينامية – كما يقول كيمليكا – لم تعد تنطبق‬
‫فيمـا يتعلـق بالأقليـة الهندوسـية‪ ،‬وفـي بنغلاديـش بالنسـبة‬       ‫علـى الأقليـات القوميـة فـي الغـرب‪ ،‬ويرجـع ذلـك إلـى‬
‫إلـى البهـرة‪ ،‬وفـي تايلانـد بالنسـبة إلـى أهـل الملايـو‪،‬‬         ‫حمايـة مظلـة الأمـن الإقليمـي التـي ابتكرهـا حلـف شـمال‬
‫وفـي فيتنـام فيمـا يتعلـق بالأقليـة الصينيـة‪ ،‬وفـي إيـ ارن‬       ‫الأطلنطـي (الناتـو ‪ ،) NATO‬وقـد أدى ذلـك دوًار‬
‫وإسـ ارئيل بالنسـبة إلـى الأقليـة العربيـة‪( ،‬لاحـظ أنـه‬          ‫حاسـ ًما فـي إمـكان تبنـي الفيد ارليـة متعـددة القوميـات‪،‬‬
‫يعتبـر العـرب فـي إسـ ارئيل أقليـة)‪ ،‬وفـي أثيوبيـا بالنسـبة‬      ‫وتظهـر المخـاوف الأمنيـة فـي العديـد مـن الحـالات فـي‬
                                                                 ‫عالـم مـا بعـد الاسـتعمار‪ ،‬ويرجـع ذلـك إلـى الاعتقـاد بـأن‬
                    ‫إلـى الأقليـة الصوماليـة‪ ،‬وهكـذا‪.‬‬

‫وفي العديد من تلك الحالات‪ ،‬كانت هناك سياسـات‬                     ‫الولاء الرئيسي للأقلية إنما يكون للدولة القريبة المجاورة‬

‫(ومـن المحتمـل أن تكـون معاديـة) التـي قـد يتعاونـون لتشـجيع أو إجبار الأقلية غير الموالية المزعومة للعودة‬

‫معهـا‪ ،‬وذلـك يوجـد فـي الهنـد بالنسـبة إلـى الأقليـة فـي إلـى “وطنهـم الأصلـي”‪ ،2‬وتظهـر مشـكلة أخـرى عندمـا‬

‫توجـد جماعـة قوميـة معينـة فـي بلديـن أو أكثـر‪ ،‬تقسـمها‬          ‫(‪ )1‬فرنانـد بروديـل‪ ،‬تاريـخ وقواعـد الحضـا ارت‪ ،‬ص ‪..480‬‬
‫الحـدود الدوليـة الحديثـة (لاحـظ الاعتـ ارف بالتقسـيم‬            ‫فرنسـا متحالفـة تلقائًّيـا مـع‬  ‫مـا لعبـت انجلتـ ار دورهـا ضـد‬  ‫أوعكـثدياـًءار‬
‫الحديـث)‪ ،‬وربمـا كانـت تحلـم بإقامـة (أو اسـتعادة) دولـة‬         ‫علـى فرنسـا عـام ‪،1871‬‬          ‫فرنسـا‪ ،‬فلمـا انتصـرت ألمانيـا‬
‫مشـتركة‪ ،‬كحالـة الأكـ ارد فـي الشـرق الأوسـط المقسـمين‬           ‫وأصبحـت ألمانيـا قـوة كبـرى بفضـل طفرتهـا الاقتصاديـة بعـد عـام‬
                                                                 ‫‪ ،1890‬وتصاعـد عـدد سـكانها‪ ،‬فقـد تـم عندئـذ إعـداد اتفـاق ودي‬
                                                                 ‫أعقبـه تحالـف بيـن فرنسـا وروسـيا وسـط أعـداء لهـا (ألمانيـا)‬
‫بيـن إيـ ارن والعـ ارق وتركيـا وسـوريا‪ ،‬الذيـن يتوقـون إلـى‬      ‫وكانـت ألمانيـا مـن القـوة بحيـث رفضـت الإذعـان لهـذا الحصـار‬
‫إقامـة كردسـتان مسـتقلة‪ ،3‬وهـذه الأقليـات مـن وجهـة‬              ‫كمـا لـم تكـن مـن القـوة بحيـث تتمكـن بقوتهـا وتفوقهـا علـى‬

‫نظـر الدولـة هـي مجموعـة مـن العمـاء المحلييـن لقـوى‬             ‫أعدائهـا‪ ،‬فأدركـت أنهـا بالحـرب وحدهـا تسـتطيع الخـروج مـن هـذا‬
‫إقليميـة أو دوليـة أكبـر أو شـبكات عمـل قويـة جـًّدا‪،‬‬            ‫المـأزق‪ ،‬واليـوم يمـر العالـم بهـذا النمـط المـؤذي مـن التـوازن زحـف‬
                                                                 ‫علـى العالـم مـن أوربـا ليشـمل أقطـار العالـم كلـه‪ ،‬وبذلـك عاصرنـا‬
                                                                 ‫المعسـكرين الشـرقي والغربـي وبينهمـا تحـاول الـدول المحايـدة‬
                     ‫وتشـكل تهديـًدا خطيـًار للدولـة‪.4‬‬           ‫الطريـق الثالـث الـذي لا يصلـح قيامـه بغيـر سـند مـن قـوة فعليـة‬
‫ومن جانبي أقول‪ :‬أليس الاستعمار الغربي هو الذي‬                    ‫تنبـع منـه‪ ،‬وهكـذا نـرى العالـم يأخـذ بنظـام قديـم بـا ٍل أثبـت عقمـه‬
‫ق َّسم هذه الشعوب إلى أقليات موزعة على دول قومية تم‬              ‫وقـد يـؤدي إلـى انقسـام الجسـد كلـه كمـا حـدث للجسـد الأوربـي‬
                                                                 ‫مـ ارت ‪ ..‬المرجـع السـابق‪ ،‬ص ص‪ ،481-482‬فمـاذا نفعـل‬
                                                                 ‫نحـن سـوى الصيـاح والجلبـة والشـجب والرفـض بعـد أن أصبحـت‬
‫تقسيمها حديثًا؟ كي لا نستطرد في هذا الموضوع؛ أعود‬                ‫قاعـدة الأغلبيـة ليسـت بالضـرورة هـي التريـاق المعالـج لحـل‬
‫إلـى نظـرة البعـض إلـى الولايـات المتحـدة الأمريكية؛ فهي‬         ‫المشـكلات‪ ،‬فيمكـن مثـاً تكويـن أغلبيـة بالمسـاومات أو باتفاقـات‬

‫بنظـر البعـض – لا سـيما منتسـبي النخـب الأمريكيـة فـي‬            ‫وديـة بيـن مجموعـات‪ ،‬وهـي مـا يطلـق عليهـا فـي المؤتمـ ارت‬
‫مياديـن الأعمـال‪ ،‬والفكـر والبحـث الأكاديمـي والإعـام‬            ‫مباحثـات الكواليـس‪ ،‬وهـي لا تمثـل بالضـرورة سياسـة متماسـكة‬
                                                                 ‫الاعت ارض(الفيتو)‬  ‫المسـاومات بشـأن حق‬  ‫تلك‬  ‫أ(اولمأكرثجـرعت ارلف ًعسـاابمقن‬
                                                                 ‫لعـب الاسـتعمار‬    ‫ص‪ ،)485-484‬لقـد‬      ‫ص‬           ‫ادلاوًارسـتكعبيمـاًارر‬
                                                                 ‫وقصـة الاسـتعمار لا مجـال لذكرهـا الآن‪ ،‬فحـركات‬
‫(‪ )2‬ويل كيمليكا‪ ،‬أوديسا التعددية الثقافية‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪.110‬‬            ‫قـد أثـارت تناقضـات عديـدة مـن العناصـر المتشـابكة‬
                       ‫(‪ )3‬المرجع السابق‪.111-110 ،‬‬               ‫المتداخلـة حيـث تتداخـل كل المسـئوليات والإدانـات والذنـوب‪...‬‬

‫(‪ )4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112‬‬                                                                         ‫( ارجـع المرجـع السـابق‪ ،‬ص‪.)453‬‬

                                                             ‫‪32‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37