Page 36 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 36
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
ومـن جهـة أخـرى نجـد أمارتيـا صـن يتحـدث عـن وهنـاك أي ًضـا المسـيحيون واليهـود والفـرس واليانيـون،
النظـرة الضيقـة للتعدديـة الثقافيـة ،مـن ازويـة أخـرى ،وحتـى أتبـاع ديانـة “الكارفـاكا” ،وهـي مدرسـة للتفكيـر
تلـك التـي أعطـت الأولويـة للهويـات الدينيـة ،وقـد بـرزت الإلحـادي نشـأت وازدهـرت بقـوة فـي الهنـد لأكثـر مـن
مـن وجهـة نظـره – علـى سـبيل المثـال – فـي بعـض ألفـي عـام منـذ القـرن السـادس ق.م.3.
لذلـك يدعـو أمارتيـا صـن إلـى إعـادة التفكيـر فـي فهـم السياسـات الرسـمية الإنجليزيـة التـي قامـت بتشـجيع
“مـدارس دينيـة” جديـدة ،والتـي أنشـئت حديثًـا للأطفـال التعدديـة الثقافيـة ،ويـرى أن مـا يجـب تفاديـه هـو الخلـط
المسـلمين والهنـود والسـيخ (بالإضافـة إلـى المـدارس بيـن التعدديـة الثقافيـة والحريـة الثقافيـة مـن ناحيـة وفهـم
المسـيحية القائمـة مـن قبـل) ،يـرى أمارتيـا صـن أن هـذا تعدديـة الثقافـات الأحاديـة وكأنهـا تعنـي انفصاليـة قائمـة
مـا هـو إلا تعبيـر عـن النظـرة الضيقـة للتعدديـة الثقافيـة علـى الديـن مـن الناحيـة الأخـرى.4
ويوضح أمارتيا صن أن خصوصية الثقافة لا تعني فـي وقـت أصبـح فيـه إعطـاء الأولويـة للهويـات الدينيـة
مصدًار رئيسًّيا للعنف في العالم (إضافة إلى تاريخ مثل “الهويـة المنفـردة” ،بـل إن التعدديـة الثقافيـة موجـودة
هـذا العنـف فـي بريطانيـا نفسـها ،ومـن ضمنـه الن ازعـات بشـكل كبيـر عبـر كـم التداخـات العولميـة فـي أصـول
الكاثوليكيـة البروتسـتنتية فـي شـمال أيرلنـدا ،والتـي لهـا وتطـو ارت الحضـارة العالميـة ،ويضـرب بعـض الأمثلـة
التـي تبيـن كيـف أن جـذور مـا يسـمى بالثقافـة أو العلـوم علاقـة أي ًضـا بالفصـل فـي التعليـم) ،1ويـرى أمارتيـا صـن
الغربيـة تعتمـد – مـن بيـن أمـور أخـرى – مثـاً علـى أن قضيـة الفصـل فـي التعليـم مـن القضايـا المهمـة التـي
الاخت ارعـات الصينيـة والرياضيـات العربيـة والهنديـة أو تولـد العنـف ،وتؤكـد علـى تعدديـة الثقافـات الأحاديـة فـي
علـى حفـظ غـرب آسـيا للميـ ارث الإغريقـي الرومانـي المـدارس الدينيـة ،خاصـة التـي تعطـي أولويـة خاصـة
(علـى سـبيل المثـال ،بالترجمـات العربيـة للكلاسـيكيات للإيمـان الأعمـي فـوق العقـل؛ حيـث يتـم التركيـز علـى
الإغريقيـة المنسـية والتـي أعيـدت ترجمتهـا إلـى اللاتينيـة أحاديـة الثقافـة؛ لذلـك يرفـض تصنيـف النـاس علـى
بعـد قـرون عديـدة)؛ لذلـك يـرى أنـه ينبغـي أن يكـون أسـاس الديـن ،ويعطـي لنـا نمـاذج مـن الواقـع حيـث تتأثـر
هنـاك تأمـل أوفـى لهـذا الماضـي مـن التفاعـل النشـط أولويـات النـاس بـكل انتماءاتهـم وارتباطاتهـم ،وليـس فقـط
أكثـر ممـا يمكـن أن نجـده ،فـي وقتنـا هـذا ،فـي المناهـج بالديـن ،علـى سـبيل المثـال؛ انفصـال بنجلاديـش عـن
المدرسـية لبريطانيـا متعـددة الأعـ ارق؟ إن أولويـات باكسـتان ،كان قائ ًمـا علـى أسـباب اللغـة والأدب ،مـع
التعدديـة الثقافيـة يمكـن أن تختلـف بدرجـة عظيمـة عـن الأولويـات السياسـية ،وليـس علـى الديـن ،الـذي يشـترك
أولويـات مجتمـع تعدديـة الثقافـة الأحاديـة.5 فيـه كل مـن قسـمي باكسـتان قبـل الانفصـال.
ومـن الفلسـفات المعاصـرة التـي عالجـت الموضـوع إن تجاهـل كل شـيء إلا الديـن معنـاه طمـس حقيقـة
الـذي نحـن بصـدده؛ مـا قدمـه تشـارلز تايلـور فـي: الاهتمامـات التـي تحـرك النـاس لتوكيـد هوياتهـم والتـي
“سياسـة الاعتـ ارف” ،6ومـا قدمـه :أكسـل هونيـث فـي تتجـاوز الديـن بكثيـر ،2وهنـاك أديـان متعـددة فـي الهنـد:
مـن ينتمـون إلـى أكبـر ديانتيـن :الهندوسـية والإسـام،
( )3المرجع السابق ،ص.162
( )4المرجع السابق ،ص.166
( )5المرجع السابق ،ص.164 ( )1أمارتيا صن ،الهوية والعنف ،ص.162
”(6) Charles Taylor, “The Politics of Recognition ( )2المرجع السابق ،ص.164
36