Page 39 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 39
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
عـن الواقـع والمعيـار فيقـول“ :نعيـش معظمنـا فـي فيقـول :إن النقطـة الأسـاس فـي النظـام المعيـاري الجديـد
البلـدان الغربيـة ،قـد نعانـي إح ار ًجـا بطـرح الحضـارة هـي الاحتـ ارم المتبـادل والخدمـة المتبادلـة بيـن الأفـ ارد
بمعنـى معيـاري غيـر صائـب سياسـًيا ،وينتابنـا الذعـر، المكونيـن للمجتمـع” ،فهـو يتكـون عـن مجتمـع غربـي
كمـا ننظـر نظـرة ازد ارء “غيـر صريحـة دائ ًمـا” إلـى مـن خـاص ،تقـوم أخلاقـه علـى المنفعـة المتبادلـة ،ويشـرح
يرفضـون القيـم الأساسـية فـي هـذا النظـام ،3”..كمـا نظـام المنفعـة المتبادلـة ،التـي يعتبرهـا مـن الثوابـت التـي
يتحـدث عـن الإحسـاس بالأمـان فـي قولـه“ :إن لدينـا يتكـرر ظهورهـا فـي فكـرة النظـام الأخلاقـي الحديثـة،
إحسا ًسـا بالأمـان ناج ًمـا عـن إيماننـا بـأن هـذا النظـام
سـار حًقـا فـي عالمنـا ،إحسـاس آخـر بتفوقنـا وصلاحنـا والتـي تضمـن المسـاواة لجميـع المشـاركين.1
المسـتمدين مـن مشـاركتنا فيـه واعتناقنـا لـه”.4 إن تايلـور يتحـدث عـن خصوصيـة الثقافـة الغربيـة،
عـن “المتخيـات الغربيـة الحديثـة” ،عـن “عصـر
وكمـا هـو واضـح أن كلام تايلـور هـو تعبيـر عـن علمانـي” ،عـن “سياسـات الاعتـ ارف” داخـل المجتمـع
خصوصيـة غربيـة ،تؤكـد إحسـاس الأنـا الغربيـة بتفوقهـا الغربـي ،عـن الحـروب التـي حدثـت بيـن الغـرب ،بيـن
وتميزهـا عـن غيرهـا ،وإنـي أتسـاءل :كيـف للخصوصيـة الكاثوليـك والبروتسـتانت ،حـرب الوردتيـن ،عـن أوروبـا
الغربيـة أن تتقنـع بقنـاع كونـي ،خلـف مبـادئ أخلاقيـة المسـتودع الرئيسـي للحضـارة ،عـن النظـام المسـتقر
إنسـانية كونيـة ،إنهـا مفارقـة بيـن القـول والفعـل؟ بيـن فـي الحضـارة الغربيـة ،يتحـدث عـن الإحسـاس بوحـدة
الواقـع والمثـال ،بيـن الوصـف والمعيـار ،إن صياغـة الحضـارة الأوربيـة الـذي يمتـد إلـى الماضـي ،وصـولاً
الأفـكار أسـهل مـن تطبيقهـا ،والاقتنـاع بهـا لا يضمـن إلـى فهـم الـذات الأصلـي فـي المسـيحية اللاتينيـة التـي
تحققهـا علـى أرض الواقـع ،إننـا نعيـش فـي عوالـم متعـددة ت اربطـت كلهـا م ًعـا بفعـل تنظيـم شـامل يعلـو علـى القومية
عوالـم يصنعهـا لنـا رجـال الفكـر والفلاسـفة فـي زمـن هـو الكنيسـة الكاثوليكيـة ،ومنـذ ذلـك الوقـت لـم تفقـد هـذه
الحضـارة إحساسـها بوحدتهـا ضمـن مبـادئ مشـتركة
نهايـة اليوتوبيـا. للنظـام ،وذلـك فـي ظـل وصفـات متغيـرة كا أحدثهـا
“أوروبـا” ،إنـه يتحـدث عـن أوروبـا التـي تـرى نفسـها
مـا الـذي حـّول الأمـان والاسـتق ارر والنظـام إلـى المسـتودع الرئيـس للحضـارة ،يتحـدث عـن الإحسـاس
فوضـى وانعـدام أمـان وعنـف فـي عصرنـا ال ارهـن؟ بنظـام يعلـو علـى القوميـة وهـو قـد تحـول علـى نحـو
متـدرج عبـر القـرون إلـى أن صـار الحكـم الديمق ارطـي
إن تايلـور ،فـي إشـارة منـه إلـى مـا حـدث فـي مركـز واحت ارم حقوق الإنسـان إحدى صفاته المحددة الرئيسـة،
التجـارة العالمـي ،يشـير إلـى الدوافـع التـي تدفـع العقيـدة ومنـذ أن صـاغ نظـام الدولـة الأوربـي أسـاس امتـداده إلـى
الكونية السـلمية إلى شـن عنف يسـتهدف أكباش الفداء، نظـام عالمـي؛ توسـع هـذا النظـام توسـ ًعا مبتكـًار ليشـمل
الذيـن هـم “أعداؤهـم فـي الداخـل” إنـه ردة فعـل حيـال أعضاء المجتمع العالمي ،الذين يحسنون السلوككلهم.2
التهديـد الـذي طـال سـامتهم ،ويؤكـد أنهـا لـن تكـون
المـرة الأولـى التـي يشـهد التاريـخ فيهـا مفارقـة مـن هـذا كمـا يتحـدث تايلـور عـن الإحـ ارج الأخلاقـي الناجـم
النـوع إذا مـا ُدفعـت العقيـدة الكونيـة الشـمولية السـلمية
( )3المصدر السابق ،ص.205 ( )1المصدر السابق ،صفحات.33-32-24-23:
( )2تشارلز تايلر ،المتخيلات الاجتماعية الحديثة ،ص )4( .203المصدر السابق ،ص.206
39