Page 42 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 42
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
تتصالح مع التعددية الثقافية التي تتطلب اعت ارًفا خا ًصا دعـاه؟ تزعـم الأصالـة فرديـة ارديكاليـة ،علـى حيـن أنهـا
بثقافـات محـددة؟ علـى أنـه كـي يحصـل علـى الثمـرة تسـحب موائـد السـالة كـي تطـرد غيـر الأصـاء ،إنهـا
تعبـق ب ارئحـة الغمـوض والطابـع البوليسـي.2 ُيعلـق علـى موضوعـات جـادة ،وكبدايـة :مـا الأصالـة
وكيـف يمكـن أن تتحقـق؟ وعنـد تايلـور فـإن الأصالـة
فضـاً عـن ذلـك ،ينزلـق تايلـور مـن خ ارفـة الأفـ ارد تغـذي الاختلافـات التـي تشـكل التعدديـة الثقافيـة ،لكنـه
الأصـاء إلـى الثقافـات الأصيلـة ،وهـي فكـرة أكثـر يضفـي مسـحة الأسـطورة علـى المفهـوم ،وهـو المفضـل
غمو ًضـا والتبا ًسـا ،فيفتـرض أن ثمـة ثقافـات معينـة فـي لـدى الوجودييـن الأوربييـن مثـل مارتـن هيدجـر ،وعلـى
حاجـة إلـى اعتـ ارف خـاص ،أي ثقافـات ،وأي نـوع مـن الفيلسـوف الكنـدي الحصيـف أن يشـتبك وأتبـاع هيدجـر
الاعتـ ارف؟ بعيـًدا عـن الإحـالات المنتظمـة إلـى كويبـك،
وهـم أسـاف غارقـون فـي الضبـاب ،ومثـل معلقيـن الغارقيـن فـي الضبـاب.
كثيريـن يفتـرض تايلـور ،ببسـاطة “كل المجتمعـات
تصبـح ذات تعـدد ثقافـي علـى نحـو مت ازيـد ،”...كمـا لـو ويستشـهد جاكوبـي بمـا قالـه ت.و .أدورنـو فـي
كانـت هـذه حقيقـة تثبـت نفسـها بنفسـها ،كمـا يفتـرض أن كتابـه الجدلـي ضـد الهيدجرييـن “رطانـة الأصالـة” ،إن
ثقافـة الأغلبيـة تهـدد ثقافـات الأقليـات ،دون أن يزعـج “الأصالة” ذاتها مفهوم مشتبه ،يَّدعي ُعمًقا ليس له ،ثم
نفسـه بـأن يقـول لنـا مـا ثقافـات الأقليـة التـي يتحـدث إن هـذا التعبيـر يسـتثير نزعـة باطنيـة جذريـة ،ويفتـرض
عنهـا ،وبـم تتميـز؟ ويسـتمر جاكوبـي فـي نقـده الـازع شـكلاً ذا طابـع أسـطوري وشـكلي وفـارغ ،أن يكـون
لتايلـور موض ًحـا اختلافـه فـي العديـد مـن الأفـكار التـي شـخص مـا “أصيـاً” أو لا يكـون ،علـى أي أسـاس؟
يدعـو لهـا تايلـور ،معلًنـا عـن فشـله فـي العديـد مـن آ ارئـه، يكتـب أدورنـو“ :هنـا تُنبـذ الموضوعيـة ،وتصبـح الذاتيـة
موض ًحـا أن تايلـور وزملائـه يتوجهـون نحـو ص ارعـات هـي الحكـم علـى الأصالـة ،”...وتنتهـي فكـرة الأصالـة
حقيقيـة ،لكـن الرطانـة عـن الاعتـ ارف والأصالـة ،وتقديـر إلـى الحشـو والتكـ ارر ،فالـذات هـي الـذات“ ،والإنسـان
هـو ،وهـو مـا يكونـه” ،كمـا كتـب هيدجـر النصيـر الأول
الـذات الثقافيـة تلقـى بالأوحـال فـي الميـاه. لعبـادة الأصالـة ،1ويـرى جاكوبـي أن صياغـات تايلـور
ينقصهـا ذلـك العمـق السـاخر الـذي يميـز الهيدجرييـن،
إنهـم يـكادون لا يتفكـرون فـي :مـا يكـِّون الثقافـة ،ومـا إلا أنهـم ،جمي ًعـا – فـي نظـره – يتشـاركون المنطـق
التعدديـة الثقافيـة داخـل مجتمـع واحـد؟ والحقيقـة أنهـم والرطانـة أنفسـهما ،ويأتـي ببعـض عبـا ارت تايلـور حيـن
ينزلقـون مـن التعدديـة الثقافيـة إلـى الاختلافـات الثقافيـة، يقـول :فالأصالـة “تضفـي أهميـة أخلاقيـة علـى لـون مـن
مـن “ط ارئـق الحيـاة” وحتـى “ط ارئـق رؤيـة العالـم” ،كمـا الاتصـال بذاتـي؛ بطبيعتـي الداخليـة الخاصـة ،إنهـا تزيـد
لـو كانـت كلهـا الشـيء ذاتـه ،ويعيـب جاكوبـي – بصفـة – بدرجـة عظيمـة – مـن أهميـة الاتصـال بالـذات لأنهـا
عامـة – علـى فلاسـفة السياسـة حيـن يصفهـم بقولـه: تقـدم مبـدأ الجـدة ،وكل مـن أصواتنـا لديـه شـيء متفـرد
“إن النتائـج الجبانـة واللغـة الباهتـة والمفهومـات الـدرداء يقولـه ،”...ويعلـق جاكوبـي بقولـه :إن الأصالـة تضفـي
ليسـت نـادرة عنـد فلاسـفة السياسـة فهـي ازدهـم الـذي لا علـى الـذات مسـحة أسـطورية ،وهـي فـي أسـوأ الأحـوال
جـدون كفايتهـم منـه.3 تتبـع الأوامـر ،حتـى عبـا ارت تايلـور تفضـح الخدعـة:
“أنـا مدعـو لأن أحيـا حياتـي بهـذه الطريقـة ”...فمـن
( )2المرجع السابق ،ص.75
( )3المرجع السابق ،ص.78 ( )1المرجع السابق ،ص ص.75-74
42