Page 43 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 43
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
وفـي نهايـة فصـل“ :خ ارفـة التعدديـة الثقافيـة” يخلـص في ثقافتنا العربية الإسلامية الحقة التي تتجذر في ديننا
جاكوبـي إلـى القـول“ :إن اليسـاريين الليب ارلييـن ،لأنهـم الإسـامي الـذي يقـر وحـدة الإنسـانية ،وحـدة البشـرية
مجـردون مـن الأفـكار ،يتحمسـون للحفـاوة بالتعدديـة أبنـاء آدم ،كلكـم لآدم وآدم مـن تـ ارب ،إنـا خلقناكـم مـن
الثقافيـة لمـلء الفـ ارغ ،وهـم يسـلكون م ًعـا كلمـات طنانـة نفـس واحـدة وخلـق منهـا زوجهـا وبـث منهمـا رجـالاً كثيـًار
مثـل :الهويـة الثقافيـة والأصالـة والتجانـس المضـاد ونسـاء ،نحـن ننتمـي إلـى ثقافـة ذات خصـاص تميزهـا،
والتمثيـل والتحوليـة وهـز الثبـات ،والهـدف منهـا انتـ ازع كونهـا تتأسـس علـى ديـن عالمـي يخاطـب الإنسـان كائًنـا
إيمـاءات الموافقـة مـن معسـكر الأنصـار ،ثـم هـم مـا كان ،يؤكـد علـى قيـم الحـق والخيـر والعـدل والحـوار
يضيفـون عـدًدا مـن الشـعا ارت السياسـية دليـاً علـى والتسـامح والرحمة...إلـخ ،ويؤكـد علـى الاختـاف،
صوابهـم السياسـي ،هـذا التـ ارث الهائـل تغزيـه رؤيـة اختـاف ألسـنتكم وألوانكـم ،كمـا يؤكـد علـى المقاصـد
هزيلـة ضامـرة ،إن مـوت اليوتوبيـا يفسـح الطريـق أمـام الضروريـة ،الحفـاظ علـى حـق الحيـاة والعقـل والديـن
والنسـل والمـال ...حقـوق الإنسـان معتبـرة وضروريـة فـي حـزب التعدديـة الثقافيـة”.1
الديـن الإسـامي؛ ديـن الإنسـانية ،غيـر أن مفارقـات ثالًثــا :هــل مجتمعاتنــا العربيــة مجتمعــات متعــددة
الواقـع لا تميـز بيـن الديـن فـي ذاتـه ،والفكـر الدينـي الثقافــات؟
والمتدينيـن الذيـن ينتسـبون إلـى هـذا الديـن ،بـل – فـي
وبالتالي ينبغي استدعاء مسألة الحفاظ على حقوق
الغالـب – قـد يسـيئون إليـه. الأقليـات ،هـل نسـتطيع أن نقـول أن لدينـا فـي مصـر
– مثـاً – ثقافـات متعـددة؟ البحـرواي (الإسـكند ارني،
فهـل نخـرج مـن هويتنـا الديـن؟ لنجعـل المواطنـة والإسـماعلاوي والسويسـي) ،والصعيـدي (الأسـواني
ذات أبعـاد سياسـية وقانونيـة مدنيـة فقـط ،ونقـول إن والأسـيوطي ،والبـدوي قاطنـي الواحـات وحلايـب
الديـن لله والوطـن للجميـع ،أعـ ِط مـا لقيصـر لقيصـر وشـاتين) والدلتـاوي ،فـي شـمال الدلتا....إلـخ ،هـل
ومـا لله لله؟ هـل نجعـل هويتنـا تقـوم علـى الحريـة والعقـل نسـتطيع أن نطالـب بحقـوق الأقليـات فـي مجتمعاتنـا؟
وحريـة الاختيـار كمـا يـرى أمارتيـا صـن؟ إذا كان الغـرب أم أنـه فكـر اسـتعماري يريـد تمزيـق بلادنـا ،كمـا يحـدث
العلمانـي قـد أخـرج الديـن مـن خيالـه الاجتماعـي ،هـل فـي تلـك النزعـات القوميـة :هـل مصـر فرعونيـة أم قبطيـة
يجـدر بنـا أن نخـرج الديـن أم نقـدم الديـن بوصفـه ديًنـا أم إسـامية ،كمـا يحـدث فـي الج ازئـر مـن إحيـاء اللغـة
عالمًّيـا يدعـو إلـى ثقافـة كونيـة عالميـة لا يفـرق بيـن بنـي الأمازيغيـة؟ كمـا يحـدث فـي إيـ ارن إحيـاء إمب ارطوريـة
البشـر ،لمـاذا لا يكمـل كل منهمـا الآخـر ونصبـح أمـام فـارس ،ونسـينا أننـا ننتمـي إلـى ثقافـة عربيـة إسـامية
إل ازميـن؛ إلـ ازم نقلـي وإلـ ازم عقلـي؛ إلـ ازم دينـي شـرعي تجمعنـا جمي ًعـا تلـك الثقافـة التـي تطالبنـا نحـن باحتـ ارم
الديانـات السـابقة وجميـع الأنبيـاء ،ثقافـة عالميـة كونيـة
أخلاقـي وإلـ ازم مدنـي قانونـي سياسـي. تخاطـب الإنسـان كائًنـا مـا كان فـي كل زمـان ومـكان،
تدعـو إلـى التسـامح والعـدل وحقـوق الإنسـان ،وحـق
إن مـا يدعـو إليـه الغـرب مـن تشـجيع سياسـة الجـار ،وحـق الحيـوان والنبـات وحـق الطريق...إلـخ.
الاختـاف ،وتسـييس النزعـات الجماعاتيـة بأشـكالها
المختلفـة (طائفيـة ومذهبيـة ولغويـة وقبليـة ...،إلـخ، إن عالميـة الثقافـة الإنسـانية متوطنـة بشـكل طبيعـي
تحـت دعـوة الدفـاع عـن حقـوق الأقليـات ،وجعلهـا فـوق
المواطنـة والدولـة لا تسـهم فـي إعـادة بنـاء الأمـة فـي ( )1المرجع الساق ،ص.86
السـياق العربـي ،بـل تـؤدي إلـى الانقسـام والتشـظي
43