Page 34 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 34
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
معظـم الفلاسـفة كذلـك – يفضلـون التعـدد والاختـاف كل الأط ارف طلقاتها نحو الفكرة الكلاسيكية عن الثقافة
علـى الكليـة والإطلاقية...المسـألة ،إذن ،ليسـت تفضيـل التـي بزغـت مـع التنويـر ،فالأفـكار الخاصـة بالتعليـم
التعدديـة ،لكـن عبادتهـا ،فعبـادة الأثـر تلـك تـؤدي إلـى والحضـارة والتقـدم قـد أشـبعت مفهـوم “الثقافـة” الـذي كان
تخريـب البحـث المتـزن عـن الحقيقـة عـن طريـق الميـل ينطوي على فكرة التقدم ،3وكتب كانط “ :إن ك َّل التقدم
بهـا إلـى الولـع ،التعدديـة الثقافيـة لا شـك أفضـل مـن الثقافـي يمثـل تعليـم الإنسـان ،وأكثـر الموضوعـات أهميـة
بالنسـبة للثقافـة هـو الإنسـان الـذي ُوهـب العقـل ،”..وقـد الأحاديـة الثقافيـة ،وعالـم مـن الاختـاف يفـوق عال ًمـا
أسـمى كانـط هـذه العمليـة “أن تصبـح متحضـًار عـن مـن التماثـل.1
طريق الثقافة” ،وعند فخته فإن الثقافة هي”ممارسـة كل
القـوى مـن أجـل هـدف الحريـة الكاملـة ،”..هـذا المفهـوم إذن ما هي التعددية الثقافية التي يرفضها جاكوبي؟
للثقافـة ،الـذي يلقـى الهجـوم مـن اليميـن واليسـار ،وصـل
مترن ًحـا إلـى القـرن العشـرين ،لكنـه لـم ُيع ِّمـر ،فقـد رآه يقـول :لقـد أصبحـت أفـكار التعدديـة الثقافيـة وتعـدد
المحافظـون ليب ارلًّيـا أكثـر ممـا يجـب ،ورآه اليسـاريون لثقافـات والتنـوع أفـكاًار مقدسـة ،لقـد أصبحـت “شـيكات
نخبوًّيـا أكثـر ممـا يجـب ،ثـم قامـت الأنثروبولوجيـا علـى بيـاض”“ ،قابلـة” للدفـع لأي شـخص ،وبـأي مبلـغ،
الليب ارليـة بتوجيـه الضربـات القاضيـة إليـه ،فـي 1952 دون معنى أو مضمون ،لقد أصبحت لا تعني سياسات
نشـر عالمـا الأنثروبولوجيـا أ.ل.كروبـر ،وكلايـد فقـط ،لكنهـا حّلـت محـل السياسـات ،إن التعدديـة الثقافيـة
كلاكهـون مسـ ًحا تاريخًّيـا يحـدد معالـم التقلبـات التـي لا تعنـي رؤيـة مـا ،ثمـة أسـئلة عـدة نـادًار مـا تُطـرح،
لقيهـا هـذا التعبيـر :الثقافـة” إن أكثـر المعانـي عموميـة وأنـدر مـن ذلـك أن ُيجـاب عنهـا ،فيمـا يتعلـق بالتعدديـة
وشـمولاً للكلمـة – فـي اللغـة اللاتينيـة وفـي كل اللغـات الثقافية :ما قدر التعدد في التعددية الثقافية؟ ما الفروق
التي اقتبسـت عن الجذر اللاتيني – هو المعنى الأولي الحقيقيـة بيـن الثقافـات؟ مـاذا تعنـي كلمـة “الثقافـة”،
المتعلـق بالز ارعـة أو الإنبـات أو التعهـد بالرعايـة ،وثمـة ومـاذا تعنـي كلمـة التعـدد؟ كيـف ولمـاذا حـ َّل التحليـل
مفهـوم آخـر للكلمـة الألمانيـة ،Kulturوالتـي تعنـي – الثقافـي محـل مناهـج التحليـل الاقتصـادي والاجتماعـي؟
علـى وجهالتقريـب – القيـم “العليا”للتنويـر فـي المجتمع،4 مـا العلاقـة بيـن السياسـة والتعدديـة الثقافيـة؟ وقـد يتطلـب
يؤكد جاكوبي أن الثقافة اليوم قطعت صلاتها بالإنبات توضيـح كلمتـي “الثقافـة” و”التعـدد” مجلـدات بأكملهـا،
وبالعقـل ،وأصبحـت تعنـي أي منظومـة مـن الأنشـطة،
لـم يعـد المفهـوم الجديـد يتضمـن أي تقويـم ،فالثقافـات خاصـة الأولـى منهمـا.2
لا يمكـن أن تت ارتـب أو تتـدرج ،فهـي جمي ًعـا متسـاوية.
والثقافـة تصبـح حقيقـة مـن حقائـق الحيـاة ،وعنـد كثيـر يذكـر لنـا جاكوبـي التحـولات التـي مـَّر بهـا مفهـوم
مـن الأنثروبولوجييـن فـإن هـذا المفهـوم الجديـد قـد وجـه الثقافـة والتقلبـات التـي لقيهـا هـذا التعبيـر “الثقافـة”،
ضربـة مميتـة إلـى العنصريـة التـي تضـع قنـاع العلـم.5 وكيـف كانـت الثقافـة محـ َّل احتقـار مـن البعـض لأسـباب
متناقضـة ،ي ارهـا البعـض خدا ًعـا ودجـاً وحديثًـا رخي ًصـا
( )3المرجع السابق ،ص.50 للضعفـاء ،أو أنهـا خادعـة لأنهـا تحنـث بوعودهـا،
حديثهـا عـن الأخـوة والمسـاواة والجمـال والك ارمـة يدفـع
المواطـن إلـى العنـف ،فالبعـض يكـره نفاقهـا ،وتصـوب
( )4المرجع السابق ،ص.51 ( )1المرجع السابق ،ص ص.48-47
( )5المرجع السابق ،ص.53 ( )2المرجع السابق ،ص ص.49-48
34