Page 23 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 23

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                        ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫جميع أنحاء العالم‪ ،‬وانتشـارها عبر الأوسـاط الأكاديمية أخـرى يطرحهـا كيمليـكا وهـي تتعلـق بالتعدديـة الثقافيـة‬

‫والمجتمـع المدنـي والبيروق ارطيـة تحـت م ارقبـة وبمسـاعدة الليب ارليـة التـي يسـهل تبنيهـا فـي البـاد ذات الأنظمـة‬

‫الديمق ارطيـة؛ حيـث تصـان فيهـا حقـوق الإنسـان ويطبـق‬             ‫المنظمـات الدوليـة‪.1‬‬

‫فيهـا القانـون‪ ،‬بخـاف البـاد التـي لا توجـد فيهـا القواعـد‬        ‫لكـن رغـم أن كيمليـكا يعبـر عـن تفاؤلـه‪ ،‬لكنـه فـي‬
‫الأساسـية للديمق ارطيـة الليب ارليـة‪ ،‬وبالطبـع يـرى أن هـذه‬       ‫الوقـت نفسـه‪ ،‬يشـعر بالارتبـاك ويتشـكك فـي هـذه‬
‫البـاد تحتـاج إلـى توافـر مسـتوى معيـن مـن الديمق ارطيـة‬          ‫العمليـات؛ حيـث يصـرح بـأن محـاولات تدويـل نزعـة‬
‫الليب ارليـة قبـل تطبيـق التعدديـة الثقافيـة الليب ارليـة؛ لذلـك‬  ‫التعدديـة الثقافيـة وحقـوق الأقليـات قـد واجهـت حقـل‬
‫يـرى أن مشـكلة الصـ ارع العرقـي العنيـف‪ ،‬والحاجـة إلـى‬            ‫ألغـام حقيقًّيـا ممتلًئـا بخليـط مضطـرب مـن التصـو ارت‬
‫العثـور علـى طـرق للتعايـش العرقـي غالًبـا مـا تكونـان‬            ‫والمفاهيـم والإح ارجـات الأخلاقيـة والنتائـج غيـر‬
‫أكثـر ضـ اروة فـي البلـدان ذات الديموق ارطيـات الضعيفـة‪،‬‬          ‫المقصـودة والتناقضـات القانونيـة والتلاعبـات السياسـية‪،‬‬
‫لكـن هـل المسـألة تنحصـر فـي صياغـة القواعـد أم فـي‬               ‫ولا يعـرف كيـف يمكـن أن يجـد خريطـة طريـق للإبحـار‬
‫القضـاء علـى الصـ ارع العرقـي؟ لذلـك يتسـاءل‪ :‬أيكـون‬              ‫وسـط هـذه العقبـات‪ ،2‬بـل يـرى أن بعـض هـذه العقبـات‬
‫الهـدف عندئـذ هـو صياغـة قواعـد تطبـق عالمًّيـا يتحقـق‬            ‫غيـر قابـل للحـل فـي المسـتقبل المنظـور‪ ،‬وفـي كتابـه‬
‫فيه مسـتوى معين من الديمق ارطية‪ ،‬أم يكون الهدف هو‬                 ‫“أوديسـا التعدديـة الثقافيـة”؛ يناقـش كيمليـكا العديـد مـن‬
‫كبـح الصـ ارع العرقـي أو حّلـه فـي الـدول ذات المسـتويات‬          ‫هـذه المشـكلات ويضعهـا تحـت عناويـن ثلاثـة‪ :‬أولاً‪:‬‬
                                                                  ‫مشـكلة الفئـات ‪ ،Categories‬فهـل الهـدف هـو وضـع‬
                       ‫المتفاوتـة مـن الديمق ارطيـة؟‪.3‬‬

‫وإنـي بـدوري أتسـاءل‪ :‬هـل حّلـت الولايـات المتحـدة‬                ‫قواعـد ومعاييـر يمكـن أن تنطبـق علـى جميـع الأقليـات‪،‬‬

‫أم أن الهـدف هـو صياغـة قواعـد مختلفـة لأنـواع متعـددة الأمريكية مشكلة الديمق ارطية في الع ارق؟ أم أنها‪ ،‬تحت‬

‫مـن الأقليـات؟ مثـاً وضـع قواعـد مختلفـة للجماعـات غطـاء الديمق ارطيـة‪ ،‬قامـت بتأجيـج الصـ ارع العرقـي إلـى‬

‫المهاجـرة والأقليـات القوميـة والشـعوب الأصليـة‪ .‬لكـن أقصـى مـداه‪ ،‬ممـا أدى إلـى تقسـيم البـاد واسـتعمارها‬

‫كيمليـكا لا يـرى فـي ذلـك مشـكلة مـا دام أي تصـور ونهـب خي ارتهـا وتهجيـر أهلهـا؟‬

‫يشير كيمليكا إلى العديد من المفارقات والمعضلات‬                    ‫معقـول لمفهـوم التعدديـة الثقافيـة الليب ارليـة سـوف يشـمل‬
                                                                  ‫فـي الأغلـب توليفـة مـن المبـادئ العامـة والهادفـة أو‬
‫التـي تصاحـب مسـألة التدويـل والتعدديـة الثقافيـة‪ ،‬وكيف‬           ‫الغرضيـة‪ ،‬لكنـه يعتقـد أن الطريقـة التـي يتـم مـن خلالهـا‬
                                                                  ‫تحديـد وتمييـز الفئـات الهادفـة هـي طريقـة تعسـفية‬
‫أن نظـام العالـم يتسـم بانقسـامات أيديولوجيـة‪ ،‬وبعلاقـات‬          ‫وغيـر مبـررة‪ ،‬وترتكـز القواعـد الدوليـة الحاليـة حص ّرًيـا‬
                                                                  ‫علـى ثـاث فئـات هـي‪ :‬الأقليـات‪ ،‬والأقليـات القوميـة‪،‬‬
‫الشـك والريبـة وانعـدام الثقـة والخصومـة المتبادلـة‪ ،‬إن لـم‬       ‫والشـعوب الأصليـة‪ ،‬وليـس فـي اسـتطاعة هـذه الفئـات‬
‫يكن الاسـتغلال‪ ،‬مدعومة بواسـطة التفاوت الخطير من‬                  ‫أن تعمـل العمـل المطلـوب منهـا‪ ،‬كمـا أن هنـاك مشـكلة‬
‫حيـث القـوة والتأثيـر‪ ،‬وقـد يزعـم قـادة الأمـم المتحـدة أنهـم‬
‫يعكسـون إجمـاع شـعوب العالـم ومجتمعاتـه‪ ،‬غيـر أن‬
‫أنشـطة الأمـم المتحـدة وخططهـا تعكـس الـا تماثـل فـي‬
‫القـوى الدوليـة‪ ،‬مميـزة آ ارء ومصالـح الغـرب‪ .‬ويعتـرف‬

                                                                  ‫(‪ )1‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.23‬‬

‫(‪ )3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬                                           ‫(‪ )2‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.23‬‬
                            ‫‪23‬‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28