Page 10 - باب القيم بين النسبي والمطلق-مسألة الفن/الجمال والحقيقة
P. 10
ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُالأستاذ:عبدالصمدحمدي
تناولُمختلفُللففنُفيُعلاقتهُبالجمالُوالحقيقةُ.ويمكنناُالتو ّسلُفيُذلكُبتص ّورينُطريفينُُ
هماُ :تص ّور ُ"نيتشة" ُمن ُجهةُ ،وتص ّورالفلسفة ُالفينومينولوجية ُمع ُ"مارلوبنتي" ُمن ُجهةُ
أخرىُ.فمقاربةُ"نيتشة"ُللفنُوالجمالُوالحقيقةُتنبثقُعنُمقاربتهُالجنيالوج ّيةُالفريدةُللقيمُ،
والتي ُب ّين ُمن ُخلالهاُ ،أن ُكل ُالقيم ُتعود ُإلى ُقيمتين ُفي ُالأصل ُهماُ :الخير ُوالشرُ .وأنُ
هاتينُالقيمتينُزائفتينُلاُتع ّبرانُسوىُعنُأوهامُتواضعُالناسُعلىُالتسليمُبهاُفصارواُ
يعتقدون ُلفرط ُنسيانهم ُلزيفها ُأنها ُحقائقُ .أو ُليس ُهو ُالقائل ُ"أن ُالحقيقة ُوهم ُنسينا ُأنهُ
كذلك؟"ُ.كماُأنُهذهُالمقاربةُتتو ّصلُإلىُالكشفُعلىُأنُالعقلُملكةُأوهامُوأباطيلُولاُ
تمثلُمصدراُللقيمُ،حالهُحالُالدينُوالتاريخُوالمجتمعُ.وأنُالملكةُالوحيدةُالتيُتش ّرعُالقيمُ
وتنشؤها ُهي ُ"إرادة ُالق ّوة" ُباعتبارها ُغريزة ُحيو ّية ُتتدفق ُإقبالا ُعلى ُالحياة ُوالوجودُ.
والجمال ُوالقبح ُفي ُمجال ُالفنُ ،لا ُبشذان ُعن ُهذا ُالمصدر ُالوحيدُ :إرادة ُالق ّوة ُالتي ُهيُ
إرادة ُالخلق ُوالحر ّية ُالتي ُلاتنضبُ .وإرادة ُالحياة ُوالمجاوزة ُالمتواصلة ُالتي ُيتم ّيز ُبهاُ
الأقوياءُدون ُسواهمُ،والذينُهمُالفلاسفةُالحقيقيونُ.وذلكُهوُماُيقولهُ"نيتشة"ُنفسه ُفيُ
كتابُ"ُماُبعدُالخيرُوالشر"ُحينماُيص ّرحُ"ُ:غنُالفلاسفةُبالمعنىُالدقيقُللكلمةُ،همُأناسُ
يقودونُويش ّرعونُ،...إنهمُيبسطونُنحوُالمستقبلُأياديُخلاّقةُ.ويصبحُمعهمُكلُماُهوُ
موجودُ ،وكلُما ُكان ُموجوداُ،وسيلةُفيُأيديهمُ ،وأداةُومطرقةُ.فمعرفتهم ُخلقُ ،وخلقهمُ
تشريعُ ،وإرادة ُالحقيقهم ُعندهم ُهي ُإرادة ُالق ّوة"ُ .وعلى ُنقيض ُهؤلاءُ ،ينتصب ُأصحابُ
الإراداتُالإرتكاسيةُ،إراداتُالإنثواءُوالإنثناءُعلىُالذاتُ،والتبع ّيةُ.فيكونُالجمالُوالقبحُ
بالنسبة ُلهم ُبحسب ُما ُيشيعه ُعليهم ُأسيادهمُ ،وليس ُبحسب ُما ُتش ّرعه ُإراداتهم ُالمنتكسةُ.
وبهذا ُالمعنىُ ،فالفن ُيغذي ُأصحاب ُإرادة ُالق ّوة ُمتعة ُوجودهم ُالذي ُينحتونه ُبأنفسهمُ ،فيُ
حين ُلا ُيغنم ُأصحاب ُالإرادات ُالإنتكاس ّية ُسوى ُأوهاما ُيعتقدون ُأنها ُأشكال ُمن ُالجمالُ
والحقائقُالتيُيجبُالإنصياعُلهاُ.
وهكذاُ،فالجميلُحقيقةُ،هوُماُتسعىُإرادةُالق ّوةُإلىُابتداعهُوخلقهُعلىُنحوُح ّرُُومفاجيءُ
لاُنظيرُلهُولاُمثيلُ.أمذاُالقبيحُ،فهوُماُتستقبحهُإرادةُالق ّوةُوتستهجنهُوحدهاُ،وماُتراهُ
ينهشُكيانهاُويقفُحاجزاُأمامُمسارهاُالخلاقُ.فيُحينُتكونُالحقيقةُبكلُالمعاييرُالعقليةُ
والإجتماع ّيةُوالدين ّيةُ"صنم"ُيجبُتحطيمهُحرصاُعلىُغنمُلذةُالوجودُكماُتطلبهُالإرادةُ
المتح ّررةُمنُقوالبُالسائدُالمق ّدسُ.وطبقاُلذلكُ،فالجمالُمطلبُينشدهُالفردُ،وهوُماُيحققُ
المتعةُوالإنتشاءُبالحياةُ.وهوُماُنقرأُمعناهُفيُعبارةُ"نيتشة"ُفيُمؤلفهُ"إنسان ّيُمفرطُفيُ
الإنسان ّية""ُ:لقدُعلّمناُالفنُعلىُمدىُآلافُمنُالسنينُأنُننظرُإلىُالحياةُوإلىُكلُشكلُ
منُأشكالهاُباهتمامُومتعةُ،وأنُنستدرجُأحاسيسناُهذهُإلىُالح ّدُالذيُنصرخُفيهُ:أ ّياُتكــــنُ
ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ-ص - 10