Page 7 - باب القيم بين النسبي والمطلق-مسألة الفن/الجمال والحقيقة
P. 7
الأستاذ :عبدالصمدحمدي
حقيقتهُفيُذاتهُ.وهوُ"لاُيتخطىُالمحاكاةُالخالصةُ،ويعجزُعنُالإيحاءُبواقعُح ّيُوبحياةُُ
واقع ّيةُ:فكلُماُفيُوسعهُأنُيعرضهُعليناُ"ُ،لاُيعدوُأنُيكونُصورةُكاريكاتوريةُللحياة"ُ
تماما ُكما ُهو ُحال ُلوحة ُالعنب ُالتي ُبلغ ُبها ُ"زوكسيس" ُالفنان ُالإغريقي ُقدرة ُفائقة ُعلىُ
المحاكاة ُالبارعةُ ،وصلت ُإلى ُخداع ُالحمام ُالذي ُكان ُيأتي ُلنقر ُح ُّبات ُالعنب ُالمرسومةُ،
و"لوحة ُالستارة" ُللرسام ُ"براكسياس" ُمن ُبعدهُ ،والتي ُخدعت ُصاحبها ُكما ُيرويُ
"أرسطو"ُ.وهذاُالموقفُالسلب ّيُمنُالفنُ،كماُعرضُلهُكلُمنُ"أفلاطون"ُو"أرسطو"ُ،
هوُالموقفُالذيُينقدهُ"هيقل"ُويتجاوزهُمؤكداُفيُكتابهُ"دروسُفيُالجمال ّية"ُعلىُالقيمةُ
الحقيقية ُللفن ُكما ُيح ّددها ُهوُ ،وكما ُتتأكد ُمن ُخلالها ُمنزلته ُفيقولُ "ُ :يتمثل ُهدف ُالفنُ
وحاجتهُالأصليةُفيُأنُيُظهرُللعيانُماُيتولدُعنُالروحُمنُالتمثلاتُوالتص ّوراتُوفيُأنُ
يجليهاُباعتبارهاُعملُهذاُالروحُ.فهوُشأنهُشأنُاللغةُيُبُلّغُبهُالإنسانُأفكارهُويم ُّكنُغيرهُ
منُبنيُجنسهُمنُإدراكها"ُ.وهذهُالعبارةُكافيةُفيُكثيرُمنُالوجوهُعلىُالتدليلُعلىُمعنىُ
الفن ُووظيفته ُوأهدافه ُمن ُمنظور ُ"هيقل"ُ ،إضافة ُإلى ُإظهار ُعلاقته ُبالجمال ُوالحقيقةُ.
فالفنُ ،كما ُيعرض ُله ُفيلسوف ُالجماليات ُهناُ ،لم ُيعد ُمجرد ُمحاكاة ُأو ُسعي ُلاستنساخُ
الواقعُ،والتعبيرُعنهُبشكلُمش ّوهُ،بلُهوُأساساُمجالُإظهارُمرئ ّيُعيان ّيُلتمثلاتُالروحُ
وتص ّوراتهُ:والروحُهوُالعقلُوالوعيُُُُ.
ُوفلسفةُالروحُ(الوعي)ُ،تنقسمُإلىُثلاثةُحلقاتُوهيُ:الروحُالذاتيُالذيُيكونُمضمونهُ
العقل ُالبشري ُمنظورا ُإليه ُنظرة ُذات ّية ُعلى ُأنه ُعقل ُالذات ُالفرديةُ .والروح ُالموضوعيُ
الذي ُيبدأ ُبالخروج ُمن ُذاته ُإلى ُالآخر ُضمن ُالعالم ُالموضوعي ُالذي ُهو ُليس ُبالعالمُ
الماديُ ،بل ُهو ُالعالم ُالفكريُ .ولذلك ُسيكون ُهذا ُالروح ُالموضوعي ُهوعالم ُالمؤسساتُ
والتنظيمات ُالتي ُستتجسد ُفي ُالقوانين ُوالأخلاق ُوالدولةُ .ث ّم ُي ّتُحد ُالروح ُالذاتي ُوالروحُ
الموضوعي ُفيش ُّكلان ُالروح ُالمطلق ُالذي ُيمثل ُالوعي ُوالفكر ُالبشري ُفي ُتجلياته ُالتيُ
يجسدها ُالفن ُوالدين ُوالفلسفةُ .والجمال ُالفني ُيمثل ُلحظة ُالروح ُالمطلقُ ،التي ُتع ُّبر ُعنُ
التكاملُبينُالجزئيُوالكليُ.يقولُ"هيقل"ُ"ُ:إنُالجمالُبالنظرُإلىُأنهُنمطُمع ّينُلإظهارُ
الحقيقةُوتمثيلهاُ،يعرضُنفسهُمنُكلُجانبُللفكرُالمفهوميُمتىُكانُهذاُالفكرُيمتلكُحقاُ
القدرةُعلىُصياغةُالمفاهيم"ُ.وإذاُكناُندركُمعُ"هيقل"ُ"أنُكلُماُهوُواقع ّيُعقل ّيُ،وكلُ
ماُهوُعقل ّيُواقع ُّي"ُ،صارُبإمكانناُأنُنفهمُ،بأنُالجمالُالفنيُبماُهوُتعبيرةُالفكرُ،يلتقيُ
بالروحُالمطلقُويتكاملُمعهُلأنهماُيشتركانُفيُمجالُالوعيُبالحقيقةُويع ّبرانُعنهاُبشكلُ
شفافُفيُالآثارُالفن ّيةُ.
والفنُحسبُمؤلفُ"فينمينولوجياُالروح"ُ،هوُالتجسيدُالفعليُللفكرةُفيُالما ّدةُوالشكـــــــلُُ.
-ص - 10