Page 8 - باب القيم بين النسبي والمطلق-مسألة الفن/الجمال والحقيقة
P. 8

‫الأستاذ‪ :‬عبدالصمدحمدي‬

    ‫لذلكُيقول‪":‬تكمنُمهمةُالفنُفيُالتوفيقُبينُهذينُالجانبين‪ُ:‬الفكرةُوتمثيلهاُالحسيُمنُُ‬

‫خلالُتشكيلُك ّلُمو ّحدُوح ّرُمنهما"‪ُ.‬لذلك‪ُ،‬فإنُالفنُقدرةُفائقةُعلىُإجلاءُتمثلاتُال ّروحُ‬
‫وإظهارها ُللعيان ُبشكل ُواضح‪ُ ،‬تماما ُكما ُع ّبرت ُالبنايات ُالقديمة ُعن ُتمثلات ُأصحابها‪ُ،‬‬
‫وكماُمثلتُالأهراماتُالمصر ّيةُالقديمةُتمثلُالعظمةُوالق ّوةُلدىُالفراعنة‪ُ.‬تلكُالعظمةُالتيُ‬
‫تع ّبر ُعنها ُقمم ُالأهرامات ُالتي ُتطاول ُعنان ُالسماء‪ُ ،‬وتلك ُالق ّوة ُوالثبات ُالتي ُتع ّبر ُعنهاُ‬
‫قواعدُتلكُالأهراماتُبضخامتهاُوصلابتها‪ُ.‬وهكذا‪ُ،‬فلكيُيحققُالفنُهذهُالقدرةُعلىُإجلاءُ‬
‫ما ُفي ُالروح ُمن ُتمثلات‪ُ ،‬يجب ُأن ُيتوفر ُعلى ُشروط ُوهي‪ُ ،‬أن ُيكون ُالمضمون ُالذيُ‬
‫يبتغيُالفنُتمثيلهُقابلاُللتمثيلُعلىُنحوُفن ّي‪ُ،‬وأنُلاُيكونُذلكُالمضمونُشيئاُمج ّردا‪ُ،‬ث ّمُ‬
‫أن ُيكون ُالشكل ُوالصورة ُمنسجمان ُومتطابقان‪ُ .‬لذلك ُيقول ُ"هيقل"‪"ُ :‬إن ُالفكرة ُوالتمثيلُ‬
‫يتطابقانُفيُالفنُالأكثرُرق ُّياُعلىُنحوُيتفقُمعُالحقيقة‪ُ.‬بمعنى‪ُ،‬أنُالشكلُالذيُتتج ّسدُفيهُ‬
‫الفكرة ُهو ُالشكل ُالحقيقي ُفي ُذاته‪ُ ،‬وأن ُالفكرة ُالتي ُيع ّبر ُعنها ُشكل‪ُ ،‬هي ُبدورها ُتمثلُ‬
‫التعبيرة ُعن ُالحقيقة"‪ُ .‬وطالما ُأن ُالفن ُبهذا ُالمعنى‪ُ ،‬هو ُالقدرة ُالفائقة ُعلى ُإبراز ُالوعيُ‬
‫الذاتيُللروحُالمطلق‪ُ،‬فإنُ"هيقل"‪ُ،‬يميلُإلىُجمالُالفنُفيعتبرهُأسمىُمنُجمالُالطبيعة‪ُ،‬‬
‫ويقول‪"ُ :‬في ُوسعنا ُأن ُنؤكد ُعلى ُما ُيخ ّيل ُإلينا‪ُ ،‬أن ُالجمال ُالفني ُبخلاف ُما ُتزعمه ُتلكُ‬
‫النظرة ُال ّدارجة‪ُ ،‬أسمى ُمن ُالجمال ُالطبيعي ُلأنه ُنتاج ُالروح‪ُ .‬وما ُدام ُالروح ُأسمى ُمنُ‬

                      ‫الطبيعة‪ُ،‬فإنُسم ّوهُينتقلُبالضرورةُإلىُنتاجاته‪ُ،‬وبالتاليُإلىُالفن"‪ُ.‬‬

‫وانطلاقا ُمن ُكل ُما ُتق ّدم ُتوضيحه‪ُ ،‬جدير ُبنا ُأن ُنستخلص ُبأن ُالجمال ُالفني ُلدى ُ"هيقل"ُ‬
‫يمثل ُقدرة ُالفن ُعلى ُإجلاء ُما ُيتمثله ُالعقل ُفي ُعلاقته ُبالواقع ُالذي ُلا ُينفك ُعن ُالتماثلُ‬
‫والتطابقُبه‪ُ.‬ولذلك‪ُ،‬فهوُيع ّبرُعنُالحقيقةُفيُأكملُتجلياتها‪ُ،‬وهوُلاُيع ّبُرُعنُالفردُفيُ‬
‫عزلته‪ُ،‬ولاُيع ّبُرُعنُالمجتمعُفيُسم ّوهُعنُالأفرادُوتح ّددهُفيُشكلُفكرةُمج ّردة‪ُ،‬بلُيع ّبرُ‬
‫بوضوحُوشفافيةُعنُتمثلاتُالوعيُالمكتملُالمتماثلُمعُذاتهُضمنُلحظةُالروحُالمطلقُ‬

                                                    ‫وقدُتحررُمنُكلُأشكالُالإغتراب‪ُ.‬‬

                              ‫***‪ -0‬الفن انعكاس للواقع الإجتماعي والتاريخي والنفسي‪:‬‬

‫في ُحديثنا ُفي ُالفن ُكانعكاس ُلحقيقة ُالواقع ُالإجتماعي ُوالتاريخي ُ‪ُ ،‬يمكننا ُالإستناد ُعلىُ‬
‫التص ّور ُالماركسي‪ُ .‬فالجدل ّية ُالماد ّية ُالتاريخ ّية ُتمثل ُتص ّورا ُخاصا ُلمعنى ُالممارسة ُالفن ّيةُ‬
‫في ُعلاقتها ُبالجمال ُوالحقيقة‪ُ .‬ذلك‪ُ ،‬أن ُالفن ُضمن ُهذه ُالمقاربة‪ُ ،‬مرتبط ُشديد ُالإرتباطُ‬
‫بواقعهُالتاريخيُوالإجتماعيُالخاص‪ُ،‬وهوُنتاجهُالموضوعيُالذيُيتكفلُبعكسهُوإظهارهُ‬
‫والتعبيرُعنه‪ُ.‬وهوُماُعملُ"ماركس"ُعلىُتأكيدهُفيُكتابهُ"ُمق ّدمةُعا ّمةُلنقدُالإقتصــــــادُ‬

                                          ‫ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ‪-‬ص ‪- 10‬‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11