Page 6 - باب القيم بين النسبي والمطلق-مسألة الفن/الجمال والحقيقة
P. 6

‫ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُالأستاذ‪:‬عبدالصمدحمدي‬
                                                        ‫بمصالحُالأفرادُالجزئ ّيةُالخا ّصة‪.‬‬

‫إنطلاقاُمماُتق ّدم‪ُ،‬يمكنناُأنُنستخلصُبيسر‪ُ،‬أنُالجماليةُالكانطيةُلاُتجعلُمنُالحقيقةُالتيُ‬
‫يوصلناُإليهاُالجمالُحقيقةُعقل ّيةُبإطلاق‪ُ،‬أوُحقيقةُخيال ّيةُلاُتم ّتُبصلةُلملكةُالفهم‪ُ،‬بلُ‬
‫هيُحقيقةُإحساسناُالذيُيتأ ُّتىُلناُبفعلُالتناغمُالذيُيحدثُبينُملكتيُالتخ ّيلُوالفهم‪ُ،‬فيُ‬
‫علاقةُبتكاملُوتناغمُالذاتيُالشخصيُوالذاتيُالكوني‪ُ.‬وحينئذ‪ُ،‬فللجمالُحقيقتهُالمتم ّيزةُعنُ‬
‫أشكال ُالحقائق ُالأخرى‪ُ :‬حقائق ُالعقل‪ُ ،‬وحقائق ُالتاريخ ُوالواقع ُالإجتماعي‪ُ ،‬وحقائقُ‬
‫الإنطباع ُالذاتي‪ُ ،‬وحقائق ُالسرياليات ُالفن ّية ُبالمعنى ُالمنفصل ُلتلك ُالحقائق‪ُ .‬وهي ُليستُ‬
‫حقيقةُتحصلُمنُخلالُعمليةُتأليفيةُلتلكُالحقائقُالمنفصلة‪ُ،‬بلُهيُحقيقةُالجمالُفيُذاتهُ‬
‫كما ُتقع ُعليه ُملكتي ُالتخ ّيل ُوالفهم ُلحظة ُتناغمهما ُضمن ُلحظة ُالمتعة ُالجمالية‪ُ .‬وهكذا‪ُ،‬‬

      ‫فالفنُلاُيطلبُسوىُالحقيقةُالجمال ّيةُالتيُتجعلُ"الفنُلغايةُالفن"ُوليسُلغايةُأخرى‪ُ.‬‬

                                      ‫***‪ -0‬الفن تعبيرة عن الحقيقة الموضوع ّية للعقل‪:‬‬

‫يتركزُاهتمامناُبمسالةُالفنُبينُالجمالُوالحقيقةُلدىُفيلسوفُالجدليةُالمثال ّية‪ُ،‬علىُلحظتينُ‬
‫متكاملتينُتبرزانُبوضوحُتص ّورُهذاُالمفكرُلمنزلةُالجمالُوالممارسةُالفن ّية‪ُ،‬وعلاقتهماُ‬
‫بالحقيقةُكماُنظرُلهاُالفلاسفةُالذينُأح ّطواُمنُقيمةُالجمالُالفنيُوق ّيدوهُبمعنىُ"المحاكاة"ُ‬
‫و"القدرةُالعجيبةُعلىُالخداع"ُمنُجهةُ‪ُ،‬ث ّمُفرادةُموقفهُالشخصيُمنُتلكُالمسألةُعموماُ‬

                                                                         ‫منُجهةُثانية‪ُ.‬‬

‫ففي ُمستوى ُمراجعته ُللتص ّور ُالأرسطي ُللفن‪ُ ،‬يؤكد ُ"هيقل" ُعلى ُنحو ُصريح ُفي ُمؤلفهُ‬
‫"المدخلُإلىُعلمُالجمال"‪ُ،‬أنُالأرسط ّيةُالتيُأق ّرتُبمبدإُ"وجوبُمحاكاةُالفنُللطبيعة"‪ُ،‬‬
‫هي ُفلسفة ُلاترى ُفي ُالفن ُسوى ُ"قدرة ُإنسانية ُمغرورة ُولا ُمجدية" ُتعمل ُعلى ُمحاكاةُ‬
‫الطبيعةُبكل ُماُتتوفر ُعليهُمن ُجهد‪ُ ،‬مر ُّكزةُفيُكلُذلكُعلى ُ"الهدفُالشكليُالخالص"ُ‬
‫الذي ُيتعلق ُبالمظهر ُالخارجي ُللموجود ُكما ُُتبديه ُلنا ُالطبيعة‪ُ ،‬وليس ُالموجود ُالحقيقي ُفيُ‬
‫ذاتهُكماُهوُفعلا‪ُ.‬وبهذاُالمعنى‪ُ،‬تظلُجهودُالفنانينُ"جهوداُباطلةُوغيرُمجدية‪ُ،‬ترت ّدُإلىُ‬
‫لعبة ُباعثة ُعلى ُالغرور ُوالإعجاب ُبالذات‪ُ .‬وهي ُلعبة ُتظل ُنتائجها ُعلى ُالدوام ُدون ُماُ‬
‫تقدمه ُلنا ُالطبيعة"‪ُ .‬وحينئذ‪ُ ،‬فإن ُالفن ُوفقا ُلهذا ُالمعنى ُالمحدود‪ُ ،‬سيكون ُفعلا ُ"محدودا ُفيُ‬
‫وسائلُتعبيره‪ُ،‬ولاُيستطيعُأنُينتجُسوىُأوهامُأحاد ّيةُالجانب‪ُ.‬ولاُيمكنهُأنُيق ّدمُسوىُ‬
‫ظاهرُالواقعُلواحدةُمنُحواسنا"‪ُ.‬فهلُيمكنُوحالةُالفنُعلىُذلكُالنحوُمنُالتخلفُقياساُ‬
‫علىُحالةُالموجوداتُذاتها‪ُ،‬أنُنراهنُعلىُهذاُالفنُسعياُإلىُبلوغُالحقائق؟‪ُ.‬إنُالجوابُ‬
‫واضحُجل ّيُ‪ُ:‬فالفنُليسُسوىُضرباُمنُالمحاكاةُالتيُتأملُبلوغُنسخُمظهرُالواقــــعُدونُُ‬

                                        ‫ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ‪-‬ص ‪- 10‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11