Page 5 - باب القيم بين النسبي والمطلق-مسألة الفن/الجمال والحقيقة
P. 5

‫ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُالأستاذ‪ :‬عبدالصمدحمدي‬

                                                   ‫***‪ -0‬الفن تجسيد لحقيقته الخا ّصة‪:‬‬

‫تتنزلُرؤيةُ"كانط"ُللفنُوالجمالُوالحقيقةُضمنُسياقُخاص‪ُ.‬ففيلسوفُالأنوارُيخ ُّصصُ‬
‫كتابهُ"نقدُملكةُالحكم"ُللإجابةُعنُسؤالهُالثالث‪ُ:‬ماذاُعل ُّيُأنُآمل؟‪ُ،‬بعدُأنُخ ّصصُكتابهُ‬
‫"نقد ُالعقل ُالمحض" ُللإجابة ُعن ُسؤال ُنظريته ُفي ُالمعرفة ُوحدودها‪ُ :‬ماذا ُيمكنني ُأنُ‬
‫أعرف؟‪ُ،‬وكتابيهُ"نقدُالعقلُالعملي"ُو"أسسُميتافيزيقاُالأخلاق"ُللإجابةُعنُسؤالُالواجبُ‬

                                                    ‫الأخلاقي‪ُ:‬ماذاُيجبُعل ّيُأنُأفعل؟‪ُ.‬‬

‫إن ُ"كانط" ُلا ُيربط ُالجمال ُبالمحاكاة ُكما ُهو ُالحال ُلدى ُ"أرسطو"‪ُ ،‬ولا ُيعتبره ُ"إجلاءُ‬
‫لتمثلاتُالروح"ُكماُستقولُالهيقل ّيةُلاحقا‪ُ،‬بلُيؤكدُأنُالجميلُهوُالشيءُالقادرُعلىُإثارةُ‬
‫المتعةُغيرُالمعن ّيةُوغيرُالمشروطةُبالإرتواءُالح ّسي‪ُ.‬وذلكُيعني‪ُ،‬أنُقيمةُالجمالُلاُتتخذُ‬
‫طابعاُحس ّياُماد ّيا‪ُ،‬فيكونُالجميلُشيئاُماد ّياُمتع ّيناُعلىُنحوُكل ّيُوثابتُكالزهرةُمثلا‪ُ،‬أوُ‬
‫المنظرُالطبيعيُالذيُنقعُعليه‪ُ،‬ذلكُأنُالمتعةُالجماليةُهيُمتعةُح ّرةُبشكلُخالصُترتبطُ‬
‫بالذات ُأساسا‪ُ ،‬وهي ُشرط ُالتذ ّوق ُالجمالي‪ُ .‬بمعنى‪ُ ،‬أن ُاستشعارنا ُللجمال ُيتأ ّتى ُعن ُذلكُ‬
‫الإحساس ُالذي ُيحققه ُالتبادل ُالح ّر ُوالتناغم ُالذي ُيحدث ُبين ُملكتي ُالتخ ّيل ُوالفهم ُبمج ّردُ‬
‫مشاهدة ُالشيء ُالجميل‪ُ .‬إذ ُلايمكن ُلشخص ُأن ُيحكم ُعلى ُشيء ُبأنه ُجميل ُإذا ُكان ُيربطهُ‬

                        ‫بشروطُأساس ّيةُمسبقا‪ُ،‬كأنُيكونُمفيداُأوُمتوافقاُمعُالذوقُالعام‪ُ.‬‬

‫وحينئذ‪ُ،‬يكون ُمنُغير ُالممكن ُحسب ُ"كانط"ُأنُنح ّددُأيقوناتُأو ُنماذجُللجمالُالأسمىُ‬
‫والأكمل‪ُ ،‬إذ ُالجمال ُيعود ُفقط ُإلى ُطبيعة ُاستشعار ُالجمال ُلدى ُالإنسان‪ُ .‬والجميل‪ُ ،‬هو ُماُ‬
‫يجعلناُنشعرُبالمتعةُإلىُدرجةُأنناُنفترضُأنهُسيلحقُنفسُالإحساسُبالآخرينُمنُالبشر‪ُ.‬‬
‫وهنا‪ُ ،‬يمكن ُأن ُنتحدث ُعن ُالطابع ُالكوني ُللجمال ُالذي ُيتجاوز ُخصوصية ُالذات ُالفردية‪ُ.‬‬
‫ولع ّلُذلكُماُيعنيهُ"كانط"ُبقولهُفيُ"ملاحظاتُحولُالشعورُبالجميلُوالجليل"‪"ُ:‬إنُالنظرُ‬
‫عن ُكثب ُلأزهار ُمتناثرة‪ُ ،‬ولأودية ُتسيل ُفي ُجداول‪ُ ،‬ويرعى ُفيها ُالقطعان‪ُ .‬ووصفُ‬
‫الإليزيُأوُوصفُالرسمُالذيُقامُبهُهوميروسُلحزامُفينوس‪ُ،‬تثيرانُفيناُأحاسيسُرائقةُ‬
‫ولكنها ُخلو ُمن ُكل ُشيء ُمفرح ُومضحك"‪ُ .‬وهكذا‪ُ ،‬فالتذوق ُالجمالي ُيعتمد ُعلى ُالإحساسُ‬
‫الخاصُفيُعلاقةُبالحكمُالجماليُكحكمُذاتيُولكنهُفي ُنفسُالوقتُذاتيُعام‪ُ،‬منُحيثُ‬
‫كونهُمرتبطاُبطبيعةُالتنشئةُالإجتماعيةُللشخصُالسو ُّيُوعلاقتهاُبالبعدُالكونيُللإنسان‪ُ.‬‬
‫وهوُحكمُلاُيرتبطُبالمنفعةُالماد ّيةُلأنُالجميلُفيُالأصلُهوُماُيجعلناُنح ّسُبالرضاُدونُ‬
‫أنُترتبطناُبهُمنفعة‪ُ .‬وهكذا‪ُ،‬فضمنُهذهُالجماليةُالكانط ّية‪ُ،‬نقعُلدىُفيلسوفناُعلىُتمييزُ‬
‫بينُالجميلُوالنافعُواللذيذ‪ُ،‬وانطلاقاُمنُذلك‪ُ،‬يتخذُحكمُالجمالُطابعهُالعامُالذيُلاُيتح ّددُُ‬

                                             ‫ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ‪-‬ص ‪- 10‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10