Page 32 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 32

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                                   ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                                    ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫شـهرة مـا دار فـي ميـدان النقـد الأدبـي؛ إذ طـرح‬                             ‫اعتقـالات واسـعة شـملت الشـيوعيين المصرييـن‪،‬‬
‫محمـود أميـن العاِلـم ورفيـق دربـه عبـد العظيـم أنيـس‬                        ‫وبعـد التنقـل بيـن عـدة سـجون مصريـة (ق ارميـدان –‬

‫مـن خـال كتابهمـا (فـي الثقافـة المصريـة) مفهوًمـا‬                           ‫الحضـرة ‪ -‬أبـو زعبـل) اسـتقر بـه المقـام فـي (ليمـان‬
‫جديـًدا لـدور الأدب فـي المجتمـع‪ .‬وهـو الأمـر الـذي‬                          ‫طـره) ُمعاقًبـا بالأشـغال الشـاقة وتكسـير الأحجـار‬
‫واجهـه الكثيـر مـن الانتقـادات والهجـوم مـن الأدبـاء‬                         ‫البازلتيـة‪ .‬وفـي السـجن شـهد مـوت أصدقائـه مـن‬
‫والكَتّـاب الكبـار فـي حياتنـا الثقافَّيـة مـن أمثـال‪:‬‬                       ‫أمثـال شـهدي عطيـة ود‪ .‬فريـد حجـاج وآخريـن جـ ارء‬

‫توفيـق الحكيـم والعقـاد وطـه حسـين‪ .‬وكان ذلـك قـد‬                            ‫التعذيـب وسـوء الأوضـاع الصحيـة‪.‬‬

‫تـم تصويـره كمعركـة فكريـة قـال عنهـا الماركسـي‬                              ‫وبعـد تسـرب أخبـار مذبحـة أبـي زعبـل تـم نقـل‬
‫والمناضـل الشـيوعي الكبيـر حسـين مـروة‪« :‬هـذه‬                                ‫الرفـاق إلـى سـجن الواحـات‪ ،‬وتـم اسـتبدال العمـل‬
‫المعركـة الأزليـة بيـن كل جديـد وكل قديـم‪ ،‬بيـن‬                              ‫بالز ارعـة فـي الصحـ ارء بتكسـير الأحجـار البازلتيـة‪،‬‬
‫ثقافـة تنعكـس فيهـا آ ارء وأفـكار ومفاهيـم وقيـم تريـد‬                       ‫واسـتمرت مرحلـة السـجن حتـى عـام ‪ 1964‬حيـث‬
‫أن تـدل علـى مـكان فئـة َتِلـُد فـي المجتمـع جديـًدا‪،‬‬                        ‫تـم الإفـ ارج عـن المعتقليـن والشـيوعيين عندمـا‬
‫لكـي تنقـل هـذا المجتمـع إلـى دور تاريخـي جديـد‪ ،‬ثـم‬                         ‫دخلـت السياسـة الناصريـة فـي ِصـدام مـع المعسـكر‬
‫لكـي ترفـع هـذا المجتمـع إلـى منزلـة أرحـب وفضـاء‬                            ‫الأمريكـي‪ ،‬وتحالفـت مـع السياسـة السـوفيتية بعدمـا‬
 ‫أوسـع وإنسـانية أسـمى وحيـاة أجمـل وأفضـل»(((‪.‬‬                              ‫رفضـت أمريـكا بنـاء السـد العالـي واسـتجاب الاتحـاد‬
                                                                             ‫السـوفيتي‪ .‬وفـور خروجـه مـن السـجن تقلـد عـدة‬
‫وقـال العاِلـم عـن هـذا الكتـاب‪« :‬إن هـذا الكتـاب‬

‫مناصـب أدبيـة وثقافيـة رفيعـة ومهمـة؛ إذ تـ أرس ليس كتابنا وحدنا‪ ،‬وإنما هو الابن الشـرعي لمرحلة‬

‫حيـة مـن م ارحـل الغليـان والتحـول فـي الإبـداع‬                              ‫مجلـس إدارة المؤسسـة العامـة للكتـاب‪ ،‬ورئاسـة‬
‫الأدبـي والفكـري خـال سـنوات الأربعينيـات وبدايـة‬                            ‫مجلـس إدارة المسـرح والموسـيقى والفنـون الشـعبية‪،‬‬

‫ورئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم‪ ،‬بالإضافة الخمسـينيات»(((‪.‬‬

‫ورغـم هـذا الصـدى الكبيـر الـذي أحدثـه كتـاب‬                                 ‫إلـى ذلـك فقـد كان عضـًوا فـي نقابـة الصحفييـن‬
                                                                             ‫ومقرًار للجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة‪ .‬كما‬
‫«فـي الثقافـة المصريـة» والـذي لا يـكاد يتوقـف حتـى‬                          ‫أتيحـت لـه الفرصـة ليقـدم حديثًـا سياسـًّيا للمشـاهدين‬
‫اليـوم‪ ،‬أن هـذا الكتـاب لـم ُيكتـب كـي يكـون كتاًبـا‪،‬‬                        ‫فـي التلفزيـون المصـري عقـب نشـرة أخبـار التاسـعة‬
‫وإنمـا مـا حـدث أن العميـد طـه حسـين نشـر مقـالاً‬                            ‫مسـاء كل يـوم خميـس ليشـهد هـذا العصـر أزهـى‬
‫بعنـوان «صـورة الأدب ومادتـه» معتبـًار أن اللغـة‬
‫هـي صـورة الأدب وأن المعانـي هـي مادتـه‪ .‬فكتـب‬                                                    ‫عصـوره الحياتيـة والفكريـة‪.‬‬
‫الرفيقـان العاِلـم وأنيـس ّرًدا عليـه مختلفيـن معـه حـول‬
                                                                              ‫خام ًسا ‪ -‬معارك فكرية ودور مجتمعي جديد للأدب‬
‫هـذا التحليـل لـأدب إلـى لغـة ومعنـى‪ ،‬مفضليـن‬                                ‫خـاض محمـود أميـن العاِلـم عـدة معـارك فكريـة‬
‫تحليلـه إلـى صياغـة ومضمـون‪ .‬وفـي الحقيقـة لـم‬                               ‫مـع أهـم رمـوز عصـره الثقافَّيـة فـي مجـالات الأدب‬
                                                                             ‫والنقـد والفكـر والفلسـفة والاجتمـاع‪ ،‬انطلـق فيهـا مـن‬
‫يكـن يقصـد الرفيقـان مـا هـو أبعـد مـن تقديـم رؤيـة‬                          ‫تمسـكه بـروح اليسـار والحـرص علـى تحقيـق العدالـة‬
                                                                             ‫الاجتماعيـة‪ .‬وكان أكثـر هـذه المعـارك الفكريـة‬
‫((( حســن مــروة‪ ،‬مقدمــة كتــاب في الثقافــة المصريــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬دار‬
             ‫الثقافــة الجديــدة‪ ،‬الطبعــة الثالثــة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫((( محمـود أمـن العالِـم‪ ،‬في الثقافـة المصريـة‪ ،‬القاهـرة‪ ،‬دار الثقافـة‬
                   ‫الجديــدة‪ ،‬الطبعــة الثالثــة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.15‬‬

                                                                         ‫‪32‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37