Page 31 - 777777المنظور السياسي
P. 31

‫التجانـس‪ ،‬لديهـا ميـل نحـو إعـادة الهيكلـة وإعـادة التركيـب‬     ‫	•فــي عمليــة بنــاء ال ُهِوَّيــة‪ ،‬يجــب التمييــز بيــن‬
‫الدائـم وفًقـا للتحـولات والمسـتجدات‪ ،‬وهـذا أمـر قـد يبـدو‬                               ‫جانبيــن أساســيين‪:‬‬
‫طبيعًّيـا كنتـاج للتبـادل الثقافـي والاجتماعـي‪ ،‬وكذلـك نتاج‬
‫هيمنة العناصر الخارجية الموجودة في نسـيج المكونات‬               ‫الأول يتعلـق بالتبعيـة التـي تعتبـر أن الأفضـل‬
‫الجديـدة التـي تُ َشـِّكل المجتمـع أو مـن خـال صناعـة‬           ‫يأتـي مـن الخـارج‪ ،‬بحيـث يتبنـى النـاس نمـاذج وقي ًمـا‬
‫الثقافـة الجديـدة تهبـط مـن الخـارج وتسـاعد علـى تأهيـل‬         ‫ومواقـف وسـلوكيات واتجاهـات وغيرهـا مـن المظاهـر‬
‫المجتمـع لقبـول التقاليـد والثقافـات والهويـات والاختلافـات‬     ‫الثقافيـة الخارجيـة؛ حيـث تعتبرهـا الجماعـة الاجتماعيـة‬
‫التـي أصبحـت مؤخـًار مؤثـرة بشـكل سـلبي علـى التركيبـة‬          ‫الأفضـل‪ .‬أمـا الثانـي فيشـير إلـى تلـك ال ُّطـرق التـي‬
‫الاجتماعيـة التـي ليـس لهـا القـد ارت نفسـها لكـي تسـتوعب‬       ‫يتعلمهـا ويكتسـبها الإنسـان فـي م ارحـل تنشـئته المختلفـة‬
‫الأنمـاط الجديـدة والهـدف منهـا فتصبـح عائًقـا وعنصـًار‬         ‫لاسـتخدامها فـي الفهـم والشـعور والتصـرف التـي تفتـرض‬
‫مضطرًبـا مسـببة بذلـك اضط ارًبـا فـي العلاقـات داخـل‬            ‫كمعيـار وحيـد صالـح لمبـادئ الجماعـة نفسـها‪ ،‬وكذلـك‬
                                                                ‫مبـادئ المجتمـع الـذي يعيـش فيـه‪ ،‬وبالتالـي تصـاغ قيـم‬
                                          ‫المجتمـع‪.‬‬             ‫تترجـم إلـى معاييـر ترفـض وتديـن أي طريقـة أخـرى للفهـم‬

‫وهـذا يوضـح لنـا أننـا منغمسـون فـي عالـم متغيـر؛ حيـث‬                     ‫والشـعور والتصـرف تجـاه الواقـع المتجـدد‪.‬‬
‫أصبحـت وجهـات النظـر المختلفـة جـزًءا مـن عمليـات‬
‫ترتيـب ال ُهِوَّيـة‪ ،‬لـذا يجـب أن ُينظـر لعمليـة التنشـئة علـى‬  ‫إذا ُفهمـت التنشـئة الاجتماعيـة كعمليـة‪ ،‬فليـس مـن‬
‫أنهـا ضروريـة ومفصليـة‪ ،‬كونهـا تعيـد ترتيـب الاختلافـات‬         ‫المسـتغرب أن يفتـرض النـاس قي ًمـا مهيمنـة ومتناقضـة؛‬
‫والتفاوتـات‪ ،‬أي أنهـا عمليـة الهـدف منهـا التنظيـم‬              ‫قي ًمـا متناقضـة ومهيمنـة داخـل المجتمـع؛ ممـا يتطلـب‬
‫الاجتماعـي والثقافـي للمجتمـع‪ ،‬وبعيـًدا عـن كشـف‬                ‫سـلوكيات ومواقـف متجـددة دوًمـا وهكـذا‪ ،‬يتغيـر التعليـم‬
‫الجوانـب الذاتيـة‪ُ ،‬يظهـر موقـع التغايـر أن عمليـات‬             ‫وفًقا للتحولات الاجتماعية التي يواجهها المجتمع نفسـه‪،‬‬
‫التنشـئة تُقـدم بنـا ًء للهويـات الوطنيـة بحيـث تسـتطيع‬         ‫وهكـذا عمليـة التنشـئة الاجتماعيـة التـي تمـُّر بهـا الأجيـال‬
                                                                ‫الجديـدة فـي بيئتهـا الاجتماعيـة‪ ،‬وفـي المدرسـة تتغيـر‬
   ‫التناغـم مـع التنـوع الـذي يفرضـه عالمنـا المتجـدد‪.‬‬          ‫وتتخ َّصـص علـى مقاييـس وإيقـاع التحـولات الاجتماعيـة‬
                                                                ‫الدقيقـة والمتسـارعة التـي تطـ أر علـى المجتمـع نفسـه‬
‫وفـي هـذا الصـدد‪ ،‬يجـب الاسـتفادة مـن ال َمثَـل الـذي‬
‫تقدمـه الشـركات العابـرة للقوميـات نفسـها‪ ،‬فهـذه الشـركات‬                    ‫وتأثـره بالمهيمـن الثقافـي السـائد عالمًّيـا‪.‬‬
‫اسـتطاعت أن تـدرك أن بإمكانهـا العمـل مـع تنوعهـا‬
‫وتنـوع العنصـر البشـري الـذي يعمـل بهـا‪ ،‬وأن هـذا لا‬            ‫فالتحولات الاجتماعية وأيديولوجية ما بعد الحداثة التي‬
‫يتطلـب بنـاء مصانـع فـي جميـع أنحـاء العالـم‪ ،‬بـل أن‬            ‫تتوافـق مـع البنيـة الاقتصاديـة وليب ارليـة السـوق ال ارديكاليـة‬
‫تصبـح هـي بكونهـا جـزًءا حًّيـا مـن العالـم أي بـأن تصبـح‬       ‫تعمـل بسـرعة علـى تحويـل القيـم والمواقـف التـي تبـدو‬
‫جـزًءا حًّيـا مـن كل ثقافـة فـي هـذا العالـم؛ بهـذه الطريقـة‬    ‫ارسـخة فيمـا يسـمى بالمجتمعـات الحديثـة والغربيـة؛ لذلـك‬
‫‪ -‬ومـن خـال المشـاركة مـع الهويـات الأخـرى ‪ -‬فإننـا‬             ‫فـإن النقـاش حـول هـذه المسـألة يعتمـد ‪ -‬بشـكل مت ازيـد‬
‫نرتبـط بالثقافـات الأخـرى‪ ،‬وعنـد القيـام بذلـك‪ ،‬يجـب أن‬         ‫‪ -‬علـى أن ال ُهِوَّيـة بـدًل مـن أن تكـون ثابتـ ًة وتميـل نحـو‬

‫‪31‬‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36