Page 30 - 777777المنظور السياسي
P. 30
والأسـرة والديـن والتعليـم وهـي الأشـياء المهـددة بالتغييـر، عاتقنـا جمي ًعـا بحفـظ مـا هـو لنـا .فالحفـاظ علـى الأذواق
وبالتالـي يجـب الحفـاظ عليهـا .فال ُهِوَّيـة الوطنيـة هـي والعادات والقيم الوطنية والتأكيد عليها في غاية الأهمية
تقديـر الحيـاة الوطنيـة ،وروح وف ارسـة الأمـة؛ أن نحتـرم بالنسـبة لمصـر التـي اسـتطاع العنصـر البشـري الـذي
الإنسـان وأرضـه ،أن ُنقـِّدر خصوصيتنـا ،أن نفخـر نشـأ علـى قيـم سـاهمت فـي أن يكـون وادي النيـل بوتقـة
بتقاليدنـا .ويمكـن الاسـتدلال علـى أن الموقـف التقليـدي
لل ُهِوَّيـة الوطنيـة لـه صبغـة جوهريـة ،مؤطـرة بالعـادات، صهـر فيهـا المنطقـة العربيـة الإفريقيـة .وتفاعلـت مـع
والتقاليـد ،والمؤسسـات الاجتماعيـة ،والأسـرة. تجمعـات بشـرية محدثـ ًة تطـوًار فـي الحضـارة الإنسـانية
خـال قـرون عـَّدة َن َشـرت خلالهـا عـن طريـق هـذا التفاعل
لذلك ،يجب أن نسأل أنفسنا :هل ال ُهِوَّية الوطنية حقيقة قي ًمـا إنسـانية سـادت فـي العالـم كلـه لبسـطاتها وتقبلهـا
ثابتـة غيـر قابلـة للتغييـر؟ هـذا السـؤال لـه عـَّدة معـا ٍن؛ مـن خـال تعـاون مثمـر مـع ثقافـات متنوعـة اسـتوعبتنا،
حيـث إن بعـض المواقـف تشـير إلـى أن ال ُهِوَّيـة الوطنيـة
هـي عمليـة اجتماعيـة جدليـة مسـتمرة ،وهـو مـا يتناقـض وهـي الطريقـة الأكثـر منطقيـة وفعاليـة للمسـاهمة فـي
الحفـاظ علـى ُهِوَّيـة ثقافيـة متناغمـة مـع هـذا العصـر
مـع الرؤيـة الأيديولوجيـة ،القوميـة والمحافظـة علـى سـبيل الجديـد الـذي نعيـش فيـه ،والـذي يجـب علينـا أن نفهمـه
المثال ،الهوية ليست حالة ،بل هي عملية مستمرة .لذلك جيـًدا لتأكيـد خصوصيـة ثقافتنـا التـي نشـأت مـن خـال
انصهارنـا فـي محيطنـا وذوبـان تجمعـات بشـرية متنوعـة
لا يمكـن تعلمهـا إلا ضمـن منطـق التغييـر الاجتماعـي.
فينـا ،ولضمـان اسـتم اررية وتماسـك المحيـط الأصيـل
وبالتالـي فـإن ال ُهِوَّيـة ظاهـرة اجتماعيـة ثقافيـة ،وبالتالـي الـذي شـَّكلناه عبـر تاريـخ طويـل مـن التفاعـل الـذي بـدأ
فهـي ظاهـرة تاريخيـة وسياسـية ،هـذا الموقـف الـذي يلمـح
مـن وضـع البنيـة التحتيـة للحضـارة الإنسـانية مـن خـال
إلـى التغييـر الاجتماعـي ،يجعـل مـن الممكـن إثبـات
قيـم خالـدة حَّولـت هـذا الكائـن الضعيـف إلـى إنسـان قـادر
وجـود سلسـلة مـن المعانـي التـي يمتلكهـا النـاس ،حيـث علـى تحـدي الطبيعـة وبنـاء الحضـارة؛ هـذا الخطـاب هـو
إن الاختلافـات الاجتماعيـة تجعـل مـن الممكـن اسـتنتاج الخطـاب الوطنـي مـع العـادات والتقاليـد والقيـم المعتدلـة.
أن مـا هـو ذو مغـزى بالنسـبة لمجموعـة مـا قـد يكـون هـو مـا يجـب أن يحـدد مفهـوم ال ُهِوَّيـة الوطنيـة الـذي
مه ًّمـا بالنسـبة لمجموعـة مـا وقـد لا يكـون كذلـك بالنسـبة سـوف يجعلنـا متناغميـن مـع عالـم اليـوم لا ارفضيـن
لمجموعـة أخـرى ،لذلـك ،فـإن الهويـة لهـا علاقـة بإدمـاج
لـه ،لأننـا سـاهمنا فـي تأسـيس قيمـه السـليمة التـي يجـب
النـاس فـي المجتمـع أي يرتبـط بـإد ارج النـاس فـي عالـم
الحفاظ عليها واسـتم اررها مع اسـتحداث الأدوات اللازمة
معيـن مـن المعانـي ،وفـي شـبكة معينـة مـن العلاقـات لذلـك ،والتـي سـوف نتطـرق لهـا لاحًقـا.
الاجتماعيـة المتناغمـة .لذلـك ،فـإن عمليـة التنشـئة لذلـك ،للبقـاء كأمـة يجـب أن نسـتخدم لغـة الوطـن التـي
الاجتماعيـة هـي المسـئولة عـن صياغـة ُهِوَّيتنـا وخلـق
التعايـش المسـتقر؛ حيـث بنـاء المعانـي والشـروط الماديـة هـي أكثـر ب ارجماتيـة وبسـاطة ،وأكثـر تجريبيـة وأكثـر
والرمزيـة التـي تتأسـس منهـا ال ُهِوَّيـة. اندما ًجـا فـي هـذا السـياقُ ،يسـتخدم مصطلـح الوطـن
لدعـم الخطـاب القومـي ،المحافـظ علـى المؤسسـاتية
30

