Page 105 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 105

‫كر ‪01‬‬  ‫‪ ، 00‬لمحلإو ا !لإد ا لقا ‪/‬إبف!‬

    ‫والسؤال المطروح ليس هم‪ :-‬من منّا لم يحارب نفسه الأمّارة بالسوء؟ بل السؤال هو‪:‬‬
   ‫من منّا انتصر عليها؟ فحرب الإنسان مع نفسه حرب أزلية ‪ ،‬لا تنتهي جولاتها إلا مع‬
 ‫الرمق الأخير للإنسان ‪ ،‬هذه الحرب تشتد وطأتها كلما زادت الفتن التي يتعرض لها‬
‫الإنسان ‪ ،‬وصغاطر لم يكن متعرضا لفتنة عظيمة فحنسب ‪ ،‬بل كانت مكانته الدينية‬
 ‫العظمى هي الفتنة بذاتها ! ولكي تدرك مدى التضحية العظيمة التي قام بها صغاطر في‬
    ‫سبيل اللّه ‪ ،‬فما عليك إلا أن تسأل نفسك سؤالأ بسيطًا‪ :‬هل أنت على استعداد للتخلي عن‬
   ‫وظيفتك إذا ما علمت أن فيها أمرًا يغضب اللّه سبحانه وتعالى من قريب أو بعيد؟ أترك‬
 ‫الإجابة عن هدْا السؤال لكل واحدٍ فينا كي يجيب بنفسه على نفسه بًكل صدق‪ ،‬أما‬

   ‫صاحبنا فلم يستغرق الكثير من الوقت ليقدم استقالته من أعلى وظيفة في سلم الوظائف‬
    ‫الرومانية ‪ ،‬بل لم يستغرق الكثير من الوقت لكي يقدم روحه الطاهرة دلّه سبحانه وتعالى‪،‬‬
  ‫فهيا بنا لنسبر أغوار هذا البطل الإسلامي العظيم صغاطر‪ ،‬من خلال حديث عجيبٍ غاية‬
  ‫في العجب ‪ ،‬رواه الصحابي الجليل أبو سفيان ‪ ،‬ليحفظه لنا محمود الذكر والسيرة الإمام‬
    ‫البخاري جزاه اللّه عن المسلمين كل خير‪ .‬ولكن قبلها ينبغي علينا أن نأخذ لمحة بسيطة‬
   ‫عن خلفية هذه القصة ‪ ،‬فبعد أن استطاع رسول اللّه انتزاع صلح الحديبية من بين أنياب‬
  ‫مشركي قريش ‪ ،‬جاء الوقت لتنفيذ أهم مهمة ملقاة على عاتق المسلمين في كل زمان‬
     ‫ومكان ‪ ،‬ألا وهي مهمة التبليغ ! فما أن عقد رسول اللّه !ي! صلحَ الحديبية حتى بعث‬
 ‫برُسله إلى مختلف أنحاء الأرض ‪ ،‬وكان أحد هولاء الرسل هو الصحابي الجليل الجميل‬
 ‫صاحب الوجه المشرق والذي كان أكثر البشر سبهًا بجبريل لج! (دحية بن خليفة‬
   ‫الكلبي ) رضي الله عنه وأرضاه ‪ ،‬حاملًا رسالة من رسول اللّه!باله ‪ ،‬إلى أعظم إمبراطور‬
 ‫على وجه الأرض ‪( :‬هرقل ) ! وكان هرقل هو إمبراطور الإمبراطورية الرومانية الشرقية‬
     ‫"البيزنطية " التي تقاسم الفرس السيطرة على العالم القديم ‪ ،‬وهرقل هو الاسم المختصر‬
‫لاسمه الكامل (فلافيوس أغسطس هرقل ) الذي حكم الإمبراطورية الرومانية منذ ‪ 061‬م ‪.‬‬
  ‫وقد كان هرقل في بادئ الأمر رجل دينٍ نصراني من أصولٍ أرمينية يساعد أباه الذي‬
    ‫كان واليًا للرومان على "تونس" ‪ ،‬فعندما غُلبت الروم من الفرس في القصة المشهورة‬

 ‫التي خلدها القران ‪ ،‬قام أبوه البطريرق (هرقل ) بتجهيز ابنه (هرقل بن هرقل ) لينقذ الدولة‬
   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110