Page 108 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 108

‫‪ ،00‬هل لمحظما ‪ 4‬اهة الاللللا!‬                                                                    ‫‪801‬‬

‫بماذا يأمركم ؟ قال أبو سفيان ‪ :‬يقول اعبدوا اللّه وحده ولا تشركوا به شيئا‪ ،‬واتركوا ما‬
     ‫يقول اباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة ‪ .‬عند ذلك انتهى الاستجواب‬

 ‫الطويل من هرقل ‪ ،‬وبدأ هرقل يحلل كل كلمة سمعها وكل معلومة حصل عليها حتى‬
‫يخرج باستنتاج ‪ ،‬وأعلن ذلك الاستنتاج ترجمان هرقل ‪ ،‬قال هرقل ‪ :‬سألتك عن نسبه‪،‬‬

‫ن‬                          ‫من قومها‪ .‬ثم قال ‪ :‬سألتك‬  ‫الرسل تبعث في نسب‬  ‫أنه فيكم ذو نسب ‪ ،‬وكذلك‬  ‫فذكرت‬
                        ‫إ‬

‫قال أحد منكم هذا القول قبله ؟ فذكرت أن لا‪ ،‬قلت ‪ :‬لو كان قال أحد هذ! القول قبله‬

‫لقلت رجل يتأسى بقول قيل قبله ‪ .‬وسألتك هل كان من ابائه من ملك ؟ فذكرت أن لا‪،‬‬

‫فقلت ‪ :‬لو كان من ابائه من ملك ‪ ،‬قلت ‪ :‬رجل يطلب ملك أبيه ‪ .‬وسألتك هل كنتم تتهمونه‬
  ‫بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فذكرت أن لا‪ ،‬فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على‬

‫الناس ويكذب على اللّه ‪ .‬وسألتك أسراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ فذكرت أن‬
‫ضعفاءهم اتبعوه ‪ .‬وهم أتباع الرسل ‪ .‬وسألتك أيزيدون أم ينقصون ؟ فذكرت أنهم‬
 ‫يزيدون ‪ .‬وكذلك أمر الإيمان حتى يتم ‪ .‬وسألتك أيضا أيرتد أحد منهم سخطا لدينه بعد‬
  ‫أن يدخل فيه ؟ فذكرت أن لا‪ .‬وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب ‪ .‬وسألتك هل‬

‫يغدر؟ فذكرت أن لا‪ .‬وكذلك الرسل لا تغدر ‪ .‬وسألتك بماذا يأمر؟ فذكرت أنه يامركم‬
     ‫أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا‪ ،‬وينهاكم عن عبادة الأوثان ‪ ،‬ويأمركم بالصلاة والصدق‬

‫والعفاف ‪ .‬وبعد هذا التحليل العميق من هرقل قال لأبي سفيان بمنتهى الصراحة ‪ :‬فإن‬

‫كان ما تقوله حق فسيملك موضع قدمي هاتين ‪ -‬أي الشام ‪ -‬وقد كنت أعلم أنه خارج ‪،‬‬
     ‫ولم أكن أظن أنه منكم ‪( -‬فهو يستكثر أن يكون من العرب إ) ‪ -‬فلو أني أعلم أني أخلص‬

  ‫إليه لتجشمت لقاءه ‪ ،‬ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ‪ .‬ثم قال هرقل لدحية بن خليفة‪:‬‬
‫ويحك ! واللّه إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل ‪ ،‬وأنه الذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا‪،‬‬

  ‫و!ني أخاف الروم على نفسي ؟ ولولا ذلك لأتبعته ؟ فاذهب إلى صغاطر الأسقف فاذكر‬

  ‫لهم أمر صاحبكم ‪ ،‬فهو واللّه أعظم في الروم منى ‪ ،‬وأجوز قولا عندهم منى ؟ فانظر ما يقول‬
  ‫لك ‪ .‬فذهب دحية إلى صغاطر كبير الأساقفة ‪ ،‬فأخبره بما جاء به من رسول اللّه إلى هرقل‪،‬‬
‫وبما يدعوه إليه ‪ ،‬فقال صغاطر‪ :‬صاحبك والله نبي مرسل ‪ ،‬نعرفه بصفنه ‪ ،‬ونجده في كتبنا‬
   ‫باسمه ‪ .‬فدخل البطل صغاطر فالقى ثيابًا كانت عليه سودًا‪ ،‬ولبس ثيابا بيضاء‪ ،‬ثم أخذ‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113