Page 121 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 121
أ ك!" لمحلإكاا !لإلمحا ا لتا (ي! ،00
أما كان ذلك سيكون اختصارًا للوقت والجهد؟ ألم يكن بمقدور اللّه عز وجل أن ينقل
سلمان من أصفهان إلى يثرب من دون أن يخوض تلك الرحلة الشاقة في كل تلك البلدان
البعيدة ؟ الحقيقة أن له سننًا في الأرض لا تتغير ،ومن أعظم سننه تلك أن نصر اللّه لا يأتي
إلا بعد أن يستنفد المسلم كل طاقته حتى ولو كانت ضئيلة ،عند ذلك يأتي نصر اللّه من
باب لم يكن يتوقعه أحد ،فمن كان يظن أن سيد سلمان اليهودي هو الذي سوف يوصله
للمدينة بعد أن فقد هو حريته في التنقل ؟ ومن كان يظن أن البحر سوف ينفلق لموسى
ن اللّه قادرًا على لبني إسرائيل ؟ ألم يكن فرعون من تعذيب ويغرق فرعون بعد سنوات
أ
يهلك فرعون وملئه منذ البداية ؟!
المهم أن سلمان بقي يعمل عند سيده حتى جاء ذلك اليوم الذي سمع فيه وهو في
ن مهاجرًا ،فأراد سلمان مكة إلى يثرب أعلى النخلة بأن رجلًا يزعم أنه نبي جاء من
أ
يتاكد من تلك العلامات الثلاث التي وصفها له صاحب عمورية الطيب "يأكل الهدية
ولا ياكل الصدقة ،بين كتفيه خاتم النبوة لما ،فأخذ سيئًا من الثمر وقدَّمه للرسول على أنه
الثمر على صدقة ،فلم يأكل الرسول منه سيئًا ،فقال سلمان :هذه واحدة ! ثم أتاه ببعض
أنه هدية ،فأكل منه ،فقال سلمان :هذه ثانية ! ثم جاء سلمان ليتاكد من العلامة الأخيرة ،
فوجد رسول اللّه ! بين أصحابه فحياه ثم استدار لينظر إلى ظهره ليرى خاتم النبوة
الذي وصفه له صاحب عمورية ،فلاحظ الرسول أن سلمان يريد أن يتثبت من سعرو
وُصِف له ،فألقى الرداء عن ظهره ،فنظر سلمان الفارسي بين كتفي رسول اللّه ! ،فوجد
خاتم النبوة ! (خاتم النبوة عبارة عن علامة في جسد الرسول تقع بين كتفيه ،وهي تشبه
الشامة بحجم بيضة الحمامة ).
عندها أخذ سلمان يبكي ويعانق رسول اللّه ! ويقبله ،فطلب منه الرسول الكريم أن
يُهدِّأ من روعه وأن يقص عليه حكايته ،فأخذ سلمان يقص على رسول اللّه مج!يِ! مغامرته
منذ البداية في بلاد فارس وحتى تلك اللحظة ،فأعجب رسول الله ع! بما سمع من
سلمان ،وسأله أن يقص حكايته على أصحابه ،فقصًّ سلمان حكايته العجيبة تلك على
أنا عليكم طبقًا لما قصه سلمان نفسه لعبد اللّه ابن اللّه عليهم ،وقصصتها الصحابة رضوان
عباس رضي اللّه عنهم أجمعين.