Page 171 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 171

‫‪171‬‬                                    ‫‪ 00‬أ نحلإأا !ب!د التا ا إبف!‬

 ‫الأندلس إلى حالة من التمزق والتشرذم الرهيب في تلك الفترة التي سبقت تولي عبد‬
  ‫الرحمن الناصر مقاليد الحكم في الأندلس ‪ ،‬ويكفي لكي نبيِّن مدى الضعف الذي‬
‫وصلت إليه الأندلس أن نذكر أن عبدالرحمن الناصر لم يكن مرسحا للإمارة أصلًا‪،‬‬

‫وإنما تقلَّد ذلك المنصب بعد أن رفضه جميع أعمامه وأبناء أعمامه ‪ ،‬لا زهدًا في الحكم‪،‬‬

 ‫بل هربًا من الوضع المزري الذي وصلت إليه الأندلس في تلك الفترة ‪ ،‬فلم يرد أي منهم‬
 ‫أن يكون ذلك الملك الذي سيكون في عهده سقوط الأندلس المتوقع ‪ ،‬فلقد بلغت‬
‫الأندلس من الضعف والتفكك مبلغًا جعل من سقوطها أمرًا حتميًا‪ ،‬بل جعل منه مسألة‬

‫وقمخ لا أكثر‪ ،‬فتولى عبد الرحمن الناصر بالته الإمارة وهو ساب صغير لم يتجاوز‬

‫الواحدة والعشرين من عمره ‪ ،‬ليقوم هذا الشاب الصغير بتغيير مجرى التاريخ الإنساني‬

‫ن‬                          ‫لهذا الشاب‬  ‫‪ ،‬بل في كل أرجاء القارة الأوروبية ! ولكن كيف‬  ‫ليس في الأندلس فحسب‬
                        ‫أ‬

‫يحوِّل حال بلادٍ كاملةٍ مثل الأندلس تحويلًا كاملًا لتصبح أعظم مملكةٍ عرفتها القرون‬

                                                                                               ‫الوسطى على الإطلاق ؟‬
‫الحقيقة أن الإجابة على هذا السوال تكمن في سر اختيارنا لهذه الشخصية‬

‫الإسلامية بالذات لكي تكون ضمن قائمة المائة ‪ ،‬فسر عظمة عبد الرحمن الناصر لا‬
  ‫يكمن في القوة التي سادت عصره ‪ ،‬بل يكمن في الضعف الذي كان سائدًا في بلاده قبل‬

‫مجيئه ! فلو أن الناصر نشأ في بيئة كلها انتصارات ‪ ،‬لما اخترناه من ضمن عظماء هذه‬

‫الأمة ‪ ،‬فالعظماء في كل الأمم ‪ -‬وليس فقط في أمة الإسلام ‪ -‬هم الذين يغيرون من‬

‫وضع سعوبهم من حالة الضعف والهوان إلى حالة القوة والتمكين ‪ ،‬فالمعادن الصلبة لا‬

‫تخرج إلّا من بوتقة اللهب المستعر! ولكي نتعلم نحن كيفية صناعة العظماء في فترات‬
  ‫الضعف التي نعيش بها حاليًا والتي لا تختلف كثيرًا عن الفترة التي نشأ بها بطلنا‪ ،‬يجب‬

‫علينا دراسة حياة هذا القائد الإسلامي جيدًا كي يتسنى لنا استنباط الدروس التي من‬

  ‫خلالها فقط يمكن لنا أن نصنع عبدًا للرحمن ينصر اللّه به حال عباد الرحمن في هذا‬
‫الزمان ! فمن خلال دراستي لحياة هدا الرجل وجدت أن هناك ثلاثة عوامل جعلت منه‬

  ‫قائدًا عظيمًا‪ ،‬أعترها سخصيًا العوامل الأساسية التي يمكن لنا من خلالها صناعة أ ي‬

                                                                                     ‫بطلٍ قادم للأمة؟‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176