Page 178 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 178

‫‪ ،00‬هل عظما ‪ 8‬اهة الاللللا!‬                                ‫‪178‬‬

‫التاريخ في حربهم الشعواء التي خاضوها ضد رموز هذه الأمة ‪ ،‬فأصبحت ثوابت هذه‬
 ‫الأمة في مهب الريح لسنواتٍ عدة ‪ ،‬تملّكت فيها روح اليأس والهزيمة قلوبَنا‪ ،‬فأصبحنا‬

      ‫أجسادا بالية تسكنها أرواح مهزومة في داخلها‪ ،‬فهُنّا على الناس ‪ ،‬بعد أن هُنّا على أنفسنا!‬

‫ولكن كدَيدَن هذه الأمة العجيبة ‪ ،‬وعندما ظن الجميع أنها على وسك النهاية‬

     ‫المحققة ‪ ،‬وبعد أن سمع الجميع حشرجات الموت تخرج من جسدها المهترئ ‪ ،‬حدث‬
                                                                                                          ‫شيء عجيب!‬

‫فقد خرج من بين تلك الضلوع المشلولة مولود جديد تبدو عليه قسمات العظمة‪،‬‬

    ‫يشبه في ملامحه ملامحَ عظماء الأمة السابقين ‪ ،‬إلا أنه لم يجد من يستعين به لقيامه ‪ ،‬فأخذ‬
 ‫يترنح ويتخبط في كل الاتجاهات لا يعرف إلى أين يتجه ‪ ،‬فتارةً يتجه إلى الشرق ‪ ،‬وتارة‬

    ‫يتجه إلى الغرب ‪ ،‬ونارة يأخذه اليأس والغضب ‪ ،‬فيدمر ما حوله نتيجة لذلك ‪ ،‬ليظل على‬
  ‫ذلك الأمر من التخبط حتى سخر اللّه له في السنوات الأخيرة رجالا هبّوا وقاموا قومة‬

‫رجل واحد ليرسدوا ذلك المولود الجديد‪ ،‬فقاموا بإزاحة التراب عن كتب التاريخ‪،‬‬
 ‫ليحذدوا البَوْصلة التي تُرسد ذلك الطفل الوليد إلى الاتجاه الصحيح ‪ ،‬فقاموا بحمل راية‬

  ‫الجرح والتعديل ‪ ،‬ولكن هذه المرة لروايات التاريخ المطوية منذ مئات السنين ‪ ،‬عندها‬
  ‫بدأت ملامح سخصية ذلك الطفل تنمو شيئا فشيئا‪ ،‬كل ذلك بفضل اللّه ‪ ،‬ثم بفضل من‬
‫أحب أن أطلق عليهم اسم "المؤرخين الجدد" ‪ ،‬فهولاء كانوا أصحاب السبق في إعادة‬
‫إحياء هذه الأمة الميتة ‪ ،‬وهؤلاء هم من استعنت بأعمالهم في إيجاد مادة هذا الكتاب ‪،‬‬

‫ناريخيا‪. . . . . . .‬‬  ‫المظلوم‬  ‫بهم لمعرفة حقيقة هذا الرجل‬  ‫وهؤلاء هم الذين استعنت‬

‫وعثمان بن عفان تعرض ناريخه لأقذر عملية تشويه وتزييف في تاريخ البسر‪ ،‬حتى‬

‫بات عثمان في أعين المسلمين أنفسهم ذلك الرجل الانتهازي الفاحش الثراء الذي بنى‬
  ‫القصور له ولأهله ‪ ،‬وانتشرت في عهده المحسوبية ‪ ،‬فجعل أبناء عمومته أمراءً على‬

‫الولايات الإسلامية على حساب بقية المسلمين من العامة ‪ ،‬وسحَّ في عهده العدل ‪،‬‬

‫وانتشر الظلم ‪ ،‬وتعطل شرع اللّه ‪ ،‬فعمّت الفوضى أرجاء الخلافة الإسلامية في عهده ‪ ،‬مما‬
‫أدّى في نهاية الأمر إلى مقتله على أيدي من سمّاهم المستشرقون باسم "الثوار" ! فكان‬

‫ذلك ‪ -‬على حد زعمهم ‪ -‬نتيجةً لظلمه وطغيانه ‪ ،‬وحبّه للمال ‪ ،‬بينما رأى كثير من‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183