Page 329 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 329

‫‪932‬‬  ‫‪ ،00‬نحي!‪! 14‬ب!د التا إي!‬

          ‫الرواية أمران ‪ ،‬الأول هو أن سر ذاكرة البخاري القوية يكمن في فقده لبصره في طفولته‪،‬‬
            ‫فالمعلوم طبيًا أن هناك خاصية عجيبة خلقها اللّه في جسم الإنسان ‪ ،‬ألا وهي خاصية‬

        ‫"التعويض الوظيفي " وتنص على أن الجسم البشري إذا ما فقد حاسة من حواسه ‪ ،‬فإن‬
      ‫قوة الحواس الأخرى تزيد بشكل يعمل على سد الثغرة الحسية التي نتجت عن فقده‬

           ‫لتلك الحاسة ‪ ،‬وهذا ما يفسر قوة السمع والحفظ للطفل الأعمى ‪ ،‬أما في حالة البخاري‬
         ‫فقد اكتسب دماغه أثناء عماه تلك الخاصية الاستثنائية على ما يبدو‪ ،‬ثم ردّ اللّه عليه‬
    ‫بصره ‪ ،‬فصار البخاري يجمع بين ذاكرة الأعمى ‪ ،‬ونظر المبصر‪ ،‬فأصبح إنسانًا استثنائيًا!‬
          ‫أما الشاهد الثاني فهو أن البخاري مختارٌ من اللّه الذي هيأه لهذه المهة الخطيرة ‪ ،‬مهمة‬
         ‫حفظ وحي السماء الذي جاء على صورة أحاديث رسول اللّه ‪ ،‬فهناك خطأ شائع لدى‬
‫البعض ممن يعتقدون بأن اللّه تكفل بحفظ القران فقط بقوله ‪ ( :‬إِنَانَخنُ نَزًلنا اَلذِكأَطَنَالَ‬

      ‫لَجَفِالونَ !!‪ ،‬فالذكر هو الوحي الإلهي الذي نزل على صورة القران !أو الأحاديث‬
   ‫القدسية أو أحاديث رسول اللّه ! الذي لم يكن ينطق عن الهوى (إن هُوَإِلَآوَحْىٌ يوُشَ‬

           ‫!!‪ ،‬وحفظ هذا الذكر يتطلب رجالا يحفظون القراق كعثمان ابن عفان ‪ ،‬ويحفظون‬
       ‫الأحاديث كالبخاري ومسلم ‪ ،‬ويحفظون سيرة الرسول وسيرة أصحابه الذين حفظوا لنا‬

          ‫القران والسنة ‪ :‬وهذا ما قام به أئمة المؤرخين من أمثال الطبري وابن كثير‪ ،‬ويتطلب أيضًا‬
       ‫رجالًا مثلي ومثلك يقومون بالدفاع عن سيرة أولئك كلهم ‪ ،‬والذين نقلوا الإسلام لنا‪،‬‬
       ‫والذين لو استطاع غزاة التاريخ أن ينالوا من سمعتهم وسيرتهم ‪ ،‬لسقط هذا الدين بالكلية‪،‬‬

                                                                                         ‫ولأصبحنا أنا وأنت مجرد قطيعٍ بلا راعيا‬
        ‫وهدْا نالضبط ما نحاول صنعه في هذه السطور القليلة ‪ ،‬فليس الغرض من هذا‬
      ‫الكتاب مجرد سرد الحكايات والقصص المسلية ‪ ،‬بل الهدف الأساسي منه هو الدفاع‬
          ‫عن دين الله في هذه الفترة الزمنية الحرجة التي يحاول فيها غزاة التاريخ أن ينالوا من دين‬
         ‫اللّه بالهجوم على ئوابته ورموزه بعد أن عجزوا لمئات السنين من أن يتخلصوا من‬
       ‫المسلمين أنفسهم بعدما قضوا مئات ال!سنين يحاولون ذلك بمجازرهم ومذابحهم ‪ ،‬فما‬

                                                                           ‫وجدوا إ لا ازديادًا لأعداد المسلمين رغم كل ذلك!‬
         ‫فهناك ظاهرة طفت على السطح في السنوات الأخيرة بالذات ‪ ،‬أحسب أنني لم أسمع‬
   324   325   326   327   328   329   330   331   332   333   334