Page 429 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 429

‫‪942‬‬                                                                            ‫إبف!‬                                                                                         ‫التا‬  ‫نحلإ(‪! 1‬ب!د‬         ‫‪،00‬‬
                                                                                                                                                                         ‫ا‬

‫الحديث عن أسطورة نسرٍ إسلامي عملاق ‪ ،‬انطلق من سماء تونس الصافية ‪ ،‬ليخترق‬

‫بجناحيه حاجز الزمان والمكان ‪ ،‬إننا نتكلم عن سيرة رجلٍ من أعظم العظماء‪ ،‬وأفصح‬

      ‫الخطباء‪ ،‬وأنبل الشرفاء‪ ،‬إنه زعيم تونس الخضراء‪ :‬القائد البطل عبد العزيز الثعالبي‪.‬‬
‫ليس عندي مثقال ذرة من خردل من شكٍ أنه لو كان في زماننا عشرة فقط من نفس‬

‫طينة هذا القائد العظيم ‪ ،‬لتغير وضع المسلمين رأسًا على عقب ! فالثعالبي كان رجلًا‬

‫ي‬                            ‫من‬  ‫دون أن ينتظر مساعدة‬  ‫الإسلام ‪ ،‬من‬   ‫على عاتقه مسؤولية إعادة مجد‬                                                                                                 ‫بأمة ‪ ،‬حمل‬
                          ‫أ‬

‫إنسان ‪ ،‬فلقد كان الثعالبي يسافر بين قفار الأرض و‪/‬جارها وكأنه أحد الرَّعين الأول من‬

‫الصحابة البواسل الذين طافوا فيافي الأرض نشرًا لدعوة رسول اللّه ع!ي! ‪ ،‬فهيا بنا لنسبر معًا‬

                                                      ‫‪.. . . . . .. . . . . .‬‬  ‫الحية‬                                                                                        ‫الإسلامية‬  ‫الأسطورة‬  ‫هذه‬  ‫أغوار‬

  ‫والبداية تبدأ في يوم من أيام سنة ‪ 1 88 1‬م ‪ ،‬حينها افتقدت إحدى الأمهات التونسيات‬
‫طفلَها الصغير‪ ،‬فأخذت تفتش عليه في شوارع مدينة "تونس" العاصمة ‪ ،‬حتى وجدته جالشا‬
‫لوحده على الرمال الناعمة لشواطئ تونس ‪ ،‬فما إن رأت تلك المرأة الصالحة طفلها الذي لم‬

  ‫يتجاوز السابعة من عمره حتى هرعت إليه لتضمه إلى صدرها بلهفة الأم ‪ ،‬ولكنها تعجبت من‬
‫دموعه الغزيرة التي تبلل قسمات وجهه الصغير! عندها ظنت الأم أن أحذا من الأطفال قام‬
‫بضرب صغيرها‪ ،‬فسألته عن سر بكانه ‪ ،‬فنظر الطفل الصغير إلى أمه والدموع تتساقط من عينيه‬

‫ليقول لها بصوتٍ ملائكي ‪" :‬يا أمي ‪ . . .‬لم يضربني أحد‪ ،‬ولكن ألا ترين الفرنسيين يدخلون إلى‬

‫هذه اللحظة‬                       ‫! " ‪ .‬كانت‬  ‫عنها إ لا إذا حاربناهم‬  ‫يرحلوا‬    ‫‪ . . .‬ولن‬  ‫‪.‬‬                                                                                 ‫تونس‬       ‫بلادنا؟ ! إنهم يحتلون‬

‫الإنسانية الفارقة في حياة هذه الطفل ذي السبع سنوات ‪ ،‬هي لحظة ميلاد جديدة لأسطورة‬

  ‫القائد المجاهد عبد العزيز الثعالبي ‪ ،‬فمنذ ذلك الموقف الذي مر به في طفولته ‪ ،‬حمل عبد‬
   ‫العزيز همَّ تحرير تونس من الفرلْسيين‪ ،‬ليتحول هذا الطفل الشجاع إلى شاب مناضل حمل‬

‫راية الكفاح في بلاده ضد جنرالات فْرنسا‪ ،‬والذين احتلوا تونس بنفس الحجة المستهلكة التي‬
‫يستخدمها الغزاة في كل زمان ‪" :‬نشر الحضارة والقضاء على الرجعية إ" ولكن الشيء الذي لا‬

   ‫يعرفه الكثيرون منا أن تونس في ذلك الوقت كانت بلادا مزدهرة علميا وحضاريًا‪ ،‬فقد كانت‬
‫تونس في ذلك الوقت قد خطت خطوات ثابتة إلى الحضارة والعمران على يد (خير الدين‬

‫التونسي ) و(الشيخ محمود قابادو) واخرين ‪.‬لكن ذلك لم يدم إذ سرعان ما سقطت البلافى في‬
   424   425   426   427   428   429   430   431   432   433   434