Page 426 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 426

‫‪ 00‬أ هل لحظما ‪ 4‬اهة الاللللا!‬                                               ‫‪426‬‬

  ‫الطريق ‪ ،‬فقلت في نفسي ‪ :‬كيف لهذه الحمامة أن تعيس وهي في هذه الحالة ‪ ،‬وبعد‬
‫لحظات جاءت حمامة أخرى حاملة بعض الطعام إلى تلك الحمامة العمياء‪ ،‬فقلت ‪ :‬لا‬

   ‫إله إلا اللّه ! إن الذي رزق هذه الحمامة العمياء في جوف الصحراء لقادرٌ أن يرزقني بدون‬
‫أن ألهث وراء الدنيا‪ ،‬فما إن رأيت ذلك حتى قررت أن أرجع بتجارني لأهلي وأولادي "‬

  ‫فنظر إليه صاحبه ووضع يده على كتفه وقال له وهو يحاوره ‪" :‬سبحان اللّه يا أخي ! لم‬
   ‫ترضى على نفسك أن تكون حمامة عوجاء تنتظر طعامها من الغير‪ ،‬ولا ترضى أن تكون‬

                               ‫حمامة قوية تطعم غيرها من الحمام ؟! إلما‪.‬‬

‫وعظيمنا الحالي هو أحد أغنى أغنياء المسلمين في التاريخ ‪ ،‬وأحد العشرة المبشرين‬

‫بالجنة ‪ ،‬وأحد الخمسة العظماء الذين أسلموا على يد الصدّيق (جزاك اللّه خيرا يا أبا‬

‫بيعة الرضوان ‪،‬‬  ‫بكر!)‪ ،‬وأحد الستة أصحاب الشورى ‪ ،‬وأحد البدرفي ‪ ،‬وأحد أصحاب‬

‫الهجرتين ‪ ،‬المصلي إلى القبلتين ‪ ،‬إنه رمز العطاء‪ ،‬وقدوة الأغنياء‪ ،‬إنه الثري‬    ‫صاحب‬

                                 ‫الذي كان يتصدق بلا خوف‪ ،‬إنه البطل العظيم عبد الرحمن بن عوف ‪.‬‬
  ‫وعبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه وأرضاه لم يكن غنئا ومؤمنا فحسب ‪ ،‬بل كان‬
‫عبد الرحمن ابن عوف وأبو بكر الصّديق المخلوقين الوحيدين على وجه الكون الذيْق‬

‫صلى خلفهما رسول العالمين محمد جمي! الذي صلى خلفه جميع الأنبياء والرسل في‬

                                                                                                                ‫رحلة الإسراء الشهيرة !‬

‫وعبد الرحمن بن عوف أراد أن يبهون في خانة العطاء‪ ،‬لا في خانة الأخذ‪ ،‬فعندما‬

  ‫هاجر بطلنا إلى المدينة ‪ ،‬آخى رسول اللّه ع!ي! بينه وبين الصحابي الجليل (سعد بن‬

‫الربيع )‪ ،‬وقد قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة صفر اليدين كغيره من المهاجرين‬
 ‫الأبطال الذين حْلفوا منازلهم وأسواقهم وأموالهم خلف ظهورهم في مكة وتركوها لوجه‬

‫اللّه تعالى ‪ ،‬فعرض عليه أخوه الأنصاري سعد بن الربيع زاحمش نصف ما يملك فاعتذر عبد‬
‫الرحمن بعفاف النبلاء قائلأ‪" :‬بارك اللّه في مالك وأهلك ولكن دلني على السوق " فانطلق‬

‫راحم! إلى سوق المدينة فباع واشترى ‪ ،‬واشترى وباع وما هو إلا زمن قصير فإذا به يصبح‬

      ‫من أرباب الملايين ! يقول الإمام (ابن حجر العسقلاني )‪" :‬خلّف عبد الرحمن بن عوف‬

‫أربع زوجات فورثت كل واحدة ‪ 0000001‬دينار‪ ،‬ومعلوم إن الزوجات يشتركن في‬
   421   422   423   424   425   426   427   428   429   430   431