Page 168 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 168
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ويبنون ،فيوثقون..
فأصبح جمعھم بورا..
وأماھم غرورا..
وبيوتھم قبورا..
أولئك قوم عاد ،ملؤا ما بين عدن الى عمان أموالا وأولادا."..
ثم ارتسمت على شفتيه بسمة عريضة ساخرة ،ول ّوح بذراعه في الجمع الذاھل ،وصاح في سخرية لا
فحة:
" من يشتري مني تركة آل عاد بدرھمين"..؟!
رجل باھر ،رائع ،مضيء ،حكمته مؤمنة ،ومشاعره ورعة ،ومنطقه سديد ورشيد!!..
العبادة عند أبي الدرداء ليست غرورا ولا تأليا .انما ھي التماس للخير ،وتع ّرض لرحمة ﷲ ،وضراعة
دائمة تذ ّكر الانسان بضعفه .وبفضل ربه عليه:
انه يقول:
التمسوا الخير دھركم كله..
وتع ّرضوا لنفجات رحمة ﷲ ،فان للله نفحات من رحمته يصيب بھا من يشاء من عباده..
يستر عوراتكم ،ويؤ ّمن روعاتكم"... " وسلوا ﷲ أن
الناس. منه يح ّذر مفتوح العينين دائما على غرور العبادة، كان ذلك الحكيم
ھذا الغرور الذي يصيب بعض الضعاف في ايمانھم حين يأخذھم الزھو بعبادتھم ،فيتألّون بھا على
الآخرين ويدلّون..
فلنستمع له ما يقول:
" مثقال ذ ّرة من ب ّر صاحب تقوى ويقين ،أرجح وأفضل من أمثال الجبال من عبادة النغت ّرين"..
ويقول أيضا:
"لا تكلفوا الناس ما لم يكلفوا..
ولا تحاسبوھم دون ربھم
عليكم أنفسكم ،فان من تتبع ما يرى في الانس يطل حزنه"!..
انه لا يريد للعابد مھما يعل في العبادة شأوه أن يج ّرد من نفسه ديّانا تجاه العبد.
عليه أن يحمد ﷲ على توفيقه ،وأن يعاون بدعائه وبنبل مشاعره ونواياه أولئك الذين لم يدركوا مثل ھذا
التوفيق.
ھل تعرفون حكمة أنضر وأبھى من حكمة ھذا الحكيم..؟؟
يحدثنا صاحبه أبو قلابة فيقول:
" م ّر أبو الدرداء يوما على رجل قد أصاب ذنبا ،والناس يسبّونه ،فنھاھم وقال :أرأيتم لو وجدتموه في
حفرة ..ألم تكونوا مخرجيه منھا..؟
قالوا بلى..
قال :فلا تسبّوه اذن ،وحمدوا ﷲ الذي عافاكم.
قالوا :أنبغضه..؟
قال :انما أبغضوا عمله ،فاذا تركه فھو أخي"!!..
168