Page 171 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 171
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولكن جميع الذين و ّجه اليھم الحديث يومئذ ختم لھم بخير ،وقضوا نحبھم شھداء في سبيل ﷲ .وما بقي
منھم حيّا سوى أبي ھريرة وال ّر ّجال لن عنفوة.
ولقد ظ ّل أبو ھريرة ترتعد فرائصه خوفا من أن تصيبه تلك النبوءة .ولم يرقأ له جفن ،وما ھدأ له بال
حتى دفع القدر الستار عن صاحب الحظ التعس .فارت ّد ال ّر ّجال عن الاسلام ولحق بمسيلمة الكذاب ،وشھد
له بالنب ّوة.
ھنالك استبان الذي تنبأ له الرسول صلى ﷲ عليه وسلم بسوء المنقلب وسوء المصير..
وال ّر ّجال بن عنفوة ھذا ،ذھب ذات يوم الى الرسول مبايعا ومسلما ،ولما تلقّى منه الاسلام عاد الى
قومه ..ولم يرجع الى المدينة الا اثر وفاة الرسول واختيار الص ّديق خليفة على المسملين ..ونقل الى أبي
بكر أخبار أھل اليمامة والتفافھم حول مسيلمة ،واقترح على ال ّديق أن يكون مبعوثه اليھم يثبّتھم على
الاسلام ،فأذن له الخليفة..
وتو ّجه ال ّر ّجال الى أھل اليمامة ..ولما رأى كثرتھم الھائلة ظ ّن أنھم الغالبون ،فح ّدثته نفسه الغتدرة أن
يحتجز له من اليوم مكانا في دولة الك ّذاب التي ظنّھا مقبلة وآتية ،فترك الاسلام ،وانض ّم لصفوف مسيلمة
الذي سخا عليه بالوعود.
وكان خطر ال ّر ّجال على الاسلام أش ّد من خطر مسيلمة ذاته.
ذلك ،لأنه استغ ّل اسلامه السابق ،والفترة التي عاشھا بالمدينة أيام الرسول ،وحفظه لآيات كثيرة من
القرآن ،وسفارته لأبي بكر خليفة المسلمين ..استغ ّل ذلك كله استغلالا خبيثا في دعم سلطان مسيلمة
وتوكيد نب ّوته الكاذبة.
لقد سار بين الناس يقول لھم :انه سمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول ":انه أشرك مسيلمة بن
حبيب في الأمر" ..وما دام الرسول صلى ﷲ عليه وسلم قد مات ،فأحق الناس بحمل راية النب ّوة والوحي
بعده ،ھو مسيلمة!!..
ولقد زادت أعين الملتفين حول مسيلمة زيادة طافحة بسبب أكاذيب ال ّر ّجال ھذا .وبسبب استغلاله الماكر
لعلاقاته السابقة بالاسلام وبالرسول.
وكانت أنباء ال ّر ّجال تبلغ المدينة ،فيتح ّرق المسلمون غيظا من ھذا المرت ّد الخطر الذي يض ّل الناس ضلالا
بعيدا ،والذي يو ّسع بضلاله دائرة الحرب التي سيضطر المسلمون أن يخوضوھا.
وكان أكثر المسلمين تغيّظا ،وتح ّرقا للقاء ال ّر ّجال صحابي جليل تتألق ذكراه في كتب السيرة والتاريخ
تحت ھذا الاسم الحبيب زيد بن الخطّاب!!..
زيد بن الخطّاب..؟
لا بد أنكم عرفتموه..
انه أخو عمر بن الخطّاب..
أجل أخوه الأكبر ،والأسبق..
جاء الحياة قبل عمر ،فكان أكبر منه سنا..
وسبقه الى الاسلام ..كما سبقه الى الشھادة في سبيل ﷲ..
وكان زيد بطلا باھر البطولة ..وكان العمل الصامت .الممعن في الصمت جوھر بطولته.
171